رحلت اليوم الأحد الموافق 21 مارس لعام 2021، الدكتورة نوال السعداوي، بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز الـ90 عامًا، حيث تعرضت مؤخرًا لأزمة صحية نقلت على أثرها إلى أحد المستشفيات.
الروائية والكاتبة والثائرة نوال السعداوي من مواليد 27 أكتوبر 1931 ، هى طبيبة أمراض صدرية و طبيبة أمراض نفسية، كاتبة وروائية مصرية ومدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص. كتبت العديد من الكتب عن المرأة في الإسلام، اشتهرت بمحاربتها لظاهرة الختان.
شغلت نوال السعداوي، العديد من المناصب مثل منصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة في القاهرة، الأمين العام لنقابة الأطباء بالقاهرة، غير عملها كطبيبة في المستشفى الجامعي.
أسست جمعية تضامن المرأة العربية عام 1982، كما ساعدت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان.
كما نالت عضوية المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية بالقاهرة. وأسست جمعية التربية الصحية وجمعية للكاتبات المصريات.
وعملت فترة كرئيس تحرير مجلة الصحة بالقاهرة، ومحررة في مجلة الجمعية الطبية.
نوال السعداوي الابنة والزوجة والطبيبة
ولدت نوال السعداوي لعائله تقليدية ومحافظة بقرية كفر طحلة إحدى قرى مركز بنها التابع لمحافظة القليوبية. كانت الطفلة الثانية من بين تسعة أطفال. ختنت في السادسة من عمرها. أصر والدها على تعليم جميع أولاده. فقد كان والدها مسؤولاً حكومياً في وزارة التربية والتعليم، وكان من الذين ثاروا ضد الاحتلال البريطاني لمصر والسودان ، كما شارك في ثورة 1919، و كعقاب له تم نقله لقرية صغيرة في الدلتا و حرمانه من الترقية لمدة 10 سنوات.
استمدت منه احترام الذات ووجوب التعبير عن الرأي بحرية وبدون قيود مهما كانت النتائج، كما شجعها على دراسة اللغات. توفي كلا والديها في سن مبكرة لتحمل نوال العبء الكبير للعائلة.
تخرجت نوال من كلية الطب جامعة القاهرة في ديسمبر عام 1955 وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة وتخصصت في مجال الأمراض الصدرية وعملت كطبيبة امتياز بالقصر العيني، تزوجت في نفس العام من أحمد حلمي زميل دراستها في الكلية. لم يستمر الزواج لفترة طويلة فإنتهى بعدها بعامين. وعندما سئلت عنه في إحدى حواراتها قالت:” زوجي الأول كان عظيماً، زميلي في كلية الطب. كان رائعاً، والد ابنتي. لم يرد والدي مني أن أتزوجه لأنه غادر إلى السويس لمحاربة البريطانيين. لكن بعد ذلك تم خيانة المقاتلين، والكثير منهم تم حبسه. هذه الأزمة كسرته وأصبح مدمناً. وأخبرت أنني لو تزوجته، قد يوقف إدمانه، لكنه لم يفعل. حاول قتلي، لذا تركته “.
تزوجت مرة ثانية من رجل قانون ولم يستمر هذا الزواج أيضا.
خلال عملها كطبيبة لاحظت المشاكل النفسية والجسدية للمرأة الناتجة على الممارسة القمعية للمجتمع والقمع الأسري . ففي أثناء عملها كطبيبة في مكان ميلادها بكفر طحلة، لاحظت الصعوبات والتمييز الذي تواجهه المرأة الريفية. وكنتيجة لمحاولتها للدفاع عن إحدى مرضاها من التعرض للعنف الأسري، تم نقلها مرة أخرى إلى القاهرة لتصبح في نهاية المطاف المدير المسؤول عن الصحة العامة في وزارة الصحة.
في ذلك الوقت قابلت زوجها الثالث الطبيب والروائي الماركسي شريف حتاتة الذي كان يشاركها العمل في الوزارة. اعتقل لمدة 13 عاما في عهد الرئيس جمال عبد الناصر. تزوجوا في عام 1964 ، ولكن إنتهى الزواج بطلاق بعد 43 عاما معا. وقالت عنه:” الزوج الثالث هو شريف حتاته، والد ابني، كان رجلا حراً جداً، ماركسي تم سجنه. عشت معه 43 عاماً، وأخبرت الجميع : هذا هو الرجل “النسوي” الوحيد على وجه الأرض. ثم بعد ذلك اضطررت للطلاق أيضاً. كان كاذباً. كان على علاقة بامرأة أخرى. تعقيد الشخصية ذات الطابع الأبوي. ألف كتباً عن المساواة بين الجنسين ثم خان زوجته. أنا متأكدة أن 95% من الرجال هكذا “.
