نظم مركز “بي لمباس” للدراسات القبطية بكنيسة السيدة العذراء مريم بمهمشة، برئاسة وحضور نيافة الحبر الجليل نيافة الأنبا مارتيروس أسقف عام منطقة شرق السكة الحديد، اللقاء الشهري المعتاد، حيث استضاف المركز الدكتورة امال جورجى مدير المتحف القبطى سابقا ، والتى القت محاضرة قيمة عن “الملابس الكهنوتية بالكنيسة القبطية”.
بدأ اللقاء بصلاة افتتاحية قادها نيافة الأنبا مارتيروس، ثم رحب نيافتة بالحضور الكريم، وقام المهندس أشرف موريس منسق اللقاءات بالمركز بالتنوية عن المحاضرة، وتقديم الدكتورة آمال جورجي والتي بدأت المحاضرة بتعريف” الملابس الكهنوتية” بقولها إن المقصود بالملابس الكهنوتية هو مايرتديه الكاهن أو الأسقف في الصلوات الكنسية “صلاوات القداس الإلهي”.
وفي بداية كلمتها، أكدت الدكتورة آمال جورجي، قاعدة هامة، وهي أن الكنيسة القبطية هي كنيسة طقسية تقليدية بمعنى:
أولاً: من ناحية أنها طقسية يعني كل أمر فيها ينتمي إلى طقس معين ولم يأت فيها شيء بمحض الصدفة.
وأوضحت أن كلمة طقس، كلمة يونانية بمعنى نظام أو ترتيب، وهناك أمثلة كثيرة لذلك ففي حامل الأيقونات، لابد أن تكون ايقونة السيدة العذراء على يمين السيد المسيح طبقا لما جاء في مز 45:9 جلست الملكه عن يمين الملك.
مثال آخر، وجود شمعدانين على المذبح أحدهما على اليمين والآخر عن اليسار, إشارة إلى الملاكين الذين كانا عن قبر السيد المسيح أحدهما عن الرأس والآخر عن الرجلين يو 20:12
ثانياً: من ناحية أنها كنيسة تقليدية أي أنها تنتمي إلى التقليد سواء كان تقليد شفاهي أو تقليد مكتوب.
والتقليد الشفاهي، هو ما سلمه السيد المسيح لتلاميذه خلال ثلاث سنوات عاشها معهم في فترة تجسده على الأرض, إضافة إلى الأربعين يوما بعد قيامته المجيده طوال هذه الفترة أسئلة وأجوبة وحوارات، لذلك فإن كلمة “الحواريين” ليست دخيله على التلاميذ لكنها نسبه إلى حواراتهم مع السيد المسيح.
هذه الأمور لم تكتب في الكتاب المقدس لكنها وصلت لنا عن طريق التسليم.
لم نجد في الكتاب المقدس شيئا عن رتب الكنهوت, ولا عن الملابس الكهنوتية، ولا عن تدشين الكنائس, ربما الكثير منا لايعلم أن أول تدشين تسلمه الرسل من السيد المسيح نفسه حينما أخذتهم سحابه مع السيده العذراء ورؤساء الملائكه ميخائيل وجبرائيل لتدشين كنيستها الطاهره في جبل قوسقام, فكان هذا التدشين هو أول تدشين لأقدم كنيسة في العالم فأصبح نموذج وضع المسيح أساسه، وتقليد يحتذى به في كل كنائس العهد الجديد, هذا بالاضافه لامور اخري كثيره تسلمها الرسل شفاها ثم سلموها لآباء الكنيسة الأولى إلى أن وصلت إلينا.
أما عن التقليد المكتوب “الدسقولية” وهي تعليم الرسل, وقوانين الرسل، وقوانين الآباء الكبار, وقوانين المجامع المسكونية، ومن أهمها قوانين مجمع افسس سنه 431, وأقوال الآباء وهي المعروفه “بالترولوجيا” و ماتركته الكنيسة الأولى في سائر فنونها وعلي الأخص الأيقونات، والفرسكات, واللوحات الجدارية أو الرسوم الحائطيه، والأيقونات.
وأوضحت الدكتورة آمال جورجي لماذا تخصص ملابس معينة للكهنوت؟
فإذا رجعنا لسفر الخروج الإصحاح الثامن والعشرون نجد الأمر الإلهي لموسى النبي بأن يصنع ملابس خاصه لأخيه هارون ليكهن بها وليس هذا فقط بل يؤكد أن تكون هذه الملابس بالبهاء والمجد اللئقين فعملوها من الكتان والاسمنجوني والذهب والاحجار الكريمة
كما أن تخصيص ملابس للكهنوت فيه احترام لهذا السر العظيم, وتبيان لسلطانه.
