من منّا لم يتأمل أشكال جريد النخيل وهي تعلو أعمدة ومداخل المعابد عند قدماء المصريين في مشهد يتسم بالفخامة والسمو عند زيارة الأماكن الأثرية أو في بعض الأعمدة التي تزين مداخل المتاحف، فكيف ارتبط مشهد السعف عند قدماء المصريين واستمر كل تلك القرون ليستقبلوا به مخلص العالم وملك الملوك.
هذا ما حدثنا عنه سامي حرك الأستاذ في تاريخ مصر القديمة ومؤسس مجموعة حراس الهوية المصرية فيقول:
ديكورات أسقف المعابد غالبيتها من صنع النخيل، وكان للنخيل أهمية خاصة عند قدماء المصريين على كافة الأصعدة فمن حيث المأكولات كان منتجه البلح يستخدم في التحلية لأنه وسطى بعيداً عن التحلية الزائدة من التين فلم يكن معروفا لدى قدماء المصريين السكر، أما من حيث الصناعة فكان يزين غالبية أعمدة المعابد وفي بعض الأدوات أيضًا، وهو ما يدل عليه بعض آثار توت عنخ أمون الموجودة بالمتحف المصري والمزينة بأشكال السعف، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل استخدم سعف النخيل في الكلمات أيضًا، فقد استخدم في كلمة جد، وهي تعطي نفس المعنى المستخدم حاليا وجاءت منها كلمة جدود.
أما عن الاحتفالات، فمعروف عن قدماء المصريين أنه كان لديهم نحو 79 عيداً بعدد الليالي 169 ليلة وكان احتفالاتهم تتم بعد مواعيد العمل، وهي السمة التي لا زالت تتوارثها الموالد الشعبية والمتشابهة إلى حد كبير من احتفالات قدماء المصريين في عناصر الموسيقى والمأكولات والرقص، وفي الاحتفالات كان الأطفال والرجال والسيدات يمسكون بجليد النخل وهو السعف وبالزهور تعبيراً عن سعادتهم وكان النخيل حاضراً بقوة في مدينة هابو في عيد الوادي فهو كان مخصصا ليتبارى فيه المزارعون في عرض أنواع الزهور ومنتجاتهم.
وفي كتاب “اللاليء النفيسة فى شرح طقوس ومعتقدات الكنيسة” يقول القمص يوحنا سلامة، إن شعانين كلمة عبرانية من هوشيعنا ومعناها يارب خلص ومنها أخذت لفظة “أوصنا” اليونانية التي ترتلها الكنيسة وفيها يبارك الكاهن أغصان الشجر من الزيتون وسعف النخل ويجري الطواف الرمزي تذكار دخول المسيح الاحتفالي إلى أورشليم ، وسعف النخل يشير إلى الظفر وإلى الإكليل الذي يهبه الله للمجاهدين المنتصرين فيوحنا الإنجيلي رأى جمعاً كبيراً منتصراً وكان سعف النخيل في أيديهم رؤ 7: 9، أما أغصان الزيتون فتشير إلى السلام وعصيره يشير إلى القداسة لهذا لما أرسل الله نوح الحمامة عادت وفي فمها غصن زيتون اخضر تك 8: 11.