يا مريم القدّيسة ، يا من حُبل بها بلا دنس ، بدون الخطيئة الأصلية ، صلّي لأجلنا نحن الخطأة الملتجئين إليك بقلوب مفعمة بالندامة .
ما بين ١١ فبراير و ١٦ مايو ١٨٥٨ ، وفِي مغارة بالقرب من بلدة لورد بجنوب فرنسا ، ظهرت العذراء مريـم ١٨ مرّةً لفتاة تبلغ من العمر ١٤ سنة ، اسمها ” برناديت سوبيرو ” وقالت لها : ” أنا التي حُبل بها بلا دنس ” .
العذراء مريـم لم تمسها الخطيئة الأصلية أبداً ، والحبل بها من يواكيم وحنّة كان طاهراً ، وبدون عيب ، وحافظت على بتوليتها وطهاراتها كلّ أيّام حياتها . وهكذا شاء الله ، أن تكون أهلاً للنعمة التي أعدّها لها ، كما قال لها الملاك جبرائيل وهو يُبشرها بولادة يسوع منها بقوة الرُّوح القُدُس : ” لا تخافي يا مريـم ، فقد نِلتِ حُظوةً عند الله فستحملين وتَلِدينَ ابناً فسميه يسوع . سيكونُ عظيماً وابن العلي يُدعى …. ” ( متى ١ : ٣٠ ) .
يسوع إبن الله وكلمتهُ ، هو القداسة بالذات ، كيف يستطيع أن يتجسّد في جسدٍ تلطّخ بالخطيئة ؟ وكلّ جوهر جسده مأخوذٌ من جسد العذراء مريـم الكلي الطهارة والعفاف ؟
ولو كان ، في جسد العذراء مريـم ، تدنّس ولو لدقيقةٍ واحدة بالخطيئة ، لوُجد جسدُ المسيح تحت سلطة الشيطان سيد هذا العالم . وهذا لا يطابق قداسته وألوهيّته ، وبما أنّٰ الله أختارها أن تكون أمَّه ، فقد برّرها وحرّرها من الخطيئة الأصليّة ، ولهذا ومنذ اللحظة الأوّلى من الحبل بها من والدتها حنّة ، منحها الله القداسة والبرارة وكلَّ النِّعم المتعلّقة بها لتلد يسوع . فأصبحت أعجوبةٌ لا نجد مِثلُها بين الخلائق .
أيّتها العذراء الطاهرة إن قلوبنا تفرح وتبتهج ، عندما نرى البرارة متألّقة فوق جبينك .
إنَّنا نشكرُ الله خالقنا لأنّه اختارك من بين النِّساء ، وصانكِ صوناً تاماً من لطخة الخطيئة الأصليّة .
اسمحي لنا يا أُمّ الله وأمتهُ ، أن نمدحك كما مدحكِ الله نفسه في سفر نشيد الأناشيد قائلاً : ” كلّك جميلة ، ولا عيب فيك ” .
نعم، أيّتها الحمامة الطاهرة الناصعة البياض ، كلُّكِ جميلة ولا عيب فيكِ . كنتِ والأن ودائمًا حبيبة الله ، كما قال لكِ هو بنفسه في سفر نشيد الأناشيد : ” كم أنّت جميلةٌ ، يا حبيبتي، ولا عيب فيكِ .
أيّتها الوديعة، والكليّة المحبّة والحنان ، يا مريم العذراء القدّيسة والبريئة من الدنس، أنت التي جذبتِ بجمالكِ نظر إلهك ، لا تتركينا أبداً ، بل القي أعين رأفتك على جراحاتنا وصعوباتنا ومشاكلنا التي نعيشها يومياً . أُنظري إلينا ، وترأفي بنا ، اشفينا من أمراضنا الروحيّة والجسديّة.
يا مغنطيس القلوب ، اجذبي أيضًا قلبوبنا المسكينة والمعذّب إليكِ ، وإلى قلب إبنك لنجد الراحة والسعادة .
أنتِ التي ، منذ الدقيقة الأولى من وجودك ، ظهرت فائقة بالطهارة والجمال أمام الله والبشر ، ترأفي عليَنا . نحن الذين وُلدنا بالخطيئة الملعونة ، وتدنّسنا مرّات كثيرة بعد أن نِلْنا سر العماد المُقدّس بكلّ أنواعٍ الخطايا . فإنّ الله الذي اختاركِ ابنةً له ، ويسوع أُمًّا له ، والرُّوح القُدُس عروسةً له ، وحفظك بريئةً من كلّ خطيئةٍ ، ورفعكِ بمحبّته في الوقت نفسه فوق جميع الخلائق ، فأيّة نعمة ، يمكن أن يحبسها هذا الإله عنك وقد منحك كل النِّعَم والمواهب ؟ فتنازلي ، بحقّ الحبل بكِ بلا دنس ، واستميحي لنا نحن الخطأة غفران كلّ خطايانا الماضية ، واحفظنا أنقياء الان وفي المستقبل وإلى الأبد .
يا مريم القدّيسة ، أنت كليّة الطهارة والنقاوة ولا عيب فيكِ .
يا باب السماء المفتوح على مصراعيه .
أيّتها الأمّ السعيدة، التي أحبّها يسوع المسيح . وأعطانا إيها أُمّاً وهو على الصليب .
إقبلي مِنّا صلاة المسبحة الورديّة والمدائح التقويّة التي نرفعها إليك .
واجعلينا دائماً طاهرين أنقياء ، بنفوسنا واجسادنا.
هذا ما نطلبه منكِ بإلحاح وثقة ، بألسنتنا وقلوبنا.
وبحقّ صلواتك التي تُفرّح قلب إبنك ، إستمدّي لنا النعمة للحياة الأبديّة .
أيّتها الأم الممتلئة تعمةً ، يا مريم أُمّنا و ملكتنا ، التي استمرّت وحدها بدون خطيئةٍ ولا عيبٍ ، صلّي لأجلِنا .