من أجمل وأغلي عطية مجانية منحها لنا رب المجد هو الخلاص المجاني المفرح والذي نترتم به في صلواتنا الشخصية, وفي صلوات الكنيسة… (امنحني بهجة خلاصك) صراخ لداود النبي من أعماق قلبه نطق به في المزمور الخمسين بعد أن سقط في الخطية وجاء النبي ناثان يحذره, وطلب في الرب أن ينتشله من الخطية ويمنحه الخلاص الذي هو مصدر كل بهجة وفرح. هذا الخلاص المجاني الذي تم بصلب وقيامة السيد المسيح ونلناه من خلال سر المعمودية.
لقد عاشت الخليقة كلها من أيام آدم حتي صلب رب المجد في انتظار هذا اليوم وعاشوا علي هذا الرجاء, ومنح الرب رؤي وظهورات لبعض منهم ليفرحوا كما قال رب المجد لليهود عن أبونا إبراهيم أب الآباء أبوكم إبراهيم تهلل بأن يري يومي فرأي وفرح.
حقا إن القيامة هي سر الفرح والبهجة في حياتنا, وحياة كل البشر, ويوضح ذلك لنا إشعياء التي في نبوته عن الحياة الجديدة التي سوف ننالها بعد فداء رب المجد ستكون مليئة بالفرح والبهجة (اش 65: 18) افرحوا وابتهجوا
إلي الأبد في ما أنا خالق لأني هأنذا خالق أورشليم بهجة وشعبها فرحا… ويستكمل ولا يسمع بعد فيها صوت بكاء ولا صوت صراخ…. لأنه هكذا قال الرب: هأنذا أدير عليها سلاما كنهر, ومجد الأمم كسيل جارف, فترضعون, وعلي الأيدي تحملون وعلي الركبتين تدللون. فالله سوف يسكب السلام والفرح والبهجة علي شعبه كما يسقي الفلاح حقله. يرويه من ينابيع أنهار سلامه كما من نهر لا ينصب ويفيض عليه المجد.
نعيش حاليا في عالم مليء بأحداث متلاحقة تملأ حياتنا بالألم والحزن من أخبار انتشار وباء كورونا وضياع كثير من الأحباب بسبب هذا المرض وحروب تندلع بدون داعي إلي أخبار مجاعات وفقر وضياع اقتصاد الدول وشعوب وشركات. ويحاول البعض بأن يرسم الابتسامة علي الوجه وأن يقنع نفسه ومن حوله بأن الحياة مازالت تتمتع بالغبطة والسعادة بينما القلوب من الداخل تئن بحزن مبرح. وهناك آخرون أضعف يلجأون لإدمان الخمر أو يتعاطون مخدرات أو يتكالبون علي الشهوات جاهدين بكل الوسائل المصطنعة أن يخلقوا عالما وهميا بأن دنياهم مازالت تزهو بالمباهج… ولكن كيف يمكن أن يرتوي الظامئ من السراب. ولكن وعود الله صادقة كما يقول القديس أوغسطينوس بأن الله سيفيض عليهم نهر سلام. بهذا السلام الداخلي ننتعش ويشبع الكل منه. ويجعل البشر مساوين للملائكة.
وأيضا من بركات القيامة والفداء التي ينقلها إشعياء في نبوته التي أعلنها قبل مجيء المسيح بمئات السنين أن القيامة مصدر تعزية إلهية.
كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا, إن تعزية الرب هي تعزية فعالة تختلف كليا عن تعزيات الناس التي عبارة عن كلمات خالية من كل قوه مهما استخدم الإنسان أساليب البلاغة وانتقاء الألفاظ التي تعجز عن استئصال الأسي والحزن, ولكن تعزية الله تعزية تمس القلب وتمنح القوة والقدرة وتستطيع أن تنشلنا من القاع وترفعنا إلي العلو لا شك أننا في هذه الفترة جميعا في احتياج شديد للتعزية الإلهية للتغلب علي الظروف التي تمر بنا.
هكذا أيها القارئ العزيز شكرا لرب المجد الذي منحنا بركات قيامته بهجة وفرح تعزية وسلام الذي يفوق كل عقل.. كل عام وأنتم بخير