الأمومة ليست فقط عاطفة نتكلم عنها أو غريزة تعد أقوى الغرائز في كل الكائنات الحية ولكنها مرآة للحب الحقيقي العديم الغش ..الصادق المستمر بلا أي شروط.
الذي يمكن أن نعتبره مقياسا نقيس عليه مدي سلوكنا بمحبة حقيقية مع الآخرين.
قالت لي صديقة في إحدي الأيام : سألت مرة نفسي هل ما أغضب منه من زوجي احيانا وربما يشعل شجارا عنيفا بيننا كان سيغضبني بنفس الدرجة إذا صدر من ابني؟…فكانت الإجابة الفورية “لا طبعا”..كنت سألتمس له مائة عذر ..وان اخذت علي خاطري فستكون حالة عابرة “.وحينئذ عرفت أن سبب المشاكل مع زوجها هو خلل في المحبة بمقايسها الحقيقة وليست العاطفية وعليها مراجعة نفسها.
الأمومة مدرسة للحب غير المشروط الذي يجعل الأم تحب وتحب فقط مهما كان الأبن متعبا أو مشاغبا أو حتي فاشلا فهي لاتعرف سوي أن تحبه بلا أي شروط . والمحبة غير المشروطة للآخرين درجة عالية وسامية جدا من المحبة نادرة وعزيزة فينا وفيمن حولنا إلا أنها موجودة وربما كنت محظوظة اني رأيتها في بعض الشخصيات التى اعرفها وكنت أقف أمامهم مبهورة …
الأمومة حالة انسانية لا ترتبط بالضرورة بالإنجاب فهناك شخصيات تنضح أمومة مع الآخرين…تراودني أسماء بعينها في ذاكرتي منهن من هم في عمرى بل وبعضهن اصغر مني سنا ولكنني أشعر أنهن معجونات بالأمومة ..أمومة فياضة وكأنني ابنه لهن !! محبة غامرة ..سؤال مستمر لاينقطع … العتاب ليس في قاموسهن الحوارى مهما قصرت معهن في اي شئ ..ملتمسات الأعذار ببراعة مبهرة .. حنان متدفق بلا حدود ولا شروط..صدر حنون كاتم الاسرار مضمد لجراحات النفس ..صدق في المحبة تصل للنخاع.
الأمومة مدرسة الاحتمال بلا تذمر ..اجلي صورة لها في الأم التي شاء القدر أن يكون طفلها له ظروف صحية خاصة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة ونجدها تطرق كل الأبواب لتبحث له عن علاج او تأهيل مهما تكلفت من الجهد والمال ..واستحالة ابدا تتذمر عليه وتقول كفاية تعبت بل تدارى عنه كل اتعابها وتعتبره أغلى ما تملك في دنياها…وربما يفجر فيها طاقات عطاء تمتد لآخرين ..فكم من أمهات لأطفال في ظروف خاصة أطلقن مبادرات واسسن مراكز تأهيل لمن هم في مثل ظروف أطفالهن فأدي بهن الاحتمال بلا تذمر الي عطاء تخطى حدود الأبناء بالجسد الى ابناء الانسانية ..انها الأمومة
الأمومة مدرسة منقطعة النظير للعطاء دون انتظار مقابل ..فالام لا يمكن أن تعير أبنائها بما بذلته لأجلهم ولا تنتظر أن يردوا لها جميلا ولا واجبا ..فقط تعطى وتعطي وتعطي بلا حساب ولو حساب صحتها وراحتها وهوايتها ويكون ابنائها هم الأولوية الأولى في حياتها وإن أدخلها ذلك في أزمات مع زوجها..وهذا لايعني انها لا تتألم إذا تسلل الجحود للأبناء فجرحها وقتئذ يكون اصعب الجروح في حياتها..
الأمومة مدرسة للتعليم المستمر ..فالام منذ حملها بالجنين تبدأ تقرأ وتسأل وتسمع عما يجب عليها في تلك المرحلة وبعد الولادة ومع كل مرحلة من مراحل عمر طفلها تحاول بشتي الطرق أن تثقف نفسها لتفهم طبيعة مرحلة طفلها وكيف تتعامل معه..والاكثر من ذلك أن بعض الامهات يتعلمون لغة معينة لان ابنهم يدرس تلك اللغة ليستطعن متابعته.
الأم مدرسة في الرجاء فالأم ترى في مولودها رجلا( أو امرأة ) ناجحا نافعا
وتثابر علي تلك النبتة الصغير ساهرة حتي يتحقق الحلم رغم متاعب وصعوبات رحلة الحياة الطويلة.
أن أردت أن تتعلم المحبة الحقيقية التي وصفها الكتاب المقدس بأنها تتأنى وترفق لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تطلب ما لنفسها لا تظن السوء لاتفرح بالاثم بل تفرح بالحق…فتعلم من مدرسة الأمومة.
وكل سنة وكل الأمهات بكل خير