**أكتب إليكم ونحن نعيش أيام الصوم الكبير أقدس أيام السنة وربيع الحياة الروحية…كلنا نعيش حلاوة هذه الأيام في رحلة فرح وجهاد, لكن مع أصدقائناصناع الخير في رحلاتنا معهم ومع أصدقائنا المرضي والمتألمين يكون لرحلاتنا في أيام الصوم مذاق أكثر حلاوة…عشنا هذا ولمسناه وتدوقناه لأكثر من ثلاثين عاما في رحلات متواصلة معهم أيام الصوم المقدس…وعندما تساءلت منذ سنوات عن سر هذهالحلاوة التي تطغي علي رحلاتنا في أيام الصوم جاءتني الأجابة في كلمات للقديس أوغسطنيوسأتريد أن ترفع صلاتك إلي الله ليكن لها جناحان الصدقة والصوم…ويومها عرفت الإجابة واكتشفت السر.
**لم تكن هذه هي الأجابة الوحيدة توالت الإجابات…فكنيستنا عندما رتبت منذ القرن الرابع الميلادي القراءات الكنسية-القطمارس-وهي الفصول الكتابية المختارة من أسفار الكتاب المقدس, وتقرأ في القداس الإلهي مسايرة للمناسبات اختارت لأحد الرفاع الذي نستهل به أيام الصوم المقدس فصلا من إنجيل معلمنا متي البشير والذي يبدأ بقولهاحترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينتظرونكم, وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات, فمتي صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق, كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة… وأما أنت فمتي صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك لكي تكون صدقتك في الخفاء, فأبوك الذي يري في الخفاء هو يجازيك علانية… ثم يمضي الإصحاح(6:1-18) فيحدثنا عن ماذا في الصلاة ثم في الصوم وتبقي البداية الصدقة…وهذا-كما قلت في البداية- ما نعيشه مع أصدقائنا صناع الخير في أيام الصوم المقدس, وتنذوقه في صدقاتهم وعطاياهم.
**مصادفة أن تأتي كلماتي من ذكرياتي ورحلاتي مع أصدقائنا صناع الخير وأصدقائنا المرضي والمتألمين في أيام الصوم المقدس مع الأحد الخامس ومع نهاية شهر مارس من هذا العام,وهو في أصول المحاسبة تعني ربع سنة, وهي الفترة الزمنية التي يعد عنها كشف حساب لتكون الرؤية واضحة عما قطعناه من عمل وعما نحن قادمون عليه.
حقيقي- وأعترف لكم عن تجربة معاشة- أن العمل في حقل الخير لايحسب بالأرقام ولا بالجمع والطرح, العمل يحسب بعطاء الرب وتحننه …ما من مرة كتبت عن صديق يتألم ويحتاج إلي مبالغ كبيرة تفوق رصيدنا فيصندوق الخير إلا وانهالت العطايا… القائمة طويلة.
ويكفي هنا أن أسترجع معكم رحلتنا مع الصديقإيمانويل الذي فقد كل حواسه في حادث سيارة, ولم يكن أمامنا طريق لإنقاذه إلا السفر إلي ألمانيا في رحلة علاج طويلة وبمجرد أن كتبت عنه انهالت عطايا القراء, وتجمع لدينا نحو مليون جنيه, وسافر صديقنا إلي ألمانيا وهو الآن يتحدث في كل مكان عن عمل الرب معه, وصار رجل الله في هذا الزمان.
**دعوني أعود إلي لغة الأرقام لتشاركوني عن قرب العمل في حقل الخير… حقيقي أنه يعتمد علي أبواب السماء التي لا تعرف أرقاما ولا حسابات.
لكن الرب علمنا أيضا من منكم وهو يريد أن يبني برجا لا يجلس أولا ويحسب النفقة, هل عنده مايلزم لكماله (لو 14:28)
لهذا رأيت أن يكون حديثي إليكم اليوم بلغة الأرقام, أصدق اللغات وأكثرها وضوحا وشفافية.. الأرقام تقول إن إجمالي ما جاء إلي صندوق الخير من عطايا أصدقائنا صناع الخير علي امتداد الشهور الثلاثة الماضية من هذا العام ـ 2021 ـ كان 42830 جنيها نشرنا تفاصيلها في الأعداد السابقة من وطني وحتي القائمة المنشورة هنا والتي تختتم بها حسابات الربع الأول من هذا العام (يناير/ مارس 2021).
وعلي الجانب الآخر وأن ما تم صرفه علي أصدقائنا المرضي والمتألمين خلال ذات الفترة بلغ إجمالية 49433 جنيها, وبحسبة بسيطة فإن ما تم صرفه يفوق ما تجمع بما يزيد عن 6000 جنيه, ونشكر الرب أن لدينا من فائض أرصدة الشهور والسنوات الماضية ما يكفي لسد هذا العجز.. لكن الأهم هو القادم حتي لا يعود مريض بلا دواء, ولا نترك متألما يئن بلا شفاء.. أقول هذا بملء الثقة أن الله لم يعطينا روح الفشل بل روح القوة والقدرة والنصح ـ (2 تي 1:7).
** عندما أدعوكم اليوم لتشاركوني الرؤية, لا أقصد أن أحدثكم عن عطاياكم فهي من عند الرب, لكن أقصد أن أضع أمامكم حقيقة الارتفاعات الباهظة في تكاليف العلاج, وإجراء الجراحات, وأسعار الأدوية بصورة صارخة, وهو ما دعاني لأكتب إليكم بصراحة وشفافية طالبا صلواتكم, فشفاء كل أصدقائنا المرضي الذين طرقوا أبواب وطني يلتمسون الشفاء, ما كان لهم هذا لولا صلواتكم.
فليكن لنا صوما مباركا, وليكن لنا صلاة مستجابة, وليكن لنا صدقة مقبولة, وليكن لنا الطمأنينة في مثال الرب يسوع عندما أرسل تلاميذه للخدمة, ولما عادوا حدثوه بلك ما فعلوه, وعندما وجدهم فرحين بالمعجزات التي تمت أرشدهم قائلا لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم, بل افرحوا بالحري أن اسماءكم كتبت في السموات.