حققت الإمارات معجزة كان يحلم بها قادة دول عربية كثيرة بدأت نهضتها منذ ستينيات القرن الماضي من خلال عمل صامت دؤوب بدأ منذ عقدين بتنمية شاملة تجاوزت الاستفادة من النفط والرعاية للشعب وأسست بنية تحتية استثنائية تضعها ضمن الدول المتصاعدة تنمويا ونهضويا ليس علي مستوي المنطقة وإنما علي مستوي العالم, ومن علامات ذلك مؤخرا تأسيسها وزارة للسعادة.
هذا ليس معناه أن الإمارات تعيش في الخيال, بل تعيش في الواقع بعدد سكان يصل إلي 9 ملايين و300 ألف نسمة, فهذه الدولة ليس لديها الكم الهائل من التحديات التي تواجه بلدنا مصر, فنتمني أن يصبح لمصر هذا الترف في وجود وزارة للسعادة, ولكن تعال عزيزي القارئ أقل لك: إن مصر لديها الكثير من التحديات والمسئوليات والأولويات قبل هذا الترف, فالإمارات ليس لديها تحدي توفير مليون فرصة عمل للشباب الذين يقبلون إلي سوق العمل كل سنة في مصر وهي أولويات مهمة وضروية قبل إنشاء وزارة للسعادة.
نحن مدركون أن الإمارات أو البحرين أو أي دول شقيقة في الخليج العربي عدد سكانها محدود جدا مقارنة بـ105 ملايين نسمة هم عدد سكان مصر, والذي يفسر أن الإمارات لديها هذا الترف أن مشكلاتها في التطوير والإصلاح والتعامل مع احتياجات شعبها مشكلة هينة جدا بالمقارنة بالمشكلات والتحديات التي تواجهها القيادة والإدارة المصرية التي تحاول أن تنقل الـ105 ملايين نسمة إلي مستوي أفضل من الخدمات المعيشية مثل الإسكان والصحة والتعليم والخدمات التنموية وغيرها.
كما أن الشعب المصري بطبيعة حاله شعب فكاهي لديه قدرة عبقرية علي السخرية من الواقع المعاش والتحديات التي تقابله كل يوم, كما أكد الباحثون الاجتماعيون والمحللون علي أن هذه القدرة العبقرية للسخرية من الواقع سمحت للمصريين أن يتجاوزو الكثير من المحن والشدائد, لأنهم يضحكون علي الواقع القاسي المرير وعلي ما يمرون به من معاناة ونقص في الخدمات الضرورية والأساسية, لا نستطيع أن نقول إن المصريين لا يحتاجون إلي وزارة للسعادة, بل هم في حاجة لأن يدركوا التحديات الكثيرة التي تمر بها مصر, وأن اليوم بلدنا يعطينا الأمل في غد أفضل قد يصل بنا لوزارة السعادة في يوم ما, لأن الدولة بالقيادة الحكيمة تسعي إلي تحقيق التقدم والنمو والارتقاء بالمواطنين.
شكرا… لوزارة السعادة في الإمارات ونرجو من القارئ العزيز أن يتفهم أن كلنا نحلم أن مصر تصل في يوم من الأيام لأن تؤسس وزارة لسعادة المصريين.