أنطون سيدهم ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. وقضايا التعليم
هذه صرخة إلي الأستاذ الدكتور وزير التعليم, الرجل الذي أثبتت سياسته وقراراته أنه أكفأ من تولي هذه الوزارة في الأربعين سنة الأخيرة, وهو دائما سريع التحرك لمعالجة أي خطأ, أو أي تصرف غير سليم بالعلاج القوي الشافي, هو نعم الرجل الشجاع الحازم. لذلك فأنا أكتب إليه واثقا تمام الثقة من أنه سيولي هذا الأمر المهم اهتمامه, وسيصلح من مسيرة المدارس التي تقوم بهذه التصرفات الخطيرة وغير المسئولة.
لقد وصلني في الأسبوعين الأخيرين عدة رسائل من بعض الطلبة ومن أولياء الأمور, بل وزارني الكثير من الآباء, شاكين لي وأفواههم مملوءة مرارة, ونفوسهم حزينة من أن بعض المدارس تقوم بفصل الطلبة المسيحيين بها عن إخوانهم المسلمين, وتخصيص فصول خاصة لكل منهما, وذلك بحجة دروس الدين, لقد نشأنا جميعا علي أساس أنه علي الطلبة المسيحيين أن يتركوا الفصل أثناء تدريس الدين الإسلامي, وكذا علي الطلبة المسلمين ترك الفصل أثناء تدريس الدين المسيحي, وأني لأذكر أنني كنت دائما أستأذن أساتذتي في حضور حصص الدين الإسلامي, والإجابة علي أسئلة الأستاذ التي يوجهها إلي إخوتي المسلمين, وكم كان يسر أستاذنا عندما أوجه له بعض الأسئلة عما استحكم علي استيعابه من الدروس في الدين الإسلامي.
لقد نشأنا علي هذا النظام, وربط الحب والأخوة والزمالة بيننا أثناء الدراسة, وبعد أن تخرجنا, وكم كان يفرحنا أن نتلاقي ونتذكر أيام الدراسة العزيزة.
كما أخبرني الكثير من الطلبة وآبائهم أن المدرسة تتعمد إهمال الفصول التي حصر فيها الطلبة المسيحيون, فلا تخت كافية, ولا كراسي للجميع, والبعض يظل طول اليوم الدراسي واقفا متألما, بل وكثير من المدرسين يهمل دخول الحصص للتدريس, فيقضون أغلب الحصص في هرج ومرج وألم لهذا الإهمال الشائن. لقد حدثوني ونفوسهم متألمة عما يلقنه بعض المدرسين للطلبة المسلمين من كراهية بشعة لزملائهم المسيحيين واحتقارهم والإساءة إليهم, وإهانة الدين المسيحي, مما يكون له أسوأ الأثر في نفوس النشء.
إن هذه المدارس التي تقوم بهذه التفرقة وهذا الأسلوب الفظ في معاملة الطلبة المسيحيين, وكذا المدرسين الذين يشحنون نفوس أبنائنا الصغار بالأفكار المسممة ويحفزونهم علي سوء معاملة إخوانهم المسيحيين وإهانتهم, إنهم بذلك يقترفون جريمة بشعة في حق وطنهم وأمتهم إذ يخرجون للوطن شبابا مملوءا بالحقد والكراهية والأفكار الخاطئة, إن هؤلاء المدرسين الذين يقومون بهذه الإثارة يصيبون قلوب النشء بشرخ وجراح لا تندمل في بناء الشعب المصري الهادئ الوديع الذي لم يحدث له مثل هذا التفكك منذ قرون طويلة, إنهم بلا أدني شك قد انعدمت ضمائرهم وتحجرت قلوبهم وخارت وطنيتهم.
إنني أتوجه إلي سيادة الأستاذ الجليل الدكتور حسين كامل بهاء الدين أن يتدارك الأمر بحكمته ويعالجها بوطنيته, ويضع الأمور في نصابها الصحيح, حتي تعود الأمور إلي ما كانت عليه والعلاقات بين الطلبة كما كانت سابقا توثقها مشاعر الأخوة والمحبة والزمالة الحقة.