مدارس “العهد الجديد” منارة تربوية وتعليمية في سمالوط بدأت بفكرة النهوض بالتعليم في المنيا وحصلت على الأيزو بعد سبع سنوات، ومازالت تكمل رسالتها في تطور مستمر.. فكان لوطني حوار مع الأستاذة نيفين ناجي، ممثل قانوني ومدير عام مجمع مدارس “العهد الجديد” بسمالوط..
فكرة المدارس منذ نشأتها حتى حصولها على الأيزو ووصولاً بها لنموذج مدارس يحتذى به في الصعيد؟
الفكرة كانت وليدة عقل سيدنا الأنبا بفنوتيوس، عندما جاء إلى سمالوط، ودرس الايبارشية ورأى أن أحد النقاط الهامة هي النهوض بالتعليم.
أنشأ مجمع مدارس مكون من ستة مدارس – عربي ولغات، لكل المراحل – إبتدائي واعدادي وثانوي – إضافة إلى مرحلة الحضانة (kG)
من النقاط الأساسية التي علمها لنا نيافة الأنبا بفنوتيوس في خدمته، أننا مهمتنا على الأرض هي خدمة البشر بدون تفرقة، فلا يوجد فرق بين مسلم ومسيحي.. وهذا ما استطعنا أن ننفذه فعلاً داخل مجمع المدارس، بدأنا بحوالي 300 طالب ووصلنا في أقل من 10 سنوات إلى ألفين طالب.
أما عن الأيزو، فقمنا بتقديم طلب لتقييم مرحلتي إبتدائي واعدادي بعد 7 سنوات من العمل. بمجرد زيارتهم من أول مرة تمت الموافقة واعتماد المدارس، وكل مرة تتابعنا اللجنة التقييمية يكون تعليقاتهم إيجابية جداً.
كيف يتم اختيار المدرسين؟
رسالتنا الأولى للمدرسين دائما هي أننا “نخدم ونعمل” ولا يتجزأ واحد منهما عن الأخر، لأن من الصفات الأساسية للمدرسة هي التربية والتعليم، فلا يمكن أن ننهض بهؤلاء الأطفال ونقدمهم للمجتمع بتعليم فقط بدون تربية. كل من تخرج من مدارس رهبان أو راهبات كان لهم أثر في حياته أكثر من المعلومات العلمية التي حصلها في فترة الدراسة، لذا نحن نهتم بنفس القدر لتقديم للأطفال رسالة تربوية مع التعليمية.
من ضمن النقاط المهمة أيضا في تقييم واختيار المدرس، هي التأكد من قدرته على توصيل حبه وتفانيه للأولاد، حتى يتقبله الأولاد ويحترموه ويتلقون المادة العلمية التي يقدمها بارتياح.
تبدأ عملية اختيار المدرسين بمقابلة أولية ثم اختبار في مادته من قبل مسئولين المادة ثم مقابلة مع سيدنا الأسقف، بعدها يتم متابعته داخل الفصل مدة معينة كتدريب عملي، حتى نتأكد من سلوك المدرس بالفصل وأسلوبه مع الطلبة، فإذا نجح باجتياز كل ذلك ينضم إلى فريق العمل.
ما الذي يميز مدارس “العهد الجديد” عن مثيلاتها في الصعيد؟
احترامنا للطفل من صغره هو سر تكوينه النفسي السليم، نسمع لهم ونحترمهم ونحافظ على واجباتنا تجاههم ونعلمهم السلوك الطيب بدون استخدام الضرب أو سياسة التخويف، ونعلم الطفل التعبير عن رأيه من صغره بأسلوب لائق. نحن نعمل بحب وخدمة لهؤلاء الأطفال، وليس لنا هدف استثماري..
ما رأيكم في نظام التعليم الجديد؟
مدارس العهد الجديد كانت أول مدارس تطبق نظام التعليم الجديد لأننا اقتنعنا به بشدة. ونحن نعتبر أن ما يحدث الأن في منظومة التعليم “عصر النعمة” ودائما أقول أن الأولاد في مرحلة 3 ابتدائي عندما يتخرجون من الجامعة سيقدرون ما فعله معهم الدكتور طارق شوقي وزير التعليم.
قديماً لو سألت أي طفل عن حلمه لمهنته مستقبلاً كانت دائما تكون دكتور أو مهندس أو طيار أو ضابط، أما الأن لو وجهت لطفل هذا السؤال تجده يجاوبك أنه مازال يحتاج فرصة للتفكير لدراسة كل الامكانيات، ففي النظام الجديد للتعليم تجد في “كي جي 1 أول درس عنوانه “اكتشف” اكتشف نفسك وزميلك في المدرسة، اكتشف والدك ووالدتك في البيت، إرسمهم وعبر عنهم، ثم يأتي باقي المنهج عن اكتشاف البيئة المحيطة لك وهكذا كل المنهج مبني عن ملاحظة الطفل وادراكه وليس قائم على معلومات ثابتة يحفظها الطفل، وهذا الاستكشاف جعل الأطفال يحبون العلم، وبرغم أن منهج هذا السن يبدو كبير جداً لكنه يوصل المعلومات بطريقة جميلة للأطفال. ونظام التعليم الجديد ينمي المواهب والقدرات لدى الطفل ويجعله يتميز في ما يهواه.
ما العوائق أو المشكلات التي تواجهكم في تطبيق نظام التعليم الجديد؟
العائق الأساسي هو الفكر القديم، فمن يهاجم فكرة النظام الجديد هو المدرس وأولياء الأمور. المدرس يعارض أي تطوير لأنه يحرمه من باب رزق من الدروس الخصوصية، أما أولياء الأمور يعارضون الفكرة لخوفهم من أي جديد لا يعرفونه ولم يذوقوا ثماره.
