نبؤات أيام الأربعاء من الصوم المقدس تتابع قصة خروج بنى إسرائيل من مصر، منذ سمع الرب أنينهم من قسوة العبودية فأرسل موسى ليخرجهم من أرض العبودية إلى أرض الموعد. الأرض التى تفيض لبنًا وعسلًا التى وعد بها إبراهيم واسحق ويعقوب.
الرحلة من أرض العبودية إلى أرض الموعد هى ذاتها الرحلة التى نقطعها نحن بصومنا هذا حيث نعبر من أرض الخطية إلى الملكوت.
نبؤة اليوم من (خروج ٧، ٨ ) تخبر عن الضربات الثلاث الأولى التى وجهها الرب ضد فرعون: تحويل ماء النيل إلى دم، ضربة الضفادع، ضربة البعوض. فى كل مرة كان قلب فرعون يقسو بعدما ترفع الضربة، حتى عندما أبلغه السحرة: “هذا إصبع الله”.
تتسق هذه الرؤية مع نهج هذا الاسبوع من الصوم الذى يبرز تجبر “الكبير” على “الصغير”، لكن الرب يقبل الصغير ويحميه وينقذه بل يمنحه أيضا نعمة البنوة كما فعل مع الابن الأصغر، الابن الضال.
نبؤة اخرى تأتى من (سفر أيوب ١: ١-٢٢) وهى تحكى تجربة أيوب من أولها، حين سمح الرب بأن يجرب الشيطان هذا الرجل البار، لكن الرب كان حاسمًا: “هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ”. ترجمة القطمارس القبطى أوضح: “هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ وجسده، ما عدا نفسه لا تتسلط عليها”. أى أن الرب يسيج حول أنفسنا فلا يجرؤ الشيطان على الاقتراب منها. يفقد أيوب ثروته بالكامل، ويفقد أبناءه وبناته، لكنه يقول “عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا”. فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ وَلَمْ يَنْسِبْ للهِ جِهَالَةً.
من (أشعياء ٢٧: ١-٩ ) يأتينا وعد الرب لأولاده “الصغار” التائبين “فِي ذلِكَ الْيَوْمِ غَنُّوا لِلْكَرْمَةِ الْمُشَتَهَاةِ: أَنَا الرَّبُّ حَارِسُهَا. أَسْقِيهَا كُلَّ لَحْظَةٍ. لِئَلاَّ يُوقَعَ بِهَا أَحْرُسُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا.. فيما بعد يَتَأَصَّلُ يَعْقُوبُ. يُزْهِرُ وَيُفْرِعُ إِسْرَائِيلُ، وَيَمْلأُونَ وَجْهَ الْمَسْكُونَةِ ثِمَارًا”.
انجيل باكر من (لوقا ١٤: ١٦-٢٤ ) يعطينا الرب مثل الإنسان الذى صنع وليمة لكن جميع مدعويه استعفوا، كل بعذر خاص به. “حِينَئِذٍ غَضِبَ رَبُّ الْبَيْتِ، وَقَالَ لِعَبْدِهِ: اخْرُجْ عَاجِلًا إِلَى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا، وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ.. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ أُولئِكَ الرِّجَالِ الْمَدْعُوِّينَ يَذُوقُ عَشَائِي”. الكبار اعتذروا عن وليمة الرب، لكن الصغار حصلوا عليها بسخاء.
بولس الرسول يدعونا فى (أفسس ٤: ١٧ الخ ) إلى أن نخلع الإنسان العتيق ونلبس الإنسان الجديد (كما فعل الابن الضال). “وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَمْ تَتَعَلَّمُوا الْمَسِيحَ هكَذَا. إِنْ كُنْتُمْ قَدْ سَمِعْتُمُوهُ وَعُلِّمْتُمْ فِيهِ كَمَا هُوَ حَقٌّ فِي يَسُوعَ، أَنْ تَخْلَعُوا … الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ الْفَاسِدَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ الْغُرُورِ، وَتَتَجَدَّدُوا بِرُوحِ ذِهْنِكُمْ، وَتَلْبَسُوا الإِنْسَانَ الْجَدِيدَ الْمَخْلُوقَ بِحَسَبِ اللهِ فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ”.
ويدعونا القديس يعقوب ان نطلب الحكمة من الرب. “وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ”.
انجيل القداس من (مرقس ٤: ٣٥ الخ ) يخبر عن الرب يسوع فى سفينة التلاميذ عند حدوث العاصفة. “فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ الأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ. وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِمًا. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟» فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ.”
هذا هو الرب فى حياتنا نحن الصغار يقوم يهدئ العاصفة ويمنح سلامه العجيب.