في عام 1972 نشرت كتاب بعنوان المرأة والجنس ، مواجهة بذلك جميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة كالختان والطقوس الوحشية التي تقام في المجتمع الريفي للتأكد من عذرية الفتاة وأصبح ذلك الكتاب النص التأسيسي للموجة النسوية الثانية.
و كنتيجة لتأثير الكتاب الكبير على الأنشطة السياسية أقيلت نوال من مركزها في وزارة الصحة، لم يكتف الأمر على ذلك فقط فكلفها ذلك أيضا بمركزها كرئيس تحرير مجلة الصحة، وكأمين مساعد في نقابة الأطباء.
من عام 1973 إلى عام 1976 اهتمت نوال بدراسة شؤون المرأة ومرض العصاب في كلية الطب بجامعة عين شمس. ومن عام 1979 إلى 1980 عملت كمستشارة للأمم المتحدة في برنامج المرأة في أفريقيا (ECA) والشرق الأوسط (ECWA). .
السجن فى روايات السعداوى
تعتبر نوال السعداوي من الشخصيات المثيرة للجدل والناقدة للحكومة المصرية، ففي عام 1981 ساهمت نوال في تأسيس مجلة نسوية تسمى المواجهة ، وحكم عليها بالسجن 6 سبتمبر 1981 في عهد الرئيس محمد أنور السادات ، أطلق سراحها في نفس العام بعد شهر واحد من اغتيال الرئيس. ومن أشهر اقوالها ” لقد اصبح الخطر جزء من حياتي منذ أن رفعت القلم وكتبت . لا يوجد ما هو أخطر من الحقيقة في عالم مملوء بالكذب “.
سجنت نوال في سجن النساء بالقناطر. وعند خروجها قامت بكتابة كتابها الشهير “مذكرات في سجن النساء” عام 1983. ولم تكن تلك هي التجربة الوحيدة لها مع السجن، فقبل ذلك بتسع أعوام كانت متصله مع سجينة واتخذتها كملهمة لروايتها ” إمراة عند نقطة الصفر ” عام 1975.
كما رفضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في مصر في 12 مايو 2008 م. إسقاط الجنسية المصرية عن المفكرة المصرية نوال السعداوي، في دعوي رفعها ضدها أحد المحامين بسبب آرائها.
التهديد بالقتل والهروب خارج مصر
نتيجة لآرائها ومؤلفاتها تم رفع العديد من القضايا ضدها من قبل الإسلاميين مثل قضية الحسبة للتفريق بينها وبين زوجها، وتم توجيه تهمة “ازدراء الأديان” لها، كما وضع اسمها على ما وصفت ب”قائمة الموت للجماعات الإسلامية” حيث هددت بالموت. وفي عام 1988 سافرت خارج مصر. قبلت عرض التدريس في جامعة ديوك وقسم اللغات الأفريقية في شمال كالورينا وايضا جامعة واشنطن.
شغلت نوال العديد من المراكز المرموقة في الحياة الأكاديمية سواء في جامعة القاهرة داخل مصر أو في هارفرد، جامعة ييل، جامعة كولومبيا، جامعة السربون، جامعة جورج تاون، جامعة ولايه فلوريدا، أو جامعة كاليفورنيا في خارج مصر.
ورجعت نوال إلى مصر بعد 8 سنوات أي في عام 1996 ، وفور عودتها إلى مصر أكملت نشاطها وفكرت في دخول الإنتخابات المصرية في عام 2005 ولكن لم تقبل بسبب شروط التقديم الصارمة.
ثورة 25 يناير
كانت نوال من ضمن المتظاهرين في ميدان التحرير في ثورة يناير عام 2011. كما طالبت بإلغاء التعليم الديني في المدارس.
ارائها المثيرة للجدل
كانت تصريحات نوال دائما ما تكون مثيرة للجدل ، ففي مقابلة مع نوال السعداوي عام 2014 صرحت قائلة ” إن جذر اضطهاد المرأة يرجع إلى النظام الرأسمالي الحديث والذي تدعمه المؤسسات الدينية “. كما ترى أن نظام الميراث الإسلامي ظلم كبير للمرأة وتطالب بمساواة ميراث الرجل والمرأة.
