لاقى حفل نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة، إشادات مبهرة خارج مصر وداخلها، إذ تناولت وكالات عالمية وموقع إخبارية أجنبية ضخامة الحدث ودقة التنظيم عبر وسائلها المختلفة.
على الجانب الآخر كان هناك جنود مجهولة وراء كواليس إخراج الحفل بهذا الشكل كوكبة متميزة من أبناء مصر العظام تعب وسهر وعملوا واصلوا الليل بالنهار حتى يكتمل العمل ويكلل مجهودهم بنجاح موكب المومياوات الملكية من الانتقال من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط، منهم: المهندسة ماريا يونان والتي عملت بجهد عظيم حتى تم انطلاق الموكب.
وهي مهندسة معمارية تخرجت من كلية الهندسة جامعة حلوان عام ٢٠١١ بتقدير جيد جدًا و امتياز بمشروع التخرج، وحصلت على دبلومة في التصميم الحضري عام 2012. وعملت في مجال الإضاءة منذ أن تخرجت و حتى العام الحالي 2021لمده عشر سنوات متواصلة في مجال تصميمات الإضاءة المعمارية الداخلية و الخارجية، قامت خلالها بعمل تصميمات إضاءة لمشروعات عده بالقاهرة الكبرى والمحافظات.
وعن دورها في احتفالية نقل المومياوات، قالت المهندسة ماريا يونان: كان دوري في الاحتفالية، هو تصميم الإضاءة المعمارية الثابتة لميدان التحرير والمباني المحيطة و المتحف المصري، وهذا الجزء تم الانتهاء من تنفيذه قبل الاحتفالية بـ٦ أشهر.
وتضيف ماريا يونان موكب المومياوات: أهم المشاريع التي عملت بها دار الأوبرا المصرية بالعاصمة الإدارية و مشروع استاد قناة السويس الجديده و هم حاليا في إطار التنفيذ.
وعن الصعوبات والمعوقات التي اعترضت طريقها أثناء العمل في موكب المومياوات، أوضحت ماريا يونان كنت بشتغل على منطقة ومباني قائمة بدون أي رسومات أو تفاصيل أو مقاسات و هذا كان تحدِ كبير، والتحدي الذي واجهناه في مرحلة التنفيذ.
أولًا: معظم المباني التي قمنا بتصميم الإضاءة لها ارتفاعها عالِ وكنا لا نريد أن نوقف المنطقة فأنتم تعلمون مدى حيوية المنطقة، فاستخدمنا manlift “الفني المعلق بحزامات الأمان ” و غير هذا كنا في وقت السيول و بعدها جائحة الكورونا و بعدها الحظر، كل هذه كانت عوائق كبيرة و لكن تغلبنا عليها و تم التنفيذ و سلمنا المشروع في وقته.
هذا هو التحدي الذي قابلته في مرحلة التصميم، وقامت شركة سيراج للإضاءة بتنفيذ تصميمي في الإضاءة المعمارية الثابتة للميدان والمباني والمتحف المصري، أما عن إضاءة الموكب و العربات، فهي ليست من تصميمي.
وتضيف المهندسة ماريا يونان: تم ترشيحي من قبل شركتي لعمل تصميمات الإضاءة المعمارية للمتحف المصري و ميدان التحرير و المباني المحيطة به، و قامت بإنهاء التصميمات المطلوبه في وقت قياسي قدره أسبوعان، و قامت بعرضها في اجتماع سيادة الأستاذ الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء.
و في حضور كلاَ من وزير الاّثار والسياحة ووزير الإسكان و لفيف من الأساتذة المسؤولين، حيث لاقت التصميمات استحسان وإشادة و إعجاب و موافقة فورية على تنفيذها كما لاقت توصياتها، بخصوص التنفيذ استجابة سريعة، وتقوم فكرة التصميم على أن نجعل المكان ينطق بما فيه من جمال معماري وحضاري وتتمحور هذه الفكرة حول ٣ نقاط :
أولًا:أن تتم الإضاءة للمكان بكاملة بروح واحدة لينتج صورة جمالية و كأنها مرسومة بريشة فنان.
