ترأس نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس، أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد، قداس ذكرى الأربعين لطيب الذكر القمص زكريا سعيد، كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارجرجس بأرض الجنينه، اليوم السبت، كما احتفلت الكنيسة بتأبين لروح”القمص زكريا سعيد”عقب القداس مباشرة , وذلك بحضور لفيف من الأباء الأساقفة والكهنة بشرق السكة الحديد ….. وذلك فى إطار الالتزام بالإجراءات الاحترازية.
خدمة أثرت في قلوب الكثيرين
وفى كلمته خلال حفل تأبين القمص زكريا سعيد…. قال نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس , أسقف كنائس شرق السكة الحديد : يتفقد كنيسة مارجرجس بأرض الجنينه أحد أبنائها الذين أثروا الحياة الكهنوتية بخدمة مميزة ونشاط غزير لم ينقطع وعطاء غزير على المستوى الروحى والخدمى
وأشار نيافته الى تميز خدمة القمص زكريا سعيد بملامح خاصة أثرت فى قلوب الكثيرين فقد كان فرحا دائما ادخل الى فرح الى قلوب الناس حتى انه لا يترك الانسان الا مبتسما بشوشا يتلمس جوانب الامل والرجاء فى الحياة ولمس قدرة الله فى إمكانية حل المشكلة وانفراج الأمة فضلا عن القدرة في التغلب على التحديات التي تقابل الإنسان في حياته اليومية والتى تؤرق دائما مضجعه ففى بشاشة أبونا زكريا وابتسامته العريضة لقاصديه يبث فيهم روح وثابة لتتخطى آلام هذا الدهر العنيفة
وأضاف نيافة الحبر الجليل الأنبا مارتيروس: لقد كان يملك من الكلمات المناسبة في وقتها تنزل كالصاعقة على القلب المضطرب من اى اعمال داخلية تجعله يهتز أمام تجربة او محنة أو خطية أو شر فكان الروح القدس يتكلم على فمه بجملة واحدة تكون هي الشفاء والدواء وهي الحل الأمثل لمشكلة انسان يعانى من أمر ما وكثيرا ما كنت ألمس فيه فضيلة ضبط النفس الى أبعد درجة ومحاولته التروي والانتظار وهذه ثمة الابرار المتكلمين على الرب فلا يتسع فى الحكم لانه يعلم ان الحكم اولا من الله .
مستطردا:لكنى كنت أشعر أنه دائما ما ينتظر شيئا ما يرشده او يخبره بالحكم أو التوجيه وهؤلاء الآباء الأبرار تعودوا دائما فى حياتهم أن يكون الله اولا وان الله يقول كلمته اولا وهم كآباء طائعين للروح القدس العامل فيهم يتكلم على لسانها فنجد أن رحلة خدمتهم الله اول لانه كما يقول الكتاب ليس انتم المتكلمين بل روح ابيكم هو المتكلم فيكم لقد تلامس مع وقال نيافته: هذا الأب الجليل أنه كان صاحب تجارب وآلام مختبر الحزن وقد حمل الاثقال .
متسائلا نيافته:كيف تجتاز كل هذه التجارب بنجاح؟ والرب كلله بالنصرة والفخر انها الحياة البسيطة التى لم يطلب فيها مباهجها بل طلب مجد المسيح فقط وطلب مجد المذبح ومهابته وطلب نعمة المسيح لكى ما يتطلع إليها الأبناء من الشعب حتى يعطوا المجد لله وهو فى ذات الوقت يعترف انه غير مستحق ومن الذى يشعر بالاستحقاق لخدمة الرب غير المنخدعون لكن كان هذا الأب يؤمن دائما أنه ليس الغارس شيئا ولا الساقي شئ بل الله الذى ينمى .