كما صرحت بعد حادثة تدافع للحجاج في عام 2015 أثناء أداء فريضة الحج والذي أدى إلى مقتل المئات في حوار مع الغارديان ” تحدثوا عن طريقة تنظيم الحج، حول جعل الناس يسافرون في مجموعات أقل. ما لا يقولونه هو أن التدافع حدث لأن الناس تقاتلوا على رجم الشيطان ثم أضافت : لماذا يحتاجون إلى رجم الشيطان؟ لماذا يحتاجون إلى تقبيل الحجر الأسود؟ لكن لا يقول أحد ذلك. لن تنشر وسائل الإعلام ذلك. لم كل هذا التردد في انتقاد الدين؟ ربماهو الخوف من أن يكونوا عنصريين. ” .
مناهضة الختان
بدأت بمحاربة هذه العادة منذ شبابها. وعلقت في عام 2007 على وفاة الطفلة صاحبه الأثني عشر ربيعا بدور شاكر أثناء هذه العملية قائلة” بدور، هل كان يجب عليك الموت لتنيري هذه العقول المظلمة ؟ هل كان يجب عليك دفع هذا الثمن بحياتك ؟ يجب على الأطباء ورجال الدين ان يعلموا أن الدين الصحيح لا يأمر بقطع الأعضاء التناسلية. كطبيبة وناشطه في مجال حقوق الإنسان أرفض تماما هذه العملية كما أرفض ختان الذكور. وأؤمن أن الأطفال جميعا ذكورا وإناث يجب حمياتهم من هذا النوع من العمليات “.
الحجاب
ترى نوال أن الحجاب والنقاب من صور العبودية وضد الأخلاق والأمن، وأن الحجاب لا يعبر عن الأخلاق. وإستنكرت لماذا تتحجب المرأة ولا يتحجب الرجل ؟ بالرغم من وجود شهوة لكل منهما ؟ .
تعدد الزوجات
في إحدى حوارتها أعلنت أنها ترفض فكرة تعدد الزوجات قائلة ” إن تعدد الزوجات يخلق الكره بين الأطفال والزوجات كما يزيد من الحوادث، وأن تعدد الزوجات كذب وليس بالقرآن وبلاد عربية مثل تونس منعته “.
المثلية
لا ترى نوال المثلية الجنسية كشيء محرم فصرحت قائلة : ” الجنس عادة وتعود والمثلية لها أسبابها جزء منها وراثي بجانب التربية والخوف، والأمر يتطلب تحليله وإرجاعه لأسبابه الاجتماعية والبيولوجية وليس وضعهم في السجون، لأن هذا ليس الحل، ولازم يكون فيه حرية، فالمجتمع والدين لا دخل لهم بالجنس”، مستطردة: “لم نتربى على حرية الجنس، والعلاقات الجنسية شخصية “.
موقفها من الولايات المتحدة
في محاضرة عام 2002 في جامعة كاليفورنيا وصفت نوال السعداوي غزو أمريكيا لأفغانستان بأنها ” حرب لإستغلال النفط في المنطقة “. وأن السياسات الخارجية لأمريكا ودعمها لإسرائيل هو ” الإرهاب الحقيقي “. وأن المساعدات الأمريكية غرضها إبقاء المصريين في حالة فقر وعوز دائم.
من أشهر تصريحاتها
– ” الدين هو تجسيد للعنصرية. كل الآلهة غيورين. يقتل الناس لأنهم لا يصلّون إلى الاله الصحيح “.
– ” تقبيل الحجر الأسود والطواف حول الكعبة أفعال وثنية “.
– ” تهمة “ازدراء الأديان” مزيَّفة ومسيَّسة وسبوبة لهواة الشهرة “.
– ” كتبت “إلى الله” وعمري 7 سنوات “.
– ” كل نظام سياسي يفسر الدين كما يشاء “.
الجوائز :
حصلت نوال السعداوي على العديد من الجوائز العربية والعالمية منها جائزة الشمال والجنوب من المجلس الأوروبي عام 2004 ، وجائزة ستيغ داغيرمان من السويد 2011 ، وجائزة رابطة الأدب الأفريقي وجائزة جبران الأدبية ، وفي عام 2005 فازت بجائزة إينانا الدولية من بلجيكا، وفي عام 2012 فازت بجائزة شون ماكبرايد للسلام من المكتب الدولي للسلام في سويسرا.
