رزقنا الله أياما حلوة من بركته تعالي أن يجمع بين أيام مقدسة للمسلمين والمسيحيين أيام شديدة الخصوصية والتميز علي أكبر درجات التقديس لديهم, نعيشها منذ أيام وتبلغ ذروتها اليوم, يأتي عيد القيامة المجيد مع شهر رمضان واحتفال شم النسيم, كلها أيام فرح ونعمة وتجليات تأتي في وسط وباء قاتل شرس يغتال أحباءنا منذ أكثر من عام, غير حياتنا وتحكم في حرية الحركة وجعلنا أسري خوف لا نعرف متي سنتخلص منه, لكن رحمة الله أكبر
تتجلي حكمة الله القدير في معني الأعياد وأهمية وجودها في حياتنا فدوامة الحياة تأخذنا في ركابها, تحاصرنا المخاوف وتصارعنا الضغوط ثم يأتي عيد من الأعياد فيطلب منا التوقف والتقاط الأنفاس,نأخذ نصيبنا من الفرح بعيدا عن روتين الحياة اليومي, هي دعوة ربانية للفرح برغم قسوة الحياة, ونعود مرة أخري لصعوبة الأيام الحالية, أو لنقل التي نعيشها للعام الثاني علي التوالي, ونسأل الله تعالي ألا ترافقنا للعام الثالث, تأتي الأعياد متقاطعة في هذا الوقت الصعب وكأنها دعوة للفرح المضاعف, يطلب منا الكون أن نفرح ضعف طاقتنا وهي دعوة سماوية للوحدة,الألم والخوف من المرض واحد والفرح أيضا واحد, هي هدنة حقيقية تمنحنا إياها السماء, كي نبحث عن الفرح ونعيش مزاجا جديدا يبحث عن السعادة ولنشكر الله علي نعمة الحياة ونعمة وجود الأحباب والشكر علي كل التفاصيل الصغيرة التي لا ننتبه لها أثناء يومنا العادي في عالم صعب حقا.
الاحتفال بالأعياد المصرية القديمة هي أيضا فرصة لإحياء تفاصيل هويتنا المصرية والتي نحتاجها بشدة في هذا العالم, الذي يدعي التوحد خلف الحلم بعالم جديد, لكنه في الحقيقة يبحث عن مصالح خاصة ويخفي عنصرية مدفونة تظهر وقت الحاجة, الاحتفال بالأعياد الدينية أيضا فرصة للبحث في جذور الهوية المصرية كيف أعطت مصر للإسلام والمسيحية طابعا مصريا خاصا, ومزجت فيه الجذور الخالصة لحضارة هي الأقدم والأعظم, مع ديانات أرادت السلام والمحبة للبشرية, فظلت مصر هي صاحبة البصمة الأكثر عمقا وشعبها هو أكبر المحتفلين بطقوس الديانتين ببهجة خالصة وبإيمان عميق.
تأتي الأعياد هذا العام أيضا بعد حدث عظيم أحيا بقوة حس الهوية المصرية لدي المصريين وهو بالطبع موكب المومياوات الملكية وأعتقد أنها فرصة عظيمة لاستثمار هذا الحس الوطني الذي صحا بشكل فريد لدي المصريين بل والاستمرار في استثماره فنتائجه علي كل المستويات ستكون عظيمة للغاية لقد تحمست أجيال الأطفال والمراهقين والشباب لما لم يتعرفوا عليه سابقا كما يجب, وحان الأوان لتركيز جهودنا علي إحياء وإبراز كل ما يجمع المصريين علي قلب رجل واحد سيوفر ذلك علينا الكثير من الجهد علي أصعدة متنوعة وسيضمن للوطن مستقبلا يعيش فيه أبناؤه في سلام قائم علي التفاهم والتوحد علي قيم ثقافية مشتركة وسيمثل سلاحا ناجعا في الحرب ضد الإرهاب, الذي استهدف هويتنا المصرية قبل أي شيء آخر.
كل عام والمصريون بخير وسلام ورفعة وأمان.