تحويل مجمع التحرير لنموذج يحتذى به في إعادة استغلال الأصول
“ساويرس” يستبعد تحويل المجمع لفندق لقدم طرازه المعماري
خلال شهر أبريل الجاري، استعد الصندوق السيادي لمصر لطرح كراسة الشروط الخاصة بتطوير مجمع التحرير، بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي والعالمي، حيث شهدت مصر استقطاب رؤوس أموال خلال السنوات الثلاث الماضية موجهة بالأساس للاستثمار في البنية الأساسية، وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارا جمهوريًا مؤخرًا بزوال صفة النفع العـام عـن عدد من الأراضي والعقارات من أملاك الدولة ونقلها لملكية الصندوق السيادي لمصر، إذ تضمنت أرض ومبنى مجمع التحرير وأرض ومبــانى المقــر الإدارى لــوزارة الداخليــة (المبنــى القــديم) وأرض الحــزب الــوطنى المنحل بجــوار المتحــف المــصري.
وكانت لجنة “تطوير وإعادة استغلال مجمع التحرير”، قد عقدت اجتماعا لتطوير وإعادة استغلال المجمع، حيث ضمت اللجنة وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، ووزارة السياحة والآثار، إلى جانب وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، برئاسة الدكتورة هالة السعيد، ورئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، وبحث آخر تطورات المشروع.
وعلى مدار السنوات الأخيرة الماضية، طُرحت فكرة إعادة استغلال مبنى المجمع في نشاط استثماري، خاصة مع اتجاه الدولة لنقل الوزارات والمقرات الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة ، وإن كان قد تم بالفعل نقل العديد من المكاتب منها الجوازات إلى العباسية، وإخلاء المكاتب التابعة لوزارة التضامن بالمبنى.
ووجه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، الصندوق السيادي لدراسة آليات استغلال مجمع التحرير، من جانب بعض المستثمرين، ومناقشتهم في العروض المقدمة منهم؛ تمهيداً للوصول إلى أفضل عرض، مؤكداً ضرورة الإستغلال الأمثل لهذا المبنى، الذي يقع في قلب ميدان التحرير والذي صار أيقونة فريدة بعد تطويره.
قال أيمن سليمان الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، إن الصندوق يدرس حاليًا فتح مجالات للاستثمار في مشروعات البنية الأساسية، ولا تقوم رؤية الصندوق على مزاحمة القطاع القطاع الخاص في القطاع العقاري، ولكن التركيز على إعادة استغلال الأصول من خلال الشراكة، وأن التخطيط العام لتطوير مجمع التحرير يتضمن مشروعات تجارية وإدارية ووحدات فندقية ، وأشار ” سليمان ” إلى أن صندوق مصر السيادي أنتهى من تأسيس صندوق فرعي من أجل الاستثمار في البنية الأساسية وأيضًا الاستثمار في القطاع السياحي.
وقال “سليمان” إنه تم تنظيم مائدة مستديرة خلال الفترة الماضية مع المستثمرين وكانت الانطباعات جيدة، وجار العمل على إخلاء المجمع بالكامل كخطوة أساسية لاستكمال الدراسات الفنية اللازمة لتحديد آليات الاستغلال الأمثل، منوهًا أن آليات الشراكة فى مجمع التحرير ستكون واضحة ، وأن الإتجاه العام يتمثل فى استمرار ملكية الصندوق للمجمع وعدم بيعه مع دخول المستثمر للشراكة فى التطوير والإدارة على مستوى الأصل بالكامل.
وقالت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط، ورئيس مجلس إدارة الصندوق السيادى، نخطط لتحويل مجمع التحرير إلى نموذج يحتذى به في عملية إعادة استغلال الأصول وتعظيم العائد منها وضمان حقوق الأجيال القادمة، نافية ما تردد حول كون صندوق مصر السيادي بابا خلفيا لبيع واستثمار مجمع التحرير والأصول غير المستغلة، قائلة : نحن ندير هذه الأملاك، والأرباح ستعود للخزانة العامة للدولة.
