“بنورك نرى نورا” (مز٩:٣٦ ).. السيد المسيح هو نور العالم، هو الكنز المخفى الذى انفتحت عليه عينا ذلك الرجل المولود أعمى.. إنه نور اللؤلؤة كثيرة الثمن التى استحقت أن يتحمل و يواجه لأجلها كل التحديات.. لقد باع كل شئ واشتراها بمجرد ان استشعر شعاعها أمام البصر والبصيرة يتسلل داخل قلبه، قلبه الذى لاشك أنه كان يرقص فرحاً بين أضلاعه “كنت أعمى والآن أبصر” (يو٢٥:٩ ).
من المؤكد أن الرجل قد فرح لأجل بصر الجسد، الذى وقاه ظلام العيش ومذلة الاحتياج إذ أنه كان يستعطى، ورفع عنه عار التعيير ، إذ أنه كان فى نظر اليهود خاطئ كما عبروا قائلين له “فى الخطايا ولدت أنت بجملتك” (يو٣٤:٩ ) و كل واحدة من هذه كانت كفيلة أن تكسر أعتى القلوب والنفوس.
صحيح أن كل هذا يبعث على الفرح الغامر في القلوب، ولكنه مهما توهج لابد وأنه يتناقص ويصير البصر مع الأيام شيئا معتادا.
ولكن الحق أنه مع دخول نور الشمس لعينيه أشرقت فى قلبه شمس أكثر سطوعًا وجمالاً بما لا يقارن “شمس البر والشفاء فى أجنحتها” (ملا٢:٤ ).
لأول مرة يتقابل فيها مع شخص المسيح، تقابل معه كخالق لا بالسمع عنه بل باختبار حى عملى “بسمع الأذن قد سمعت عنك والآن رأتك عيناي” ( أى٥:٤٢) لذلك تفجر فى قلبه إيمان قوى بشخص الرب يسوع إذ رآه بالحق شخصًا فريدًا “مونوجنيس”.. إذ أنه منذ الدهر لم يأت مثله ولا حتى إبراهيم أبو الآباء ولا موسى رئيس الأنبياء، وهكذا عبر قائلاً “منذ الدهر لم يسمع أن أحدًا فتح عينى مولود أعمى لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئا” ( يو٣٣-٣٢:٩).
الرائع فى هذا الرجل أنه كلما زادت مجادلات الفريسيين معه حول شخص المسيح له كل المجد، كلما أفصح عن أعماق إيمانية أعظم إلى أن إنتهى الأمر به للسجود للسيد المستحق كل إكرام، وليس فقط سجود الشكر بل سجود العبادة والإيمان.
سأله الرب يسوع أتؤمن بابن الله؟ أجاب وقال من هو يا سيد لأؤمن به “فقال له يسوع: قد رأيته والذى يتكلم معك هو هو فقال أؤمن يا سيد وسجد له” (يو٣٧:٩).