علي ذكر احتفال مصر بموكب المومياوات الملكية من المتحف المصري إلي المتحف القومي للحضارات بالفسطاط.. الجميل أن نعرض لجانب من روحانية المصري القديم وكيف كان يدعو لعبادة إله الكون في الوقت الذي كان العالم يرزخ في الوثنية وعبادة الأوثان.
وإخناتون أحد أشهر ملوك مصر الفراعنة خاصة في الفكر الديني فهو أول من دعا إلي ديانة التوحيد وكانت كل منطقة في مصر تعبد إلها, ولما جاء هذا المصلح الديني دعا لإله واحد.
عرف إخناتون في بداية حكمه باسم أمنحتب الرابع وينتمي للأسرة الـ18 وحكم مصر 17 سنة فقط من سنة 1379 إلي 1362 قبل الميلاد. وزوجته هي نفرتيتي أشهر ملكات مصر الفرعونية.
في رابع سنة لحكمه غير أمنحتب الرابع اسمه ليصبح إخناتون ومعناه من يحبه آتون وآتون كما تصوره إخناتون هو الإله الذي يحكم الكون, وهو القوة الكامنة خلف قرص الشمس.
ما يعني أن إخناتون لم يدع لعبادة الشمس وإنما لعبادة إله الشمس.
ترك إخناتون طيبة وتوجه إلي عاصمة جديدة أسسها في إقليم الأشمونيين باسمه. وهي تل العمارنة حاليا بمحافظة المنيا, حيث لم ترق ديانته الجديدة لباقي الحكام والكهنة في مصر.
وفي العاصمة الجديدة نادي إخناتون بالصدق والعدل وكل ما هو إنساني في سلوك البشر. وفي عهده برز الفن الواقعي وأدب الأناشيد للرله الجديد آتون. لكن يعاب عليه أنه انصرف عن تدبير شئون البلاد في عهده والتي امتدت إلي الفرات شمالا والنوبة جنوبا فانفصل الجزء الشمالي.
ترك إخناتون عددا من الأناشيد الدينية لإله قرص الشمس آتون وكأنه يخاطب الإله المجهول الذي يراه الأعظم والأوحد في روحانية تؤرخ للمصري القديم في الوقت الذي كان العالم يعبد فيه الأصنام.
قال في بعض أناشيده:
ـ كم عديدة هي أعمالك أيها الإله الوحيد الذي لا يوجد إله آخر إلي جواره..
ـ أنت بعيد لكن شعاعك وصل إلي الأرض.. عندما تختفي في الأفق الغربي تصبح الأرض في ظلام كما لو كانت مائتة..
ـ أنت الذي تعطي الروح لمن تخلقه حتي تحييه..
ـ أنت الذي تطعم الابن بي بطن أمه وتهدئه حتي لا يبكي كمرضع في بطن أمه..
ـ أنت خلقت النيل وتسيره كما تشاء لاطعام الشعوب..
ـ ربي زدني علما لأعلم وأتعلم وأعلم الناس بما علمتني حتي تنفتح أعينهم وقلوبهم علي رؤيتك..
ـ تعملوا لتتعلموا كيف تعملون, فاتقان العمل صلاة تقربكم إلي الإله وعين الإله لا تغفل عما تعملون..
ـ إن أردت أن تورث إبنك ميراثك لا يغني, فورثه علما فالعلم هو الثروة التي تزداد كلما أخذت منها كس المال..
ـ العلم أول أركان الإيمان والجهل كفر بالإله رب السماء..
ـ إملأ قلبك بالإيمان, واملأ عقلك بالعالم..
ـ العلم قوة والجهل ضعف..
هكذا عاش أجدادنا المصريون القدماء بالإيمان والعالم وبلغوا وأبلغوه من علوم بحار العالم الحديث في وصفها.