لا يُري إلا جالسًا أمام “فرشته” البسيطة، التى تعرض عدد محدود من أصناف الخضروات، معتمرا عمته المعتادة، لا تفارق وجهه بسمته التي ارتسمت عليه تجاعيد الشقاء، لايرد أحدا، بسيط فى كلماته يصفه جيرانه بطيب القلب وحلو اللسان، انه العم هليل أحمد مصطفى أقدم بائع خضار ويبلغ من العمر 75 عاما، يعمل بمهنته منذ 55 عاما مردفاً “وربما أكثر من ذلك فأنا لا أعد السنون” .
قال “هليل” استأجرت قطعة أرض من الأوقاف تبلغ مساحتها فدان ونصف منذ زمن بعيد، ورزقني الله بولدين كبرا وتزوجا أحدهما يعمل بالتربية والتعليم والثاني بالصحة، ويسكن بنجع النجاجرة بقرية المراشدة بمركز الوقف، أعمل بالزراعة و يبيع محصوله بالأسواق وخاصة سوق دشنا حيث تعرفه زبائنه ويرحب بهم ويسأل عن فردا فردا ، فوصفوه بـ طيب القلب وحلو اللسان وبضاعته ذات سعر رخيص فهو طراز فريد من الباعة .
وعن أسعاره ورخص بضاعته رغم جودتها، قال العم “هليل” أنه لا يشترى المخصبات لتخصيب الأرض الزراعية ولكنه يشترى السماد البلدي بسعر زهيد يبلغ 10 جنيهات للشيكارة الواحدة، ويقوم بخلطه بالتربة الزراعية وهو ما يوفر في استخدام الأسمدة الكيمائية عن الشيكارة الواحدة ما يقرب من 300 جنيه، فبالتالي أبيع بضاعتي من الخضار بأسعار زهيدة، مشيرا انه لتقدمه فى العمر يضطر لاستئجار بعض العمال لمساعدته فى أعمال الزراعة وحصاد المحصول .
يقول العم “هليل” أن يتذكر الرئيس عبد الناصر وقتها كان طفلا يعي ماحوله، وكيف كان الناس يحبونه وكيف كان موته حزن شديد حتى أن بعض الناس حزنوا كأنه أحد أبناء أسرتهم وكيف حمل الأهالى النعش الرمزي وطافوا به الشوارع في مظاهر شديدة الحزن، وتذكر وقتها الراديو الذي كان الناس يتجمعون حوله ليسمعوا الست أم كلثوم أو لسماع نشرات الأخبار أو خطابات الرئيس عبد الناصر.
وحول أبرز الأشياء التي لا تعجبه فى تلك الأيام ولم يعتاد عليها قال الزيادة السكانية الرهيبة، الشوارع أصبحت مزدحمة جدا وكذلك المواصلات وكل شيء، وقال ضاحكا ساخراً عندما كنا نطرق الباب لمقابلة أحد كنا نمكث فترات طويلة ونحن نقرع الباب ليخرج لنا شخص واحد أمام الآن بمجرد قرع باب المنزل نجد الكثير من الأطفال والصبية يخرجون للرد علينا والخلفة أصبحت بدون حساب .
ويضيف العم “هليل” ان يزرع أنواع من الخضروات الغير معتادة ويسأل عنها زبائنه باستمرار مثل الفجل اللبناني والسعودي، والخس الكابتشو، موضحاً ان كافة الخضروات التي ازرعها بلدي ولا أستخدم المخصبات الكيمائية، وكل ما أطلبه ان يبارك الله لي في أولادي ورزقي ولا أريد من الدنيا شيء آخر سوى رضا المولى عز وجل .