لطالما كانت الحروب سببا وجيها لاستخدام الدعاية من أجل التأثير علي الناس. وكوجهين لعملة واحدة عملت الدعاية علي استخدام الأساليب النفسية للتأثير علي الشعوب ولمحاولة إحباط الخصم. وبما أننا نعيش في مرحلة من الحروب اللانمطية أو غير التقليدية فنحن نواجه حرب نفسية ممثلة في دعاية مضادة ضد الدولة.
أبرز من أستخدم الدعاية في الحرب النفسية هو جوزيف جوبلز وزير الرايخ الألماني للتنوير العام والدعاية, فبعد أن أعطاه هتلر كل الصلاحيات, تمكن جوبلز في وقت قصير من التحكم في كل ما يتعلق بوسائل الإعلام, فأحكم سيطرته علي ما يبث في التليفزيون وما تقوله الأفلام وما يكتب في الصحف بالإضافة إلي المواد الترفيهية كالموسيقي والأوبرا وكان خطيبا مفوها استطاع حشد الشعب الألماني والتأثير عليهم, مستخدما كافة وسائل التأثير العاطفية في حسد الجماهير, سواء بأختبار أغاني موحدة أو بتوحيد إشارة التحية (كانت بمد أو يحيا هتلر دليلا علي Heil Hitler الذراع اليمني في الهواء) أو بالتحية الموجهة لهتلر الولاء للقائد.
وأستخدم الحرب النفسية لرفع حالة شعبه المعنوية وخفض الحالة المعنوية لإعدائهم. وقد برع جوبلز في استخدام الدعاية كأحد أدوات الحرب النفسية, ويعتبره البعض رائد الدعاية السياسية أو علي وجه التحديد الدعاية الرمادية التي تخلط بين الحقائق والأكاذيب بسبب ما قدمه من أساليب للخداع والتلاعب ومحاولات تدمير الخصم وشن الحرب النفسية عليه فهو صاحب مقولة أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتي يصدقك الناس. وعلي خطوات جوبلز تسير دول معينة معلنة حربها ضد الدولة المصرية, في محاولة منها للتضليل وخلط الحقائق بالأكاذيب والادعاء ضد الدولة وهي تشن غاراتها عبر وسائل الإعلام الجماهيري ووسائل التواصل الاجتماعي من ضمن الأساليب الدعائية التي استخدمها جوبلز فكرة سياسة القطيع, وذلك بإقناع الجمهور أن الكل يفعل هذا الأمر, وهؤلاء هم الفائزين إن لم تفعل فأنت لست معنا وستخسر كثيرا, وقد رسخ لهذه الفكرة من خلال دعوة كل الألمان للأنضمام للحزب النازي, بما يعني أنه من لا ينضم هو عدو الدولة. وهو نفس ما تفعله الجماعات والقنوات والصفحات المتطرفة حينما ترسخ لفكرة أن هذا هو الطريق الصحيح وهؤلاء هم الفائزين إن لم تنضم لهم ستخسر كثيرا كما استخدم جوبلز تكنيك الناس العادية فابرز الزعيم أو القائد علي أنه شخص عادي, حتي تزيد مصداقيته لدي شعبه. وحاول إظهار هتلر علي أنه القائد الكفؤ والمحارب الفذ ليلتف كل الشعب وراءه. كذلك أستخدام الكلمات ذات التأثير العاطفي. كما أستخدام شهادات أشخاص معروفين ومؤثرين علي الرأي العام لإقناع الناس أن النازيين لهم أصول ثقافية عريقة بهدف الايقان بقوة النازية. وهكذا تفعل القنوات المعادية فتستخدم أشخاص ممن يظنون أن لهم تأثير علي الجماهير العريضة ليكذبوا ويكذبوا ضد الدولة المصرية.
في كتابة المنشور عن الرأي العام Leonard W.Doob وأوضح ليونارد دابليو دوب والدعاية, أهم مبادئ جوبلز في الدعاية وهي أن الشخص المسئول عن الدعاية لابد أن يكون لديه معرفة بكل المعلومات التفصيلية المتعلقة بالأحداث التي تخص الرأي العام. كما أكد ضرورة إحكام القبضة علي ما يقدم في الإعلام, انطلاقا من مبدأ أن المتحكم في الدعاية سلطة واحدة فقط وهي التي تقوم بإصدار كافة التوجيهات للمسئولين وتشرف علي أنشطة الهيئات والوكالات الأخري. فتم غربلة وتصفية المواد الإعلامية وعرضها بطريقة متجزئة بحيث لا تعرض كافة الحقائق.
كما أتبع سياسة التعتيم واخفاء المعلومات المفيدة عن الخصم, ونشر مواد صريحة تفشله وتصيبه بالإحباط أو معلومات من شأنها توجهه ليضطر لكشف معلومات مهمة عن نفسه. كما أهتم بفكرة التقليل من مكانة العدو وإمكانياته معتمدا علي تكرار نفس الرسائل الاتصالية واستخدام شعارات أو عبارات مميزة بسيطة سهل تعلمها.
وبعد مرور ما يقارب 90 عاما علي ممارسات جوبلز أشهر من أستخدام الدعاية في الحرب النفسية علي الشعوب. تغير مفهوم الحرب من الحروب التقليدية إلي حروب الجيل الرابع والخامس لتؤسس أدوات جوبلز حجر الأساس في إدارتها بغرض هدم معنويات الشعوب لذا لنتتبه لكل بوق إعلامي مضاد لأننا مازلنا في حرب.