يحتفل العالم كله في 21 مارس من كل عام باليوم العالمي للتوعية بمتلازمة داون وتم اختيار هذا اليوم لانقسام كروموسوم 21 إلي 3 وقد سمي بمتلازمة داون نسبة إلي العالم (جون لانجدون داون), الذي اكتشف الصفات المتشابهة نتيجة هذا الكروموسوم فسميت بمتلازمة داون.. وبالرغم من النجاحات الكثيرة التي حققها العديد من الأشخاص من مختلف المراحل العمرية أصحاب متلازمة داون ألا أن هناك العديد من الأسر لا تزال تطلق عليهم البركة دون أن يهتموا بتعليمهم وتنمية مهارات الأبناء ممن لديهم متلازمة داون ويكتفون بأنهم مصدر البركة كما يقولون.. بالرغم من حقهم في أن يتعلموا بالمدارس مثل باقي الأطفال وأن يحصلوا علي الرعاية والاهتام في مجالات تنمية المهارات وتطوير اللغة والتواصل مع الآخرين.. لكن حينما يغلق بعض الآباء والأمهات علي أبنائهم الباب أمام التعلم وممارسة الأنشطة الحياتية المختلفة هم بذلك يحرمون المجتمع من قوي لا يستهان بها في المستقبل ويحرمون أبناءهم من حقوقهم الأساسية في الحياة.. نماذج كثيرة من أصحاب متلازمة داون نجحت حينما تم تقديم الرعاية والاهتمام بهم من قبل أسرهم والمؤسسات العاملة علي تنمية مهاراتهم وتطويرها, واجتازوا مراحل تعليمية مختلفة ومنهم من تم تدريبه وتأهيله وحصل علي فرصة عمل مناسبة.
سما رامي الطالبة بالتعليم الجامعي من أصحاب متلازمة داون, وأيقونة التغيير كما يطلق عليها لأنها طالبت الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم بحذف مصطلح البله المغولي من أحد دروس مادة الأحياء بالصف الأول الثانوي ولقد استجاب الوزير بالفعل.
قالت سما رامي: أقدم في اليوم العالمي لأصحاب متلازمة داون رسالة لكل أب وأم ولكل أسرة وعائلة رزقوا بطفل من أصحاب متلازمة داون ألا يتركوا أبناءهم دون أن يهتموا بتعليمهم.. شاهدت يوما طفلا يقف في الشارع طوال اليوم تقريبا, ومش بيروح المدرسة, وسألت والدتي إيه السبب وياريت نساعده يقدر يروح المدرسة, وقابلنا والدتها لكن انصدمنا لما عرفنا أنه عمره 10 سنوات وأن الأم والأب شايفين أنه غير قابل للتعليم في المدرسة وأنه في الشارع طول اليوم, وممكن يشتغل أي حاجة ويكون مصدر دخل لأسرته الفقيرة لأنه البركة حسب تعبير والدة الطفل, رجعت وأنا حزينة وتمنيت لو أن كل أب وأم لا يتركون أطفالهم من متلازمة داون بلا تعليم.
والدة الطفل يوسف من أصحاب متلازمة داون قالت: يستحسن تجيبي غيره لأن الولد ده معاق ومش هينفع يتعلم.. كانت هذه هي كلمات الطبيب إلي الأم بعد ولادة طفلها بأشهر قليلة.. وكملت مشوار طويل في عيادات الأطباء وفي مراكز مختلفة وتكلفت مبالغ مالية كبيرة يمكن حد يطمني ويقول لي إن يوسف مافيهوش حاجة.
وفي يوم وأنا في المترو اتكلمت معي أم وقالت لي: عندي طفل مثل ابنك وقالت لي إنه لازم يروح جلسات تنمية مهارات وعرفتني بمركز يقدم هذه الخدمة, وكانت بداية طريق جديد كله أمل حسيت فيه إني مش لوحدي, وفهمت يعني إيه متلازمة داون, وأن دا نوع من أنواع الإعاقة الذهنية منتشر في كل الأوساط الاجتماعية.. وأن الأطفال إللي عندهم متلازمة داون ممكن يتعلموا وحتي يدخلوا الجامعة وممكن يشتغلوا, وهناك قابلت أخصائيين سمعوني وشرحوا لي تفاصيل كثيرة, ودخل يوسف المدرسة وحاليا بطل سباحة وأخذ ميداليات وبيلعب مع أخواته وله أصحاب بيسألوا عليه لو غاب, وبعد ما كنت باتكسف أنزل بيه في الشارع, بقيت فخورة بيه وإللي وصل له, وبأنه بقي سبب سعادتنا وترابطنا كأسرة.
آباء وأمهات كثيرون قاموا بالاهتمام بأطفالهم من أصحاب متلازمة داون منذ الأشهر الأولي لميلادهم دون كلل أو ملل, بل ولم يكتفوا بالتعليم في المدرسة لكنهم حرصوا علي تنمية مهاراتهم في مختلف المجالات: التخاطب- المهارات- الفنون- الرياضة.. إلخ, والمثابرة مع أبنائهم مستمرة ولم يستسلموا لأي ضغوطات أو لليأس حينما يحدث فشل, ولم يطلقوا عليهم البركة ويقوموا بحجبهم عن الناس والمجتمع المحيط ويحرمهم من حقهم في التعليم والحياة بشكل طبيعي هذه ليست البركة أبدا لأن البركة في تعليمهم.