ثانيًا: إضاءة كل مبنى على حده لتجسيد الوظيفة المعمارية له، مثلًا: إضاءة المتحف بالطبع مختلفة عن إضاءة العمارات السكنية.
ثالثًا: تم إضاءة المباني، باستخدام استراتيجية، ” architecture lighting” و هذة الخاصية تعتمد على إضاءة العناصر المعمارية الموجودة و إظهار الطراز المعماري لكل مبنى.
وأشارت المهندسة ماريا يونان، إلى أنه تم عرض مجموعة من التوصيات الخاصة بالتنفيذ، و هي إزالة الإعلانات أعلى المبانى و تغيير كشافات إضاءة الشوارع لإبعاد التأثير المشوش على إضاءة الواجهات، وبالفعل تمت الاستجابة لتنفيذ هذه التوصيات.
وعن مرحلة اختيار نوعية وشكل الكشافات، تضيف ماريا يونان، مرحلة اختيار الكشافات تمت تحت إطار معين للحفاظ على المباني القديمة أو الأثرية مثل المتحف المصري و الجامعة الأمريكية و جامع عمر مكرم و وزارة الخارجية… إلخ.
وعن إحساسها بعد المشاركة في هذا المشروع الوطني الكبير، أضافت، أولًا: أنا ممتنة جدًا لشركتي التي أعمل بها أنها أعطتني الفرصة و رشحتني للعمل بمشروع وطني كبير كهذا المشروع وهو تصميم إضاءة ميدان التحرير والمتحف المصري والمباني الموجودة بالميدان.
و ثانيًا: فخورة جدًا بالعمل اللي قدمته و شاهت ثماره على أرض الواقع، و طبعا أتمنى أن أشارك دائمًا في أي عمل يخدم بلدي مصر.
أما عن رد فعل الناس فكان غير متوقع بالنسبة لي ووصلني رسائل كثيرة جدًا، فمعظم الناس كانت معتقدة أن الذي قام بالاضاءة المعمارية للميدان و مبانيه و المتحف المصري هي شركة أجنبية.
وأضافت المهندسة ماريا يونان عن خدمتها بالكنيسة: أنا بخدم منذ ثمانِ سنوات في قطاع طفولة بكنيسة مارمرقس بالنزهة الجديدة 2.
ومن النماذج المشرفة أيضًا، والتي عملت بموكب المومياوات مهندس الديكور محمد عطية المصمم والمشرف الفني على ديكورات احتفالية موكب نقل المومياوات وهو صاحب فكرة عربات نقل المومياوات، حيث ساعدت هذه العربات في ظهور الموكب بهذه الصورة الرائعة التي أبهرت العالم أجمع.
تم تكليفه بتصميم عربات نقل المومياوات الملكية، ونفذ تصاميمه بالتعاون مع 35 مهندسًا ونحو 700 شخص لتنفيذ العربات الملكية.
شكل عربات نقل المومياوات الملكية
ويقول المهندس محمد عطية جاء تصميم عربات نقل المومياوات الملكية بالطراز الفرعوني، ليرتبط بالحدث، حيث تم تصميم العربات بشكل مختلف لم يسبق له مثيل، فهناك وعلى أعلى العربات صناديق زجاج لحفظ المومياوات.
وجاءت جميع عربات نقل المومياوات تحمل اسم كل ملك الذي تحمله بثلاث لغات وهي العربية والإنجليزية إضافة إلى اللغة الهيروغليفية، ووصل عدد عربات نقل المومياوات 22 عربة تحمل أسماء المومياوات.
وعن تصميمها الداخلي والخارجي، يضيف محمد عطيه: التصميم الداخلي، كانت العربات تحتوي كبسولة نيتروجين التي تحافظ المومياء من أي عوامل خارجية أثناء نقلها من داخل المتحف المصري بميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة بمنطقة الفسطاط.