وأشارت وزيرة التخطيط إلى أنه تم نقل ملكية مجمع التحرير للصندوق السيادى خلال الربع الأخير من 2020، وخلال أكتوبر الماضى تم دعوة عدد من المستثمرين المصريين والأجانب للإطلاع على الأفكار المطروحة لتطوير المجمع، وبالفعل تفاعل عدد كبير من الشركات المتخصصة، وأبدت الاهتمام بالمشاركة في تطوير المجمع.
وجار الانتهاء من وضع التصور الخاص بكراسة الشروط التي سيتم طرحها على المستثمرين لإختيار من سيشارك في عملية تطوير المجمع خلال النصف الأول من العام الجارى، مشيرة إلى أن مصر تحتل المركز الـ 43 بالنسبة للصناديق الاستثمارية حول العالم؛ بسبب بدء الصندوق السيادي برأس مال مرتفع، فضلًا عن وجود نظام حوكمة جيد، ومراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات وشركتي محاسبة من البنك المركزي على الصندوق.
جذب الاستثمار الأجنبي إلى الصندوق
قال عبد الله الإبيارى رئيس قطاع الاستثمار بصندوق مصر السيادى للاستثمار والتنمية: إن الصندوق يقوم حاليًا بدراسة استغلال مجمع التحرير على ثلاثة محاور وهي دراسة مشاركة لشركات للإدارة لبدء الاستثمار، بجانب الحوار مع عدد من المستثمرين فى القطاع العقارى والسياحي، بجانب الحديث مع ثلاث مجموعات من الفنادق العالمية لوضع رؤية لتطوير المجمع ، موضحاً أن قطاع البنية التحتية من القطاعات الجاذبة للاستثمار الأجنبي ومنها قطاع الكهرباء والمياه والمخازن واللوجستيات وتكنولوجيا المعلومات، مشيرًا إلى أن مصر بذلت مجهودًا ضخمًا بهذا القطاع أثناء فترة التعافي الاقتصادي منذ عام2014 حتى الآن، فعلي سبيل المثال تم إنشاء محطات كهرباء سيمنس الثلاث العملاقة البالغ إجمالي قدراتها 14.4 جيجاوات ومحطات معالجة الصرف وغيرها لإعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى.
وأشار “الإبياري” إلى أن الصندوق يدخل فى شراكات مستمرة ويستحوذ على الأصول التى تعظم العائد على الاستثمار وتحقق أهدافه، لافتًا إلى أن الاقتصاد العالمي غير مستقر حاليًا، ولكن نستطيع جذب الاستثمارات بفضل نجاح الاقتصاد المصري ومشروعات الصندوق ، مؤكداً أن من أهم أهداف الصندوق تحقيق القيمة المضافة و المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال إدارة أمواله وأصوله، أو أموال وأصول الجهات والكيانات المملوكة للدولة، أو الجهات التابعة لها، أو الشركات المملوكة للدولة، أو تساهم فيها والتي يقوم الصندوق بإدارتها وتحقيق الإستغلال الأمثل لتلك الأموال والأصول وفقًا لأفضل المعايير والقواعد الدولية؛ لتعظيم قيمتها من أجل الأجيال القادم، مشيرًا إلى أن الصندوق يهتم بالمشروعات التى تحقق التنمية المستدامة بجانب الربحية كمحطة توليد الطاقة الشمسية بنبان بأسوان والتى تضيف قيمة مضافة وتجذب الاستثمار الأجنبي والمحلي وتحقق أهداف الصندوق.
وبين أن الصندوق يهتم بالاستثمارات المباشرة طويلة الأجل وتابع ” الفرص الاستثمارية مفتوحة أمام الصندوق، ونحن نرى كيفية تعظيم العائد منها وقد يكون تعظيم العائد منها، الطرح فى البورصة”.