وأضاف نيافته: لقد سار فى خدمة الله مكرسا نفسه لله وأبناء الله ومذبح الله ولم نجد ابدا يتجه بنظره الى مكان اخر غير بؤرة المذبح, حتى انه كان يريد أن يترك سرير المرض ليقوم ويعمل القداس رغم أنه كان قد استفاق من العملية الجراحية على التو
وتسائل نيافتة: لماذا شعر بتقصير شديد عندما تاخر يوما عن خدمة القداس ؟
لانه احب مذبحة ورب المذبح من القلب ومن القدرة ومن كل النفس انه حب حقيقي وصادق رمز الحب والتضحية والمعنى الحقيقي للخدمة والرعاية لأننا من المذبح نتعلم كل معانى العمل الرعوى النبيل .
ويذكر أن أبونا زكريا سعيد, كان أب إعتراف جيد وله قدرة على قيادة النفس بنجاح وسط عالم مضطرب للغاية يحتاج الى الشفعاء من الاباء لاجل اولادهم ليعبروا بهم الصعاب والمحن فكانت كلمته الطيبة البسيطة تضمد الجراح وكثيرا ما كان يذكر أمثلة من حكايات الكتاب المقدس وسير القديسين التى كان يضعها نموذجا اما اولاده وكان يشجعهم ويدفعهم للافضل وحياة أفضل وقد كان ابونا مشجعا للخدام والخادمات ومشجعا فى أعمال التعمير والبناء لمصلحة شعب الكنيسة وكان متوائم دائما مع اخوته الكهنة وكان أبناء المنطقة يجلونه ويقدرونه فى محبة خالصة ويضعونه فى منزلة الشيوخ يكرمونه ويستمعون له , إننا نعزي أنفسنا وتقبل تعزيتنا من السيد المسيح انه يشفع عنا امام عرش النعمة يصلى دائما عنا…
وقدم نيافته الشكر لحضرة صاحب القداسة البابا تواضروس الثانى الذى لم يتركنا بالتعزية فى نياحة ابونا زكريا نطلب من الرب أن يديم حياته سنينا كثيرة و آمنة سالمة هادئة مديدة ونقدم شكرنا لكل الاباء الاساقفة الذين واسونا بالعزاء والاباء الكهنة بالمنطقة وخارجها
مختتما كلمته: لا يسعنا ايضا ان نشكر الاجهزة التنفيذية والامنية ونواب مجلس الشعب الكرام والسادة شيوخ الجوامع الافاضل وكل الشعب مسلمين ومسيحين نشرهم على تعزيتهم المتواصلة لنا كما نشكر مجلس الكنيسة وأمانة الخدمة وابنائنا من خدمات الكشافة والنظام والرب يعوض الجميع ونحن جميعا نقدم العزاء للاسرة المباركة للسيدة زوجته وابنه جون وبناته وأحفاده … الرب قادر أن يعزى الجميع ويبارك حياة الجميع.
ومن جانبه قال القس مينا زكي بولاية فيرجينيا – الولايات المتحدة الأمريكية:
رحل عن عالمنا الفانى كاهنا وقورا وملاكا بارا هو ابى واخى فى الرسامة الكهنوتية القمص زكريا سعيد وانضم الى الاربعة والعشرين قسيسا بعد ان اكمل خدمته المباركة مضى الى بيته , مستطردا: كنت سعيد الحظ جدا حينما وقع اختيار شعب كنيسة مارجرجس بأرض الجنينه لابونا زكريا وكنا نحاول الهروب من هذه المسئولية الخطيرة ولكننا لم ننجح فى ذلك وتمت الرسامة يوم الجمعة 28 نوفمبر 1986 كنيسة المقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس بالعباسية بيد مثلث الرحمات البابا المعظم الانبا شنودة الثالث
واضاف: سافرنا سويا الى دير الانبا بيشوى العامر بوادى النطرون لقضاء فترة الأربعين يوما وكنا نسكن معا فى قلاية واحدة نتسلم الطقوس والألحان الكنسية والتعاليم الروحية على يد آباء الدير المباركين , مشيرا الى ان ابونا كري كان مثالا للبساطة والتواضع والبشاشة وكان محبوبا من الجميع ومحبا للجميع وتعلمت منه كل هذه الفضائل .