والتصميم الخارجي، تم تصميم الهيكل الخارجي بجموعة مختلفة من الأخشاب، بشكل فخم لتناسب فخامة ملوكها من القدماء المصريين، يجمع بين الحضارة المصرية القديمة، بلمسة عصرية فنية.
ويضيف محمد عطية: هناك تحديات واجهته منذ تكليفه بتصميم ديكورات موكب المومياوات، بداية من أن التفكير في تنظيم الاحتفالية ومنذ تم إبلاغه بالمهمة من قبل الشركة المنظمة للاحتفالية، حيث أنه أبلغ باحتفالية لنقل 22 مومياء أثار مخاوف كثيرة حول دقة العمل وتفاصيله.
أولًا:هل سيكون الديكور خاص بمصر القديمة فقط؟ أم سيتم مزجه بما نعيش فيه في عام 2021 وإحداث مزج فني بينهما، ومن ثم كان الدمج بين فكرة الحداثة والمعاصرة مع الالتزام بالموروث الحضاري الخاص بنا في الحضارة الفرعونية .”
ثانيًا: أن الحدث لا يخص موكب أو حدث ثابت في مكان مغلق، لكنه حدث متحرك يجوب شوارع القاهرة في مساحة 8 كيلو على مدار 45 دقيقة ومن هنا كان التحدي الثاني أن نتابع مسيرة هذا الموكب، بالإضافة إلى فكرة تصميم العربة في حد ذاتها .
وعن تحويل العربة من شكلها العادي إلى الشكل الذي شاهدناه، أوضح محمد عطية أن ذلك جاء بسبب عدة أمور أولها أن تتماشى العربة المصممة مع مشهد العربات المعتاد في المشهد الجنائزي في مصر القديمة، بالإضافة إلى إضفاء تفاصيل خاصة باللوجو الذي تم تصميمه.
وتابع: تمت إضافة هيكل حديدي على السيارة العادية، ثم تم تغطيتها بهيكل خشبي، ثم تصميم الديكورات ورسم النقوش الفرعونية، والتي خضعت لمراجعة ودراسة وبحث لتحري الدقة بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار عبر الاستعانة بالأخصائيين في الوزارة وعلى رأسهم وزير الآثار الدكتور خالد العناني الذي تحرى الدقة التاريخية علمياً كمرجعية صحيحة ”
وقد قام الفنان حسين بخيت، مواليد عام 1988، ابن مركز قوص بقنا، بتنفيذ ديكور سيارات نقل المومياوات الملكية.
وأكد محمد عطية، أن كل مايخص الموكب كان تحت إشراف فريقه، بداية من الإكسسورات إلى الملابس حتى وصول الرحلة لمتحف الحضارة.
وعن عن أهم الأعمال التي شارك في تنفيذها مهندس الديكور محمد عطية:
شاركت في العديد من الأعمال لأنني أنفذ ديكورات للسينما والمسرح معا، ومن أهم الأعمال فيلم “الفيل الأزرق” و”الدوبلكس فاهيتا”، كما شاركت في تنفيذ ديكور العاصمة الإدارية الجديدة وأخيرًا حفل نقل المومياوات الملكية.
أهم الصعوبات التي واجهتنا في التنفيذ تمثلت في العامل النفسي، فهذا حدث عالمي ينتظر مشاهدته العالم، فالدقة والتقنية والأداء والإحساس كانت عوامل لإزالة الصعوبات. أما الصعوبات التي واجهتنا واستطعنا التغلب عليها، هي عملية تأجيل عملية نقل المومياوات لأكثر من مرة بسبب جائحة كورونا، والتصميم كان فيه درجة كبيرة من الصعوبة لم نواجهها من قبل، خاصة اللمسات الأخيرة وإضاءة عربات الملوك وبطاريات شحن الكهرباء.
وهذه المرة كان هناك اهتمام كبير فكل القيادات تتابع كل صغيرة وكبيرة في الأمر.