وقع حادث تصادم قطاري سوهاج مستدعيا الكثير من مشاهد الرعب والحزن التي ترتبط بحوادث القطارات وما تفرزه من إزهاق لأرواح بريئة وخسائر بالمليارات حتي باتت عقدة الحكومات المتعاقبة.
البعض علي السوشيال ميديا أرجع الحادث وحوادث أخري متزامنة إلي لعنة الفراعنة علي خلفية نقل المومياوات الملكية بالأمس في موكب عالمي من المتحف المصري بالتحرير إلي متحف الحضارة بالفسطاط وسط تحضيرات امتدت لأسابيع.. وهناك من طالب بتقديم وزير النقل لاستقالته!
بطبيعة الحال هناك أسباب وراء وقوع الحوادث التي جرت في الأيام الأخيرة والأجدي أن نبحث عن الأسباب وسبل تلافيها.
بداية مرفق هيئة سكك حديد مصر هو ثاني أقدم مرفق علي مستوي العالم بعد السكك الحديد البريطانية ويرجع تاريخ تأسيسه لسنة 1853 ويضم شبكة ضخمة من خطوط السكك الحديدية بطول 10 آلاف كيلو متر تنقل حوالي مليون ونصف المليون راكب يوميا عدا البضائع.
وبقدر ضخامة المرفق وأهميته البالغة إلا أنه تعرض للكثير من الإهمال والترهل بامتداد العقود الثلاثة الأخيرة.
وحاليا يتم تنفيذ خطة تطوير شاملة بالمرفق مخطط لها أن تنتهي بنهاية 2022 بإجمالي تكلفة تبلغ 225 مليار جنيه وهي الخطة الأكبر من نوعها بامتداد عقود.
بدأ تنفيذ الخطة بالفعل وتشمل شراء قطارات جديدة وتطوير غرفة التحكم المركزي وأبراج المحطات وقضبان السكك الحديدية وكل منظومة البنية التحتية وتضم كهربة المزلقانات وشراء جرارات عبر خطة إحلال وتجديد شاملة.
وترمي خطة التطوير إلي استعادة عافية أدوات المرفق التي ترهلت وأيضا تجاوز العنصر البشري الذي برهنت التحقيقات في مختلف الحوادث علي اعتباره السبب الأكبر في وقوع الكوارث!
ففي معظم الحوادث التي وقعت بالسنوات الأخيرة لم يخرج الخطأ عن إهمال من جانب العنصر البشري. لذلك تتجه خطة التطوير لكهربة أدوات حركة القطارات وتجاوز مرحلة السائق وعامل التحويلة والأخطاء البشرية الشائعة في مختلف مراحل حركة القطارات والعمل علي ميكنة الحركة بنظام التحكم الآلي ATC.
تتضمن الخطة أيضا تطوير الورش ورفع الكفاءة الفنية للمعدات والأفراد عبر برنامج إعادة تأهيل فني جديد ومتميز.
لكن أهم ما أعلنت عنه وزارة النقل ضمن خطة تطوير المرفق هو إشراك القطاع الخاص في إدارته وتشغيله وصيانته وذلك بعد إجراء التعديلات التي أدخلت علي القانون الخاص بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر.
ويبقي لحين اكتمال التطوير الشامل ضرورة إحكام المتابعة والرقابة علي أداء العاملين بصورة فعالة. فالعنصر البشري موجود في منظومة التشغيل وتأهليه ومتابعة أدائه من مفاتيح التغيير وضمان حسن الأداء.. فهل نشهد تغييرا تختفي معه حوادث الرعب بالقطارات؟