المشكلة الوحيدة في المنظومة التعليمية الجديدة التي تقابلنا، هي الأب والأم.. هما معذورين لأنهم مرعوبين، لكنهم سرعان ما يطمئنوا عندما تتخرج دفعة 3 ثانوي هذا العام ويدخلون التنسيق ويلتحقون بالجامعات، هذه ستكون بداية ثمار هذا التعليم. وبالطبع كل دفعة اختبرت التعليم الجديد أكثر ستكون احسن حالاً مِن مَن سبقوها.
أما ما يشاع عن معوقات التعليم الجديد بسبب التوصيلات أو الانترنت، أنا لا أعتبره عائق لأننا نجد الفلاح البسيط معه تليفون في أرضه وعليه انترنت.
التعليم “الأون لاين”.. هل المؤسسات التعليمية مستعدة لذلك؟
المؤسسات التعليمية نوعين، المدارس الخاصة والمدارس الحكومية.. في حالة المدارس الخاصة أتصور أن 90% منها تستطيع تنفيذ التعليم “أون لاين”. لكن المشكلة تكمن في حالة المدارس الحكومية لأن هذا ليس سهلاً.. الدولة استطاعت أن تدعم المدارس الحكومية بأرقام خيالية لامدادهم بأجهزة ومعدات ووصلات للارتقاء بالتعليم وتحويله الكتروني، لكن المشكلة هي في فريق التدريس الذي يطالب أن يعمل بتلك الأنظمة الجديدة، في الأغلب أن معظم المدرسين مازال غير قادر للتكيف مع الأسلوب الجديد، خصوصاً المدارس التي توجد في الأرياف.
تدريب المدرسين يتم بأعداد كبيرة من قبل الدولة، لكن يجب أن يسعى المدرس نفسه ليتعلم النظام الجديد، ولا ينهج نهج موظف الحكومة الذي لا يبالي من تطوير أداؤه. في المدارس الخاصة من لا يتميز من المدرسين يعلم جيدأ أنه سيتم استبداله لذا يحرص على عمل المزيد وتطوير نفسه ليتواكب مع النظام الجديد.
برغم العوائق التي تواجهنا الأن لكني أرى أن مستقبل التعليم في مصر سيتطور والمدارس الحكومية والخاصة ستتكيف وتواكب أسلوب التعليم الجديد، ولا ننسى المدارس التجريبية التي يتم بذل مجهود فيها عظيم من قبل الوزارة.
هل الوزارة تلزم المدارس بعمل منصات تعليمية؟ وما رأيك في منصة الوزارة وبنك المعرفة؟
ما تتيحه لنا الوزارة من منصة وبنك المعرفة متاحة لكل طالب سواء كان في مدرسة حكومية أو خاصة. لكن في بعض المدارس الخاصة تجدهم يحاولون تقديم المزيد للطالب من خلال منصة تعليمية إضافية خاصة بهم، فكل مدرس يسجل شرح المحاضرات ويتيحها للطلبة من خلال المنصة الخاصة بالمدرسة.
هل يمكن أن يقدم العلم بطريقة الأون لاين فقط في المستقبل؟
التعليم الأون لاين جيد في الأزمات أو يكون مساعد بجانب تواجد الطلبة في المدرسة، لكن لا يمكن الاعتماد عليه كلياً لأن الطفل يجب أن يعيش ويتفاعل وسط المجتمع خاصة مجتمع المدرسة سواء مع مدرسين أو مع زملاء له.
فالمدرسة لها دور مهم مع الطالب وهو الدور التربوي، ففي فترة كورونا أؤكد لك أن الكثير من الأولاد خرجت منها بمشكلات نفسية رهيبة لأن العزلة في البيت وعدم التفاعل مع الأخرين تسبب مشاكل كثيرة.
من ضمن النقاط المهمة التي كنا نقيم بها الأطفال كانت قدرتهم على المشاركة الإجتماعية، وطبعاً هذا تم تأجيله وقت كورونا ولذا يجب أن الطالب يعود لمجتمعه الطبيعي في المدرسة. لاسيما أن المدرسة تشكل جزء كبير من شخصية الطفل التي لا يمكن أن تتشكل في مكان معزول مثل البيت.
ماذا عن مادة القيم والأخلاق؟
هي فعلاً نزلت على الصف الثالث الابتدائي، ونحن ندرسها فعلاً، لكن ما يحيرنا هو من يدرس تلك المادة – مدرس مسلم أم مدرس مسيحي..
بالنسبة لمدارس العهد الجديد، استطعنا نتعامل مع المادة بسهولة لأننا كنا ندرس مادة اسمها الاتيكيت، فدمجنا الاثنين مع بعض.
أنا من مشجعي إستبدال مادة الدين بمادة القيم والأخلاق، لأن من تجربة المدرسة في السن الصغير نجد أن اطفال الحضانة عندما يصلون إلى سن أولى ابتدائي يتولد لديهم مشكلة ولا يفهمون لماذا المدرسين يفصلون الأطفال عن بعض في فصلين مختلفين، وكثيرا ما نجد أطفال مستائين من انفصالهم عن أصدقاؤهم من ديانة أخرى. فما بالك لو استمر الأصدقاء معا بدون التركيز على هذا الفصل بينهم وعلمناهم الإثنين احترام الأديان من خلال مادة القيم والأخلاق. هذا سيقوي صدقاتهم ولن يشعر كل واحد منهم باختلافه عن الأخر.
أما ما نحتاجه للطالب لتعلم دينه أكثر يتم من خلال البيت والأم والأب، في كل أسرة تتردد على جامع أو كنيسة وهذه هي ما نطلق عليها بيوت الله ولا يوجد أحسن من بيت الله لتعلم الدين الصحيح.