في جو مليء بالحب والحماس، تعاون طلاب ومدرسي المدرسة البطريركية بمصر الجديدة مع الإداريين ومجموعة من المتطوعين، واجتمعوا على خدمة المحتاجين في إحدى القرى البسيطة بـ”بنها”، فعلى الرغم من تحديات فيروس كورونا المستجد إلا أن الجميع بادر بتقديم المساعدة العينية والمعنوية، لشعورهم بالانتماء والواجب المجتمعي في بذل المرء كل ما بوسعه من عطاء من أجل الآخرين ما دام يستطيع.
“كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم”، بهذا الشعار انطلقت أولى فعاليات فريق together بالمدرسة البطريركية في مصر الجديدة.
شرحت نانسي أيوب، مسؤولة قسم تكنولوجية النظم والمعلومات بالمدرسة البطريركية في مصر الجديدة، والمسؤولة عن مجموعة together ،
لـ” وطني” فكرة اليوم (الذي تم تنظيمه خلال الأسبوع الماضي) وشعاره الذي يتطابق مع شعار المجموعة وهو be the change you want to see in the world كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم.
Together (هي مجموعة أسستها الأستاذة ماري قليني بالاشتراك معها وعدد من الأعضاء، الهدف منها هو التنمية والتطوير للطلبة والمدرسين والمديرين والشركات، عن طريق المشاريع والأنشطة والألعاب والمحاضرات التربوية؛ وذلك لتعزيز روح الفريق والعمل الجماعي، وتعلم قوانين الإدارة).
الأطفال هم المستقبل
وأوضحت نانسي، أن الرحلة في المدرسة البطريركية بدأت بالتلاقي الفكري بين مجموعة together والأب الدكتور فريد عطا، وهو الممثل القانوني للمدرسة البطريركية، حيث أنه يؤمن بالتنمية والحث على ترك أثر داخل الطلاب؛ لإيمانه بأن كل جيل ناشيء هو المستقبل القادم.
ومن ثم، بدأ الفريق بالعمل في المدرسة من مرحلة رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية، عن طريق بعض الأنشطة الصغيرة والورش والمحاضرات والألعاب إلى أن وصلنا إلى ذلك اليوم، وهو يوم خيري يستهدف مساعدة إحدى القرى المحتاجة ببنها.
التمكين الاقتصادي
قدمت الفعالية للقرية في ذلك اليوم “أسِرة ، مراتب، دواليب، ملابس، كراتين تموينية”، فضلًا عن تجهيز طلبة المرحلة الابتدائية لزينة رمضان وسوف يتم إرسالها إلى القرية في أقرب وقت.
ولفتت نانسي، إلى أن الفريق تعرف على القرية بالصدفة، عن طريق أحد الباء (رفض ذكر اسمه واسم القرية)، والذي يؤمن بالفكر التنموي أيضًا، حيث أنه أسس مبنى طبي وورشة نجارة ومشغل، ثم قام بتدريب معظم أهل القرية (مسلمين ومسيحين) على العمل بهم، فيتعلمون أولًا ثم يشتغلون.
الأب فكره التقى معهم في أن هدفه من المساعدة ليس ماديًا فقط، إنما تنمويًا وتربويًا أيضًا.
تحديات كورونا
وأشارت نانس أيوب، إلى أن كورونا لم تؤثر على تنظيم الفعالية سوى في العدد، فقد كانت المدرسة مجبرة على تقليل عدد المشاركين؛ حرصًا على سلامة الطلاب و جميع العاملين بالمدرسة، إلى جانب تطبيق للإجراءات الاحترازية من ارتداء الأقنعة الطبية حتى استخدام الجوانتي والكحول.
وكان الاشتراك في الفعالية بأولوية الحجز ، فمع اكتمال العدد تم غلق باب الاشتراك.
الفكر الخدمي التربوي
وقالت ماري قليني مديرة together (إحدى منظمات الفعالية) : اليوم انهارده عبارة عن مسيرة بدأناها من كذا سنة في مدارس أخرى هدفها الخدمة الاجتماعية، بدأناها بمارثون سنتين مع بعض وعملنا ورش عمل ممكن تبقى حاجات خشبية “أسِرة وطبالي ودواليب وكراتين مواد غذائية”.
وأكدت ماري، على أن الهدف من هذه الفعاليات هو تعليم طلاب المدارس الخدمة المجتمعية، فضلًا عن إرسال هذه المنتجات إلى من يحتاجونها..
وعن الصعوبات التي واجهها المنظمين، قالت ماري: إن الأب فريد (مدير المدرسة) وافق على إقامة الفعالية بالرغم من تحديات فيروس كورونا.
مشيرة إلى أنه مؤمن بالفكر الخدمي، مما سهل المهمة على المنظمين استكمال مسيرة زرع القيم والمباديء في نفوس طلاب المدارس.
وأشارت ماري أيضًا، إلى أن المدرسة تقيم رحلات ترفيهية وتعليمية الهدف منها خلق جيل غير متنمر يشعر بالآخرين .
