رصد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، الأكلات المرتبطة بشهر رمضان وحظيت الكنافة والقطايف بمكانة مهمة في التراث المصري والشعبي.
وقد بدأت الكنافة طعامًا للخلفاء إذ تُشير الروايات إلى أن أول من قُدم له الكنافة هو معاوية بن أبي سفيان زمن ولايته للشام، كطعام للسحور لتدرأ عنه الجوع الذي كان يحس به ولقد تغنى بها شعراء بني أمية في قصائدهم. ويقال إن ابن الرومي كان معروفًا بعشقه للكنافة والقطايف وتغنى بهم في شعره وأصبحت بعد ذلك من العادات المرتبطة بالطعام في شهر رمضان فى العصور الأيوبي والمملوكي والعثماني والحديث باعتبارها طعامًا لكل غني وفقير مما أكسبها طابعها الشعبي.
وعن “أم علي” يشير الدكتور ريحان، إلى أن أم المنصور وهي «أم علي» زوجة الأمير عز الدين أيبك أول سلاطين المماليك الذي تزوج السلطانة شجر الدر بعد موت زوجها الملك الصالح نجم الدين أيوب والتي تزوجته بسبب رفض مماليك الشام أن تتولى حكمهم امرأة وكان عز الدين أيبك متزوجًا من أم علي قبلها وفكّر في أن ينصبها ملكة على مصر بدلًا من شجر الدر فغضبت شجر الدر وانتقمت منه فقامت ضرتها أم علي بتدبير مكيدة ضدها وقتلتها هي وحاشيتها بالقباقيب، ثم نصّب ابنها علي بن عز الدين أيبك سلطانًا وقد احتفلت أم علي بالمناسبة وظلت تقدم لمدة شهر طبق من السكر واللبن والعيش للناس ومن هنا أطلق على الطبق “أم علي” وبهذا الحفل الدموي الانتقامي دخل هذا الطبق الشهير إلى المطبخ المصري ومنه إلى العربي بشكل عام وهذه الحلوى المصرية تقدم ساخنة، وهي مزيج من الحليب ورقائق الخبز مع المكسرات تقدم بالصينية وفي غرب العراق تسمى بالخميعة ويفضل إضافة الزبدة أو الدهن الحيوانى لجعلها تكتسب دسمًا أما في السودان فتسمى بـفتة لبن واشتهرت في السعودية وتقدم في الحفلات الكبيرة كحفلات الزواج والبوفيهات المفتوحة.
وللقراصيا حكاية طريفة يرويها الدكتور ريحان من خلال قراءة في دراسة الباحث المتخصص في الآثار الإسلامية أبو العلا خليل عن قصة إخلاص يعقوب بن كلس وزير الخليفة الفاطمي العزيز بالله أنه دخل عليه ذات مرة فرأه مهمومًا فلما سأله عن السبب، قال العزيز: إني أشتهي القراصيا وهذا موسمها في دمشق فخرج ابن كلس وأرسل رسالة بالحمام الزاجل إلى الوالي هناك يطلب منه إرسال القراصيا على أجنحة الحمام الزاجل فجعل في جناح كل حمامة حبة من القراصيا وكان الحمام بالمئات فلم تمض ثلاثة أيام على حديث العزيز حتى وصل الحمام فجمع الوزير القراصيا في طبق من ذهب وقدمه إلى الخليفة العزيز فسر بذلك، وقال له مثلك من يخدم الملوك وفي عام 380هـ توفى ابن كلس وكانت آخر كلماته في حشرجة الموت “لا يغلب الله غالب “وكفنه العزيز في خمسين ثوبًا منها ثلاثون مسرجة بالذهب وألحده بنفسه وأقام المأتم على قبره ثلاثين يومًا يقرأ فيها القرآن وكان عليه ستة عشر ألف دينار سددها عنه العزيز للدائنين على قبره وقد تسببت القراصيا فى تكريم يعقوب بن كلس حيًا وبعد وفاته.