تطالعنا الصحف الكبري (الأهرام, أخبار اليوم, الأخبار) صباح كل أحد وجمعة بسيل من إعلانات طلب وظائف خالية, وسواء ذلك في سوق عمل المحروسة أو أسواق عمل دول عربية وخليجية, ولعل المتابع أو المهتم بهذا الباب من الإعلانات, حتي ولو علي سبيل الثقافة العامة, سوف يجد مئات وآلاف الجهات الطالبة لموظفين وفنيين وأطباء ومهندسين وعمال, بل وصلت تلك الإعلانات أنها تستدعي للحضور من له صوت جميل ليؤدي في فرقة غنائية, أو حتي راقصات لهن الرغبة في تعليم الرقص الشرقي الذي افتقدناه وأصبحنا نستورد الراقصات من الأرجنتين والبرازيل وأخيرا الروسيات!!
ومع كل ذلك السيل من إعلانات وظائف خالية نسمع بأن مصر بها بطالة إلي أكثر من 15% بل تعلن الأصوات المعارضة بأنها وصلت إلي أكثر من عشرين في المائة وربما تكون المصادر التي تعتمد عليها المعارضة, هي مكاتب تسجيل القوي العاملة (إن كانت موجودة!!), ولكن الحقيقة تقول إن أغلب الشباب في مصر يعملون في قطاعات مختلفة من العمل الخاص ولكن الغالبية العظمي تبحث عن عمل حكومي أو شبه حكومي, ترسيخا لثقافات قديمة مازالت متوارثة ويشار إليها في الأمثلة الشعبية المصرية (إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه)!! وهذا غير حقيقي وغير واقعي, وأشهد أننا في سبيلنا لافتقاد هذا المثل الشعبي حيث طموحات شبابنا من هذه الأجيال الحالية تطمح بأن تمتلك فور تخرجها من الجامعة, سيارة, وشقة, وطبعا قبل تخرجه قد حصل علي الموبايل, وربما الموتوسيكل!!
ولعل أيضا من جانب آخر يسعدني كمصري أن الطلب علي المصريين للعمل بالخارج لكفاءتهم إلا أنه في نفس الوقت يصيبني بألم شديد حيث هؤلاء الشباب حينما تخرجوا من الجامعات لم يكونوا مؤهلين بالقدر الكافي للالتحاق بهذه الوظائف خارج البلاد, إلا أنهم بالتحاقهم بالعمل في مكاتب مهنية أو شركات صناعية مصرية, اكتسبوا من خلالها الخبرة اللازمة, وسرعان, ما يكون تلبية الدعوة للسفر, بخبرات مكتسبة علي حساب (صاخب المخل) المصري!!
فمن ناحية الوطنية, هذا شيء محبب, ولكن من الزاوية المهنية والمصلحة, هذه خسارة كبيرة علي الشركات والمكاتب المصرية, حيث تدفع هذه الشركات في تدريب وفي تأهيل هؤلاء الشباب آلاف الجنيهات ومئات الساعات من العمل غير المجدي بنسبة معقولة لأصحاب الأعمال.
ولكن الراتب المطروح محليا, لا يمكن أن ينافس ما تعرضه الشركات المنافسة العربية لجذب هؤلاء المؤهلين علي حساب القطاع الخاص المصري, لذا وجب الاهتمام بالتعليم الفني والجامعي حتي نستطيع توفير واقتصاد مصروفات لإعادة تأهيل الشباب, وكذلك حتي نستطيع الوفاء بما تطلبه سوق العمل من عمالة مدربة, أما قضية البطالة, فهذا وهم كبير.. انظروا إلي صفحات الإعلانات لطلب الوظائف!