ونوه عبد الله الإبياري رئيس قطاع الاستثمار بصندوق مصر السيادي بأن الصندوق قام بإعادة ترتيب أولوياته خلال الفترة الراهنة لتتمشي مع ظروف انتشار فيروس كورونا، فجعل قطاعات الصحة والغذاء والتعليم وما يخص المواطن على رأس أولوياته، فقطاع الصحة وما يرتبط به من الخدمات الصحية وإنتاج الأدوية ومستلزماتها تتصدر اهتمامات العالم حاليًا، كما أن قطاع تصنيع الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي والزراعى وتوصيله إلى مراكز البيع والمستهلكين بجانب ربطه بقطاع تكنولوجيا الغذاء واستخدام أقل للموارد، كتقليل كمية المياه المستخدمة لما يحقق التنمية المستدامة، فلا يوجد تقدم صناعي بدون تحقيق استخدام أمثل للموارد.
وأكد أن الصندوق لا يزاحم القطاع الخاص أو الحكومي فى مشروعاته، بل على العكس، السوق المصرى واسع ويوجد به فرص استثمارية، والصندوق يهدف إلى خلق قيمة مضافة وتحقيق العائد، فإذا لم يتوافر فى المشروع تحقيق القيمة المضافة يتم توجيه جهود الصندوق إلى شراكات أخرى.
وعن دور الصندوق الفترة المقبلة فى تطوير قطاع السياحة، أوضح الابيارى أن الصندوق قام مطلع الشهر الجاري بتوقيع اتفاقية مع المجلس الأعلى للآثار لتحقيق الشراكة مع وزارة السياحة والآثار لإحياء المناطق الأثرية وإعلاء قيمتها التاريخية والاقتصادية ، وأشار رئيس قطاع الاستثمار بصندوق مصر السيادي إلى أن تطوير المشاريع السياحية الفترة المقبلة قد يكون عقاريا بجانب السياحي ، منوهاً إلى أن الصندوق يرتبط بعلاقات قوية مع الصناديق العربية والاجنبية وأنه يدرس حاليا إقامة عدد من المشروعات معهم .
صعوبة تحويله لفندق
واستبعد رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس، المنافسة على مشروع تطوير مجمع التحرير، إستنادًا إلى عدد من التجارب السابقة الخاصة بمثل هذه المشروعات، حيث أكد “ساويرس” صعوبة تحويل مجمع التحرير إلى فندق رغم كفاءة المنطقة الحيوية، بسبب الطراز المعماري القديم.
وكان الدكتور أشرف رضا وكيل كلية الفنون الجميلة، قد وضع تصورًا لحل مشاكل المبنى وإعادة استغلاله كفندق سياحي خمس نجوم، منوهاً أن أفضل استغلال للمبنى هو تحويله إلى فندق سياحي متكامل، خاصة أنه يتوسط ميدان التحرير المجاور لوسط البلد، والتي تضم محلات تجارية متنوعة، تجعل من غير الضروري إنشاء مول تجاري في المنطقة، كما أنه الفرصة الأخيرة لإنشاء فندق كبير بهذا الحجم في القاهرة .. وتضمن التصور المقترح عمل 20 جناحًا فندقيًا في المجمع يحمل كل جناح اسم شخصية تاريخية أو اسم رمز مصري مثل أم كلثوم ونجيب محفوظ .
الجدير بالذكر أن “مجمع التحرير” بميدان التحرير قام بتصميمه المهندس الدكتور محمد كمال إسماعيل عام 1951 على يد الملك فاروق، وهو مبنى إداري لإدارات مختلفة، كان يحتوى على تسعة آلاف موظف حكومي، ويتكون من 14 دوراً، وتكلف إنشائه قرابة مليونَي جنيه وقتها، وتم بنائه على مساحة 28 ألف متر وارتفاعه 55 متراً وبه 1356 حجرة ، ويتميز بالصالات الواسعة والمناور والنوافذ العديدة والممرات الكثيرة بكل دور .