يقول الوحي الإلهي علي لسان بولس الرسول في رسالته إلي فليبيلأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامهفي3:10 ويقول في سفر المزامير علي لسان المرنم الأعظم داود النبيارجعي يا نفسي إلي راحتك لأن الرب قد أحسن إليك لأنك أنقذت نفسي من الموت وعيني من الدمع ورجلي من الزلقمز116:8
وللوهلة الأولي لايبدو للقاريء أن هناك أي رابط يربط الآيتين لكن لو تأملنا قليلا لوجدنا المرنم يتحدث عن إحسانات الله وبعض مظاهرها سواء كان يقصد بها الموت الجسدي أو الموت الروحي والأدبي بالخطيئة وفي الآية الأولي نري أهم مظاهر إحسانات الله للبشرية وهي آلامه المحيية وقيامته التي أعطتنا الرجاء بعد خروج أرواحنا من سجن الجسد الترابي المائت لذا دعونا نتأمل في بعض إحسانات الله التي كللها بعمل الفداء العظيم وقيامته المحيية.
أولا:إحسانات الله في الوجود فهو موجود منذ الأزل وممجد بذاته وصفاته لكنه أراد أن يحسن للخليقة كلها فأشركها معه في الوجود ورغم أن روحه كانت ترف علي وجه المياه لكنه لم يترك الأرض خربة وخاليةتك1:2 بل أراد إشراك الإنسان معه في الوجود نعمل الإنسان علي صورتنا كشبهنا تك1:26 رغم علمه المسبق بسقوطه.
ثانيا: إحسانات الله في رجاء الخلاص حيث أنه بمجرد سقوط آدم كان الرب قد رسم طريق خلاصه فصنع لآدم وحواء أقمصة من جلدتك3:20 رمز الذبيحة وقال الله للحية راسما طريق الخلاص من نسل حواءهو يسحق رأسك تك3:15 حتي أتي المسيح من حواء الجديدةالعذراء مريم ليسحق رأس الحية القديمة الشيطان بصليبه وظل الوحي الإلهي يؤكد تلك الحقيقة علي مر العصور بمئات النبوات حتي تم الخلاص والفداء للإنسان.
ثالثا: إحسانات الله في رحمته ونري ذلك في حياة أشد الخطاة شرا مثل قايين أول قاتل في التاريخ والذي استجاب له الرب ولم يسلمه للموت رغم قتله لأخيه هابيل البار ورحمته للمرأة المضبوطة في ذات الفعل وإنقاذه لها من عقوبة الرجم وبكل الخطاة علي مر العصور.
رابعا: إحسانات الله في التمسك بوعوده الصادقة ومن ذلك صبرنوح علي سخرية قومه منه ومن بنائه للفلك وإبراهيم الذي تمسك بوعود الله أنه سيعوله عندما يخرج للبرية والمجهول وأنه سيقيم له نسل مثل نجوم السماء والرمل علي شاطيء البحر من مستودع سارة الميت ومعجزة نقل جبل المقطم ثقة في وعد الكتاب بالإيمان الذي ينقل الجبالمت17:20.
خامسا: إحسانات الله في الاستنارة ومن ذلك قصة المولود أعمي الذي نحتفل به في الأحد السادس من الصوم الكبير واستنارة شاول الطرسوسي ليصير بولس الرسول ولونجينوس قائد المائة واللص اليمين .
سادسا: إحسانات الله في عمل الفداء وهذا هو الإحسان الأعظم فلولا الفداء علي الصليب لظل الفردوس مغلقا في وجه الإنسان للأبد ولما كان لنا أي أمل في الملكوت لكننا نترنم كل صباح في القداس الإلهي بعمل الله بعد الصليب قائليننزل إلي الجحيم من قبل الصليب فمن المعروف أن أول بركة بعد الصليب هي إطلاق الأنفس السجينة في الجحيم وفتح باب الفردوس مجددا للإنسان.
سابعا: إحسانات الله في التجارب والضيقات, ومن ذلك أننا نري يد الله عندما لايجربنا فوق ما نحتمل ويعطي مع التجربة المنفذ حتي لو لم نره بوضوح في البداية ونري ذلك في تدبير الله في تجربة يوسف الصديق ونهايتها وتجربة أيوب البار المعزية لكل المجربين وحزقيا الملك الذي منحه الله أن يحيا15 عاما إضافية وفي أيامنا هذه نري يد الله واضحة في وباء كورونا الذي رغم إغلاق الكنائس كليا ثم جزئيا خلق في كل بيت كنيسة وقلوبا تائبة سواء بسبب بعض معجزات الشفاء أو بسبب الوفيات والإحساس بقرب اللقاء مع الله بعد الموت وعن يد الله في التجارب يقول الوحي الإلهي في سفر أعمال الرسل سلمنا فصرنا نحملأع27:15.
ثامنا وأخيرا: إحسانات الله في قيامته فلولا قيامة الرب من بين الأموات ما منحنا الخلاص وما أصبح لنا رجاء في الحياة الأبدية فقد قام بقوة لاهوته ليعطينا الغلبة علي الموت بالقيامة فنصير معه متمتعين بوجوده ونور بهاء ملائكته وقديسيه.
وبعد فهذه بعض وليس كل إحسانات الله للإنسان والتي توجها بالإحسان الأعظم وهو عمل فدائه وقيامته ليمزق صك خطايانا المتوارثة والتي ارتكبناها ويكافئنا بالفردوس ويجعلنا نطمئن علي أرواح الأبرار والشهداء علي مر العصور وأحدثهم الشهيد نبيل حبشي وأنهم نالوا الأكاليل وصاروا شفعاء لنا لنكمل جهادنا ونتمم خلاصنا لنلحق بهم في سماء المجد.. وكل عام وجميعكم بخير…