تنمية مشاعر الأطفال
شرحت فيبي فؤاد (إحدى المشاركات لخدمة الأطفال في الفعالية)، لـ”وطني”، الهدف الرئيسي من إقامة الفعالية وهو تنمية مشاعر الأطفال إلى مساعدة المحتاجين، قائلة: إن المشاركة العينية وحدها لا تكفي، فممارسة التفاصيل في خدمة الآخرين تعكس البهجة والفرحة على الروح وتنمي وتطور وجدان الأطفال.
ولفتت “فيبي”، إلى أن الجودة في هذه الفعالية تأتي في المرتبة الثانية بعد الإحساس، فمن السهل تصنيع المنتج بالكامل خارج إطار المدرسة وإرساله إلى القرى المحتاجة، بينما المشاعر والإحساس بالآخر هو الأهم.
أشارت “فيبي”، إلى أن كل من لديه موهبة يشارك قدر استطاعته، وكذلك من لم يتعرف على موهبته حتى الآن، فالأهم هنا هو مشاركتهم بإحساسهم.
تقدير النعم والرفاهيات
وأكدت شيرين سمير (المسؤولة عن الإنجليزي) في المدرسة، على أن تلك المبادرة الهدف الرئيسي منها هو حث الأطفال على الشعور بالمحتاجين الذين لا يملكون رفاهيات، مشيرة إلى أن الأطفال بحاجة إلى أن يروا الحالات بأعينهم ويخدموهم بأيديهم.
وأوضحت شيرين، أن المسألة هنا ليست مادية، بل أنها مسألة حب وتقدير “لازم يشوفوا الناس عايشة إزاي ويقدروا نعمة ربنا عليهم، ويعرفوا إن الحنفية اللي بتنزل ميه عندهم في البيت بسهولة دي رفاهيات بالنسبة لناس تانية”.
وعن كورونا، قالت شيرين أنها أدت إلى كسل وخمول بعض الطلاب، موضحة من انزعاجها من تدخل كورونا في تحديد أعداد الطلاب المشاركين، ولكنها اعتبرت أن هذه الفعالية كبداية نجاح كبير للفريق، مؤكدة على استمرارهم في تقديم المساعدة وعمل الأنشطة في الفترات القادمة.
مساعدة الآخرين
رحبت نورين (والدة طفلين بالمدرسة) بالفكرة، حيث أن ولديها في الأصل مشاركين بفرقة الكشافة، والتي تُعني بتدريب أعضائها على مساعدة الآخرين.
وأكدت نورين، أن أبناءها حرصوا على المشاركة المادية والمعنوية، حيث أن تلك الفعالية تقام لأول مرة بالمدرسة، مما أثار حب الطلاب وتعطشهم للخروج إلى البسطاء ومحاولة تقديم المساعدة الفعلية لهم.
ومن ناحية أخرى، أكدت نورين أنها لم تقلق أبدًا من مشاركة أبنائها في الفعالية بسبب فيروس كورونا، مشيرة إلى أنها حرصت على ارتداء أبنائها الماسك الواقي وكذلك استخدام الكُحل، مثلما يحدث في أيام الدراسة العادية.
مدرستي تُمثل تكويني
وعبر أمير (أحد طلاب المرحلة الابتدائية)، عن سعادته الكبيرة بمشاركته في الفعالية، ومساعدته للمحتاجين ولو بجزء بسيط من وقته ونقوده.
أما مارتن ووسيم (طالبان في المرحلة الإعدادية)، يرون أن هذه المبادرة قيمة وجميلة، وجعلتهم يشعرون بأنهم جزء من المجتمع وبأن مدرستهم مميزة، مشيرين إلى استمرارهم في الاشتراك بمثل هذه الفعاليات حتى بعد تخرجهم من المدرسة.
ويرى محمد عمر (أحد طلاب المرحلة الثانوية)، أن اليوم بالنسبة له ممتع، استطاع من خلاله أن يشارك في تقديم جزء بسيط من المساعدة لمن يحتاجها، لافتًا إلى أن المدرسة بالنسبة له تمثل تكوينه وأنه حاول فعل ما بوسعه ويأمل في تقديم أفضل مما قدمه في الفعاليات القادمة.
أما زياد (أحد طلاب المرحلة الثانوية)، فيرى أن البسطاء من حقهم اقتناء أشياء تعتبر حق أصيل لهم، مشيرًا إلى أن الدولاب والسرير والغذاء أشياء أساسية يجب توفيرها لمن يحتاجها، متساءلًا “ليه إحنا يكون عندنا وهما معندهمش؟”
وعما تمثله المدرسة له، أكد زياد أنها زرعت فيه كل شيء جميل، وأنه استمد معظم صفاته منها، واصفًا إياها بالمدرسة العريقة وأنه سعيد وفخور بانتمائه لها، خاتمًا كلامه بـ”مكنتش هبقى أنا لو دي مش مدرستي”.