وجائزة من جمعية الصداقة العربية الفرنسية وجائزة من المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى الدكتوراه الفخرية من قبل الكثير من الجامعات الأجنبية ، فقد استطاعت نوال أن تنال ثلاث درجات فخرية من ثلاث قارات.
أعمالها وكتاباتها التى ترجمت ل 20 لغة
بدأت نوال الكتابة مبكرا، فكانت أول أعمالها عبارة عن قصص قصيرة بعنوان ” تعلمت الحب ” في عام 1957 وأول رواياتها ” مذكرات طبيبة ” عام 1958. ويعتبر كتاب ” مذكرات في سجن النساء ” (1986) من أشهر أعمالها.
كتبَتْ نوال السعداوي أكثرَ من خمسين عملًا متنوِّعًا بين الرواية والقصة والمسرحية والسيرة الذاتية، وعزفت بقلمها على الثالوث المقدس (الدين والجنس والسياسة) لتقوِّضه؛ فهي تدعو لأن تتحرَّر المرأة من قَيْدِ عبوديةِ الرجل محلِّقةً في أُفُق أرحب من المساواة ذاتها؛ فالمرأةُ حين ارتدَتِ الحجابَ تديُّنًا استتر عقلُها قبل شعرها، واعتلاها الرجلُ باسم الجنس ، وترجمة كتاباتها لأكثر من 20 لغة وتدور الفكرة الأساسية لكتابات نوال السعداوي حول الربط بين تحرير المرأة والإنسان من ناحية وتحرير الوطن من ناحية أخرى في نواحي ثقافية واجتماعية وسياسية.
في عام 1972، نشرت أول أعمالها غير القصصية بعنوان ” المرأة والجنس ” مثيرة بذلك عداء كلا السلطات السياسية والدينية ، وكان هذا الكتاب من أسباب فصلها من وزارة الصحة .
ومن أعمالها أيضا ، الوجة العاري للمرأة العربية وهو تحليل كلاسيكي عن اضطهاد المرأة في العالم العربي (من بين صفحاته وصف لختان السعداوي وهي في سن السادسة، العملية التي تمت على أرض حمام العائلة بينما تنظر أمها وتبتسم وتضحك).
ومن أعمالها ، مذكرات طبيبة 1960 ، أوراق حياتي.2000، مذكرات في سجن النساء ، الزرقاء (مسرحية) ، سقوط الإمام ، قضايا المرأة المصرية السياسية والجنسية ، معركة جديدة في قضية المرأة ، الإنسان اثني عشر امرأة في زنزانة ، رواية موت الرجل الوحيد على الأرض ، تعلمت الحب ، توأم السلطة والجنس ، رحلاتي في العالم ، رواية كانت هي الأضعف ، لحظة صدق(قصة قصيرة) ، رواية جنات وإبليس ، رواية الصورة الممزقة ، المرأة والجنس ، رواية امرأة عند نقطة الصفر ، رواية الغائب .
بالاضافة الى كتاب المرأة والدين والأخلاق تأليف نوال السعداوي اشتركت في تأليفه د.هبة رؤوف عزت (مناظرة حول قضايا المرأة)2000 .
بالاضافة الى رواية الأغنية الدائرية ، دراسات عن الرجل والمرأة ، كسر الحدود ، الحاكم بأمر الله(مسرحية من فصلين) ، رواية سقوط الإمام 1987 التى ترجمت إلى 14 لغة كالإنجليزية والألمانية والفرنسية والسويدية والإندونيسية ، رواية الرواية ، رواية امرأتان في امرأة ، الخيط وعين الحياة 1988 ن الأنثى هي الأصل 1971،الرجل والجنس 1973، المرأة والصراع النفسى 1975 ، راوية الحب في زمن النفط ، الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة 2006 (الكتاب تم منعه من النشر في مصر) ، رواية زينة 2009.
وعلى الرغم من جهدها في الدفاع عن قضايا المرأة المصرية والعربية، فإن الاحتفاء بها جاء من عدة دول غير عربية وأجنبية ، كما أنها رُشِّحت لجائزة نوبل. ويظل اسم نوال السعداوي من أهم الأسماء المحفورة في مخيِّلة الأدب النِّسوي.