وحينما يخلع الكاهن ملابسه العاديه ويرتدي ملابس خاصه في صلوات القداس الالهي فانه بذلك يترك كل افكار العالم ويهئ نفسه لهذه الخدمة العظيمه، هذا بالإضافة إلى ماجاء في قوانين الرسل-القانون العاشر-ليكن زي الكهنه علي خلاف زي العلمانيين هنا نلاحظ تاثير التقليد.
واستعرضت الدكتورة آمال جورجي مكونات الملابس الكهنوتية وهي:
التونية: قطعه يستخدمها البطريرك والأسقف والكاهن وهي تذخر بكم كبير من الزخارف, ويتضح ذلك في ما عثر عليه من الحفائر وقد امكنني دراسه نماذج منها تؤرخ بالقرن الثامن عشر.
الأكمام: أو الكمين من المفروض أن يكون الكمين ملتصقين بالتونيه ولكن في بعض الاحيان يكونان منفصلين عنها وايضا يوجد فيهما مساحه كبيره من الزخارف الدينية.
البطرشيل أو البدرشيل: وهي كلمة مشتقة من اللفظ اليوناني وهو عباره عن قطعه طويله مستطيله من اللون الاحمر مزخرفه بصلبان من خيوط ذهبيه وتلتف حول الرقبه في وضع محدد وهنا من الممكن لاول وهله ان يقال ان هذه القطعه قاصره علي الشمامسه فقط ولاتعتبر من الملابس الكهنوتيه إلا أن بعض المصادر ذكرت أن القديس يعقوب بطريرك أورشليم كان له بدرشيل حفظ بمنتهي الاعتبار ضمن ملابسه الكهنوتية.
الصدرية: وهي تغطي منطقة الصدر حتى القدمين بالإضافة إلى جزء منها يصل الي منتصف الظهر ,ويتوسط الجزئين فتحه العنق وهي تعتبر اثمن قطعه في الملابس الكهنوتيه من حيث الزحرفه لانها ترصع في بعض الاحيان بالجواهر الكريمه, وقد كانت تستخدم في العهد القديم اذ يرتديها رئيس الكهنه تحتوي اثني عشر حجر من الاحجار الكريمه فوق كل حجر اسم احد الاسباط الاثني عشر ,ولازالت تستخدم حتي الان في كنيسه العهد الجديد.
المنطقة: وهي عباره عن حزام يلتف حول الوسط أو فوقه بقليل وهي مشتقع من الفعل يتمنطق اي يستعد فحين يلبسها من يقوم بصلاه القداس فلابد من ان يكون علي درجه مسبقه من الاستعداد
العمامة: وهي غطاء الرأس المؤلوف لكل الرتب الكهنوتيه وكانت تستخدم ايضا في العهد القديم وفي مقدمتها طبقه من الذهب مكتوب عليها بالعبريه قدس للرب بمعني ان كل من يلبسها هو نذير للرب ومخصص للخدمة.
التاج: ويعرف التاج في الكنيسة القبطيه أنه أحد رموز السلطان الكنسي جاءت أهميته مما سجله القديس يوحنا الرائي – نسبه إلى ماراه وقت ان كان اسيرا في جزيره بطمس احدي مدن اسيا الصغري- يذكر رايت حول العرش اربعه و عشرون قسيسا – في بعض الترجمات اربعه وعشرون شيخا جالسين متسربلين بثياب بيض وعلي رؤسهم اربعه وعشرون اكليلا من ذهب رو4:4 اما عن استخدام هذا التاج بصفه رسميه فيرجع الي عهد البابا كيرلس الاول المقلب بعامود الدين وهو الرابع و العشرون في اعداد بطاركه الكنيسه القبطيه, وكما هو معروف انه بطل مجمع افسس المنعقد في سنه 431 فكان من اهم قوانين هذا المجمع ان يكون التاج هو غطاء الراس المميز لبطريرك الكرازه المرقسيه. .
