ها نحن نبدأ الأسبوع الثالث من الصوم المقدس وأمام أعيننا صورة الرب يسوع وقد جُرِّب من إبليس. ونحن على يقين أننا نحن أيضا، طالما بدأنا هذا الصوم بتقديم التوبة فى أسبوعه الأول لنسعى فى الأسبوع الثانى إلى ملكوت السموات، سوف نجرب حتما من إبليس.
هذا الأسبوع والأسابيع القادمة أيضا من الصوم تمثل ليس فقط رحلة الصوم الأربعينى، بل هى بالأحرى تمثل رحلة حياتنا بأكملها التى نسعى فيها بكل جهد لبلوغ الملكوت والحياة. ولن يتركنا إبليس نبدأ هذا الهدف المحيى دون أن يحاربنا بكل قوته. فهل نحن نواجه حرب إبليس دون سلاح؟ لقد غلبه الرب يسوع بكلام الله وروح الله، وها هو الرب يعلن لنا ونحن على أعتاب التجربة أن الله نفسه وابنه معنا دوما فى هذه الحرب.
فى النبؤة الأولى من (أمثال ١: ٢٠ الخ ) نسمع صوت الحكمة، والحكمة هى روح الله تنادى علينا: “اَلْحِكْمَةُ تُنَادِي فِي الْخَارِجِ. فِي الشَّوَارِعِ تُعْطِي صَوْتَهَا … قَائِلَةً: «إِلَى مَتَى أَيُّهَا الْجُهَّالُ تُحِبُّونَ الْجَهْلَ، وَالْمُسْتَهْزِئُونَ يُسَرُّونَ بِالاسْتِهْزَاءِ، وَالْحَمْقَى يُبْغِضُونَ الْعِلْمَ؟ اِرْجِعُوا عِنْدَ تَوْبِيخِي. هأَنَذَا أُفِيضُ لَكُمْ رُوحِي. لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، بَلْ رَفَضْتُمْ كُلَّ مَشُورَتِى. إِذَا جَاءَتْ عَلَيْكُمْ شِدَّةٌ وَضِيقٌ. حِينَئِذٍ يَدْعُونَنِي فَلاَ أَسْتَجِيبُ. يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ فَلاَ يَجِدُونَنِي. لأَنَّهُمْ أَبْغَضُوا الْعِلْمَ وَلَمْ يَخْتَارُوا مَخَافَةَ الرَّبِّ. لَمْ يَرْضَوْا مَشُورَتِي.. فَلِذلِكَ يَأْكُلُونَ مِنْ ثَمَرِ طَرِيقِهِمْ … أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِنًا، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ الشَّرِّ». قد وهبنا الله حكمته بكل سخاء، فإن رفضناها نأكل من ثمار طريقنا السيئ، وإن قبلناها نسكن آمنين من الشر.
النبؤة الثانية من (أشعياء ٨، ٩)”قَدِّسُوا رَبَّ الْجُنُودِ فَهُوَ خَوْفُكُمْ وَهُوَ رَهْبَتُكُمْ … فكَمَا أَهَانَ الزَّمَانُ الأَوَلُ أَرْضَ زَبُولُونَ وَأَرْضَ نَفْتَالِي، يُكْرِمُ الأَخِيرُ طَرِيقَ الْبَحْرِ، عَبْرَ الأُرْدُنِّ، جَلِيلَ الأُمَمِ. اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ … لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ … وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ”. قد وهبنا عمانوئيل، الله ذاته معنا، ليثبتا بالحق والبر.
وها انجيل باكر من (لوقا ٩: ١١-٢٨ ) يعطينا مثل الوزنات، الهبات التى يعطيها لنا الله لنتاجر بها ونربح الملكوت. والاختيار لنا: هل نتاجر ونربح فعلا، أم ندفنها فى الأرض فلا نحقق شئ سوى الارتماء فى أحضان إبليس؟
الكاثوليكون من (١ بطرس ١: ٣-١٢ ) “مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ … لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ … مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ إِنْ كَانَ يَجِبُ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ … لِكَيْ تَكُونَ تزكية إيمانكم تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيح … فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ، نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ”. فعلا، نحن نحزن بتجارب متنوعة، لكن أخيرا يمكننا أن ننال الخلاص والفرح اللذان وعدنا الرب بهما.
انجيل القداس من (لوقا ١١: ٣٣-٣٦ ) “لَيْسَ أَحَدٌ يُوقِدُ سِرَاجًا وَيَضَعُهُ فِي خِفْيَةٍ، وَلاَ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ. سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا…. اُنْظُرْ إِذًا لِئَلاَّ يَكُونَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظُلْمَةً”.
التحذير واضح: النور — روح الله وحكمته التى تعضدنا — فينا لكن نحن قادرون أن نجعله على المنارة فيضئ للكل، أو نطفئه فنكون ظلمة.