** لم يكن غريبا أن تضيء شاشة المحمول تحمل اسمه.. سنوات خمس مضت ومن حين إلي آخر يعاود الاتصال, فمشاكله مع عينيه متواصلة ومتاعبه معها مستمرة, وكلما قطعنا معه خطوة للأحسن, عدنا خطوات مع مفاجأة جديدة تصيب عينيه ضمن سلسلة طويلة لا تنقطع.. ولأنه رقيق المشاعر, مرهف الحس, دقيق التعامل فلم يفاجئنا مرة.. كلما جد جديد لا بد أن يتصل, وأن يستأذن, ويطلب المساعدة في رجاء يصل إلي حد التوسل, رغم أننا في كل مرة نؤكد له ترحيبنا به وسعادتنا في مساعدته.
** الأسبوع الماضي اتصل يخبرنا أن شبورة جديدة عادت تغطي عينيه, وأنه لم يعد يبصر إلا طشاش.. ليست هذه هي المرة الأولي التي نسمع فيها هذه التعبيرات, ولكنها هذه المرة وقعت علينا كالصاعقة, فلم يكن في الحسبان ولا في تصورنا أن هذا يمكن أن يتكرر بعد أن أكد لنا الطبيب المعالج في آخر مناظرة له منذ شهور أن الأمور مستقرة, وأن درجة إبصاره وصلت إلي أحسن ما يمكن أن يكون بعد التدهور الكبير الذي أصابها.. ووسط مشاعر متأرجحة بين القلق والاستغراب دعوناه للحضور فورا, وفي الوقت ذاته اتصلنا بالمستشفي لتحديد موعد لمناظرته.
** في تمام الواحدة ظهر الاثنين الأول من مارس الجاري, كان باسم أمام أمهر أطباء العيون الذي رافقه منذ أول جراحة في أكتوبر 2003 لتثبيت قرنية العين اليمني, وما لحقها في أكتوبر 2004 بترقيع قرنية بالعين اليسري, وانتقل بعينيه من العمي إلي الإبصار رغم سلسلة المتاعب والمفاجآت التي اعترضت رحلة علاجه والتي رافقناه فيها علي امتداد السنوات الخمس الماضية.. وفي كل مرة كان ينجح الدكتور العلامة فتحي فوزي في التغلب عليها والمضي به نحو النور بما أعطاه الرب من مواهب وعلم وبراعة عشناها في رحلتنا مع صديقنا باسم الذي كان أعمي والآن يبصر.
** قصة رحلتنا مع عيون باسم ستظل عالقة في ذاكرتنا, منقوشة علي صفحات وطني كما كتبناها صباح الأحد 24 أبريل ..2006 قصة تحكي عن طبيب حباه الله بمهارة تأتي بما يشبه المعجزات, وعن إيمان شاب ترك عينيه في يد الرب فأبصر.. وكقول داود المرتل اكشف عن عيني فأري عجائب من شريعتك.. لهذا رأيت أن أحدثكم عن رحلاتنا مع باسم من البداية ليبقي عمل الرب مضيئا أمامكم.. البداية تعود إلي عام ..2006 وأنا هنا عندما أقول أحدثكم عن رحلاتنا مع باسم من البداية لا أقصد أن أعود بكم إلي ماكتبناه في عام 2006, لكن أقصد أن أحدثكم عن تتابع خطوات قطعناها معه في صمت فقد حان الوقت لتعرفوا كم ثمرة عطاياكم عالمين أن تعبكم ليس باطلا في الرب.. لكن حتي هذا عدت وعدلت عنه ورأيت أن أحدثكم من النهاية, رأيت أن أطمئنكم أولا علي عيون باسم بعد استغاثته التي أزعجتنا الأسبوع الماضي.
** بمجرد أن جلس باسم علي كرسي الفحص أمام الدكتور فتحي فوزي, ووضع عينيه واحدة وراءالأخري في الدائرة الميكروسكوبية كان كل شيء واضحا, وتقرر عمل جلسة ليزر للحافظة الخلفية بالعين اليسري.. عملية بسيطة لم تستغرق سوي دقائق في ذات اليوم وسط إمكانيات عالية, وتقنية متقدمة, وأجهزة حديثة, وقلوب عامرة بالإيمان مملوءة بالحب.. وعاد باسم يحمل معه مجموعة الأدوية المقررة لعينيه علي امتداد أسبوعين.. المهم أنه عاد مطمئنا, وفي كل مرة يأتي ويعود يتأكد له ولنا أن يد الله هي التي تعمل.. عطاياكم تؤازرنا لكن صلواتكم تشفي مرضانا.. داوموا معنا يا كل الأصدقاء.. وعن البداية سأحدثكم الأحد القام.