احتفلت منظمة الأمم المتحدة باليوم العالمي للمياه بالدعوة للإدارة المستدامة لموارد المياه العذبة والاحتكام للعدالة في توزيع المياه وتجنب الحروب, وتدعو المنظمة مع احتفالية كل عام لشعار من أجل فرص مشتركة لتقاسم المياه.
لكن الواقع ينطق بعكس الشعار الذي يعاد طرحه كل عام مما دعا الخبراء لأن يرسموا خريطة قاتمة لتوزيع المياه في العالم ويحذروا من وقوع صراعات مسلحة من أجل الذهب الأزرق وهو المياه العذبة.
المؤسف أن اللون القاتم بالخريطة يتركز بالأكثر في الشرق الأوسط فهي المنطقة التي تنذر بصراعات مسلحة من أجل المياه.
وسد النهضة أبرز مثال هذه الآونة بعد أن أخفقت المفاوضات بامتداد عشر سنوات بين إثيوبيا ـ دولة المنبع, والسودان ومصر ـ دولتي المصب, حول تقاسم مياه النيل ورفض أديس أبابا التوقيع علي اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد!
حتي اقتراح السودان الأخير, الذي أيدته مصر وأعلنته منذ أيام علي لسان رئيس الحكومة د.مصطفي مدبولي في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة حول المياه والخاص باشراك رباعية دولية في المفاوضات هي الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمنظمة الدولية, رفضته أيضا إثيوبيا ومن ثم تجمدت المفاوضات!.
وتكمن الخطورة في أن الوقت يمضي في ظل عزم إثيوبيا علي الملء الثاني في يوليو القادم حتي بدون اتفاق!!
الرفض الإثيوبي يقابله إصرار مصري سوداني من أجل اتفاق ملزم وبمرجعية دولية قانونية وأيضا يرضي إثيوبيا بطموحاتها في التنمية وكذلك يضمن حصة المياه لكل من مصر والسودان, حيث يمثل نهر النيل المورد الوحيد للمياه لأكثر من 150 مليون إنسان مصري سوداني.
حاليا تبذل مصر قصاري الجهد من أجل الحفاظ علي كل نقطة مياه, ويتم تحديث نظام الري من السطحي إلي الري الحديث لنحو مليون فدان بخطة تنتهي في يوليو القادم وتهدف لتوفير المياه وتقليل الاستهلاك, وهناك خطة طموحة لتحلية مياه البحر قطعت أشواطا كبيرة حيث أعلن مؤخرا اعتماد المناطق الساحلية بالبحر الأحمر علي مياه التحلية. ويتم كذلك حفر مئات الآبار بمناطق استصلاح الأراضي الجديدة والاستفادة من مياه الأمطار وغير ذلك من جهود البحث عن مصادر للمياه.
وكل هذه الجهود تدحض المزاعم التي تروج بأن مصر تبذر في استخدام مياه النيل وتتبني مشروعات تستهلك المزيد من المياه.
أزمة سد النهضة باتت تحتاج لتدخل الإدارة الأمريكية الجديدة للضغط علي الجانب الإثيوبي واستئناف المفاوضات والتوصل لاتفاق مرض يجنب المنطقة أي مواجهة مسلحة.
حاليا يصل نصيب المواطن المصري من المياه لنحو 560 متر مكعب في السنة وهو ما يعني دخول مصر دائرة الشح المائي والذي تعرفه الأمم المتحدة بأقل من ألف متر مكعب سنويا للفرد.
وما يزيد من خطورة الأزمة أن التقارير الدولية تشير إلي وقوع شح مائي وعطش في غضون ثلاثة عقود بمناطق عديدة من العالم ومنطقتنا في الصدارة!!.