إنجيل معاش
ومن ناحيته قال القس برسوم عريان كاهن كنيسة مارمينا بمدينة الاحلام: ابونا الحبيب القمص زكريا سعيد هذا الملاك الذي عاش وسطنا انجيل معاش فقد كان مثل سيده وديع ومتواضع القلب فكان كل من تعامل معه يشعر بالراحة , موضحا بقوله: إن السيد المسيح لم يطلب منا أن نتعلم منه عمل المعجزات والعجائب , بل الوداعة والتواضع قائلا:” تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم”( مت 11:5) مفسرا: أن الراحة لا يجدها الودعاء حقا ان من تعلم الوداعة تعلم كل شئ .
مستطردا قوله: ابونا زكريا المفرح كل من كان حزين متضايق يتقابل معه فيتحول حزنه الى فرح كما قال الكتاب” يسمع الودعاء فيفرحون “مز 2:34 كما عاش وصية: “لا تكن الا فرحا” تث 15:16 وأكمل: ابونا زكريا المعلم كانت عظاته تتميز بالبساطة والعمق بل ايضا بتصرفاته البسيطة والحكيمة معا فى نفس الوقت فكان يعلم طرق الرب بوداعته المعهودة يعلم الودعاء طرقه مز 9:25 ابونا زكريا المرتفع عن كل الاحقاد والصغائر عاش مترفع لذلك رفعه مخلصنا الى مجده الابدي .
ينبوع الحب …. وكاهن الأجيال
فيما قال القس يوحنا نجيب كاهن كنيسة مارمينا بمدينة الأحلام : حينما نودع ابا مباركا… محبا بشوشا.. مرحا.. تقيا نقيا … وديعا وحكيما … بسيطا وحليما … هادئا كالنسيم … متشبها بالقديسين … ابونا الحبيب القمص زكريا سعيد , لا نقول إنه مات .. فالموت اليقين لا يصيب رجال الله المؤمنين إنما استجابت روحه لنداء الله وسيرته الطيبة تدوم على مر السنين
وأشار القس يوحنا الى انه من اهم صفاته وفضائله الحب والحب من صفات الله “الله محبة” فهو محبا للجميع ويفيض على الكثيرين.
وأضاف:كنت بركة فى حياتك لكل احد يتقابل معك وفي كل مكان تتواجد فيه وفى كل خدمتك ونشتم رائحة السيد المسيح الذكية كالبخور منبعث منه وتحل البركات والان نذكر تكون قدوة وبركة لنا كقول الكتاب ذكر الصديق للبركة.
مستطردا بقوله: نعم يا أبي كنت غنيا فى فضائلك الظاهرة امامنا بعطائك الدائم لنا ………… فكم وكم اعماقك الغامضة …. عهدناك بالفضائل الكثيرة منه :
عهدناك محبا…. فأحبه الجميع الصغير قبل الكبير.
عهدناك بسيطا …. فى قلبه ومظهره وفى كلماته وصلواته.
عهدناك وديعا…. متوضعا كسيدك الرب يسوع فلم نشعر باى تعال.
عهدناك حكيما …. فى صمتك اكثر من كلامك وفى نصحك وارشادك.
عهدناك أمينا…. فى كنيستك واسرتك وخدمتك.
عهدناك هادئا…. هادئ الروح … متسامحا… مرحا… مداعبا.
وفى هدوئك … رحلت فى هدوء الملائكة .. كأنك تقول….
“لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي آخرتهم “عدد 23:10”
نبذة عن المتنيح ….
ولد القمص زكريا سعيد , فى 9 يناير 1946 بمدينة صنبو البلد بمركز ديروط بمحافظة أسيوط … درس بمدرسة الاقباط الى سن الرابع الابتدائي ثم انتقل الى مدرسة ميخائيل فلتس الخاصة وأتم بها المرحلة الابتدائية والإعدادية كما التحق بمدرسة الثانوية التجارية بديروط .. وفي أثناء بحثه عن عمل ذهب الأنبا أغابيوس المتنيح مطران ديروط لسؤاله عن عمل فرشحه للكهنوت وقال له بالنص: انت مرسوم على وشك الكهنوت فسيبك من الوظيفة وتعال ارسمك كاهن ولكن والده رفض تماما, وعمل ببنك التسليف بديروط لمدة 9 شهور بعد التخرج من المرحلة الثانوية حتى سافر الى محافظة أسوان للعمل بها مع استكمال دراسته بمعهد التدريب المهني والكفاية الإنتاجية بمدينة أسوان حتى حصل على الدبلوم , ثم جاء الى القاهرة والتحق بالعمل في مؤسسة التشييد والبناء خاصة بشركات المقاولات عام 9/6/1968 وفى ذلك الوقت سكن مسرة بمنطقة شبرا وكان أب اعترافه القمص مرقس بشارة كاهن كنيسة العذراء بمسرة حينذاك.