وتؤكد الدكتورة آمال جورجي أنه منذ هذا الوقت أصبح التاج يستخدم بصفه رسميه كرمز للسلطه الكنسيه التي يمثلها البابا ,عند تنصيبه فيوضع فوق راسه
واضحت لنا بعض الادله حول الاستخدم المبكر للتاج ,فامكن العثور علي ايقونات او رسوم لبعض البطاركه يظهر فيها التاج ,من اهمها ايقونه للقديس مرقس الرسول وهي ملصقه بالجدار الغربي من البطريركيه القديمه بحي الازبكيه ويتضح فيها فوق راسه تاج البطريرك
ومن أروع النماذج لهذا الجزء الهام في الملابس الكهنوتيه تاج يؤرخ بالقرن التاسع عشر, كان قد اهداه يوحنا ملك الحبشه للبابا كيرلس الخامس وهو الثاني عشر بعد المائه في عداد بطاركه الاسكندريه وكان قد امر بصنعه خصيصا للبابا البطريرك و يعطي انطباعا حقيقا يدل علي عظمته وعلي انه يحمل طابعا ملكيا.
وعن لون هذه الملابس والمادة التي تصنع منها أوضحت الدكتورة آمال جورجى بانة لابد ان تكون هذه الملابس من اللون الابيض لما له من دلالات هامه تؤكد قدسيته واهميته ذلك .
إن الملابس البيضاء هي زي الملائكه يثبت ذلك ظهورتهم باللون الابيض في جميع المناسبات مثل ظهور الملاك جبرائيل للسيده العذراء في البشاره بميلاد السيد المسيح وظهور الملاكين للمجدليه يخبرونها ليس هو ها هنا لكنه قام 20:12 وكذلك في حادثه الصعود وفيما كانوا يشخصون الي السماء وهو منطلق وبما ان الكاهن هو ملاك الكنيسه التي يخدم فيها فمن هنا تكون ملابسه من اللون الابيض تشبها بالملائكه
وهنا نشير ايضا لدور التقليد ,فنجد ان القانون السادس والتسعون من كتاب القوانين يذكر ان الثياب التى يقدس بها الكاهن يجب ان تكون بيضاء وليست ملونة, لان السيد المسيح حينما ظهر على جبل طابور فى حادثة التجلى ومعة موسى وايليا النبيين راه التلاميذ فى ثياب بيضاء كلى النور لو 9:29, لذلك قررت الكنيسة ان تكون ملابس التقديس من اللون الابيض
أما عن المادة التي تصنع منها هذه الملابس أضافت الدكتورة آمال جورجي،
يجب أن تكون من الكتان ولاتسمح الكنيسة بان تكون من الصوف لان اللة البس ادم ثيابا من الصوف الذى هو جلود الحيونات بعد سقوطة فى الخطيئة الاولى
وكان من النادر جدا ان تصنع من الحرير لان الحرير فى القرون الاولى للمسيحية كان مكلفا جدا. هذا علاوه على ماذكرة بعض المؤرخين ان الحرير كان محرما حتى على الرجال العاديين ولايصرح باستخدامة الا للنساء فقط, والاهم من هذا وذاك ان الامر الالهى لموسى النبى ان تصنع ملابس الكهنوت من الكتان.
وفى النهاية حددت الدكتورة امال جورجى المصادرالتى عرفت منها الملابس الكهنوتية فقالت:
اختلفت الاراء فى هذا الامر فيذكر القديس يوحنا فم الذهب بطريرك القسطنطينية ان المصدر الذى عرفت منها هذة الملابس هو الزى اليهودى القديم, وفى مناسبة اخرى يذكر ان الملابس متأثرة بزى السيد المسيح , ويوجد راى اخر يذكر انها مستمدة من الايقونات مثل ايقونة مارمرقس وايقونة القديس يعقوب الرسول وايقونة الاربعة وعشرين قسيسا
ويوجد راى اخر يوضح ان” الملابس الكهنوتية” عرفت عن طريق الرسوم الجدارية اى الفرسكات .مثل فرسك بقبلة باويط علاوة على فرسكات اخرى موجودة بالاديرة, وعلى الاخص دير الفاخورى باسنا ودير الانبا ارميا فلى سقارة وايضا فى منطقة البجوات بالواحات الخارجة حيث يوجد كم هائل من الرسومات الحائطية فى كنيسة السلام وكنيسة الخروج .
واختتم اللقاء ببعض المداخلات الهامة من السادة الحضور، كما أجابت الدكتورة امال جورجى على العديد من الأسئلة والاستفسارات وقدم قدم نيافة الأنبا مارتيروس الشكر للحضور الكريم وللدكتورة امال جورجى.