ثم التحق لأول مرة بإعداد خدمة فى كنيسة السيدة العذراء بمسرة شبرا وخدم في المرحلة الابتدائية والاعدادية وأسرة العمال الحرفيين والمهنيين وكانت خدمته يوم الاحد فقط.
كما التحق بشركة اطلس للمقاولات بعد فض المؤسسات والغائها وذلك عام 1975
ثم ترشيحه للمرة الثانية للكهنوت ولكن هذه المرة على كنيسة السيدة العذراء بمسرة ولكنه رفض وتهرب منها وكان ذلك حوالي عام 1977.
وفى عام 1979 وفى أثناء خدمته بالكنيسة التقى بالأستاذ الاغنسطس فاروق فؤاد الذي أصبح ابونا يسطس فؤاد وقد اقترح عليه أن يخدم معهم بكنيسة مارجرجس أرض الجنينة فخدم مع المرحلة الإعدادية حتى ان وصل أمينا للمرحلة .
وفى أول نوفمبر عام 1979 تم تحرير محضر خطوبته على الانسة سناء رياض بكنيسة مارمينا حى فلمنج بالإسكندرية ثم تزوج بتاريخ 26/7/1980 وسكن بأرض الجنينة – الزاوية الحمراء.
وفي 18/6/1981 يوم عيد الجلاء قامت أحداث الرواية الحمراء وتم حرق شقته بالكامل وكان وقت صعب عليه وانتهى من تعمير مسكنه مرة أخرى في يناير 1982 وفى نفس العام رزق بمولوده الأول “جون”
وفى عام 1985 أسند إليه خدمة أسرة العمال بكنيسة مارجرجس أرض الجنينة ثم رزق بمولودته الثانية شيرى فى 15 فبراير 1985.
رشح للكهنوت من الشعب و المتنيح القس جرجس نصر لكنه رفض بشدة وهرب الى عدة اماكن وأكثر من دير للاختباء فيه وذلك أكثر من مرة حتى التقى به الأنبا بسنتى ورسم كاهنا على كنيسة مارجرجس بأرض الجنينه فى 28/11/1986 ورسم وجيه زكى زميله فى الخدمة باسم القس مينا زكي.
وفي تاريخ 29/7/1987 رزق المولودة الثالثة واسمها ماري وكانت أول مولودة تحمل لقب القس زكريا سعيد.
خدم فى كنيسة بأمانة ومحبة شديدة لشعبه وتعاون مع الاباء فى خدمة التوسع والتعمير للكنيسة التى كان يشرف على هذه الخدمة المتنيح القمص جرجس نصر ثم رق بالمولودة الرابعة جورجينا بتاريخ 12/9/1991, أحب شعبه وكان مصدر للنصح والإرشاد لشعبه.
وكان بسيطا فى طبعه ومتواضعا في تصرفاته وتلقائيا في حديثه وكان يبحث دائما عن الخروف الضال من خلال الافتقاد , وكان محتملا للمرض شاكرا ربه غير متذمرا أو شاكيا حتى أسرته ورغم مرضه فى القلب والكبد إلا أنه لم يشعر بالالام او اى اعراض .
وترقى للقمصية فى 25/11/2020 بيد قداسة البابا المعظم الانبا تواضروس الثانى .
خدم القمص زكريا سعيد أكثر من 34 عاما بالكهنوت وتنيح فى 19 /3/ 2021 وكان يبلغ من العمر 75 عاما وصلى آخر قداس قبل دخوله المستشفى يوم الأربعاء الموافق 10/3/2021.