تناول خبراء الاقتصاد، أمر الإعلان عن زيادات في الأجور والمرتبات والمعاشات، موضحين أن أي زيادة فيها يقابلها زيادات غير مقننة في أسعار السلع والخدمات وأسعار أصحاب المهن الحرة، مشيرين إلى جشع بعض التجّار في غياب الرقابة الفعالة على الأسعار والأسواق.
وقد أشاروا إلى أن الزيادات في الأجور أضرارها أكثر من منافعها، لأنه عادة تقدم الحكومات على هذا الإجراء ضمن حزمة اجتماعية بهدف حماية المواطنين الأقل دخلاً إلى رفع الأعباء عن المواطنين، بالرغم من معاناة أغلب الدولة من تداعيات فيروس كورونا والظروف الاستثنائية الراهنة التي يمر بها العالم واقتصاد العالم.
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أنه تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية، باستمرار جهود تحسين أجور العاملين بالجهاز الإداري للدولة؛ بما يُسهم في تخفيف الأعباء عن كاهلهم، فقد تمت زيادة المخصصات المالية لبند الأجور في مشروع الموازنة الجديدة بنحو ٣٧ مليار جنيه، موضحًا أن التكلفة الإجمالية للعلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، والعلاوة الخاصة لغير المخاطبين به تبلغ ٧,٥ مليار جنيه، وأن تكلفة زيادة الحافز الإضافي لهم جميعًا ١٧ مليار جنيه، وأنه سيتم تمويل حركة ترقيات الموظفين المستوفين لاشتراطات الترقية في ٣٠ يونيو المقبل، بما يُحقق تحسنًا في أجورهم بقيمة علاوة الترقية المقررة قانونًا بتكلفة إجمالية مليار جنيه، وتخصيص حافز مالي للعاملين المنقولين إلى العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة إجمالية ١,٥ مليار جنيه، وزيادة قيمة المعاشات بنحو ١٣٪ بتكلفة إجمالية ٣١ مليار جنيه.
وقال الوزير، إن هذه الزيادات المالية الجديدة للعاملين بالجهاز الإداري للدولة انعكست في رفع الحد الأدنى للأجور من ٢٠٠٠ إلى ٢٤٠٠ جنيه للدرجة السادسة، ومن ٢٢٠٠ إلى ٢٦٤٠ جنيهًا للدرجة الخامسة، ومن ٢٤٠٠ إلى ٢٨٨٠ جنيهًا للدرجة الرابعة، ومن ٢٦٠٠ إلى ٣١٢٠ جنيهًا للدرجة الثالثة، ومن ٣ آلاف إلى ٣٦٠٠ جنيه للدرجة الثانية، ومن ٣٥٠٠ إلى ٤٢٠٠ جنيه للدرجة الأولى، ومن ٤ آلاف إلى ٤٨٠٠ جنيه لدرجة مدير عام، ومن ٥ آلاف إلى ٦ آلاف جنيه للدرجة العالية، ومن ٧ آلاف إلى ٨٤٠٠ جنيه للدرجة الممتازة.
وأضاف الوزير، أنه سيتم احتساب العلاوة الدورية للمخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية المستحقة في أول يوليو ٢٠٢١ بنسبة ٧٪ من الأجر الوظيفي بحد أدنى ٧٥ جنيهًا شهريًا، ودون حد أقصى.
وتُعد هذه العلاوة جزءًا من الأجر الوظيفي للموظف، وتُضم إليه اعتبارًا من أول يوليو ٢٠٢١، كما سيتم منح العاملين بالدولة من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية، اعتبارًا من أول يوليو ٢٠٢١، علاوة خاصة بنسبة ١٣٪ من الأجر الأساسي أو ما يقابله في المكافأة الشاملة لكل منهم في ٣٠ يونيو ٢٠٢١ أو عند التعيين بالنسبة لمن يعين بعد هذا التاريخ بحد أدنى ٧٥ جنيهًا شهريًا، ودون حد أقصى، وتُعد هذه العلاوة جزءًا من الأجر الأساسي للعامل وتُضم إليه اعتبارًا من أول يوليو ٢٠٢١، موضحًا أن العلاوة الخاصة الشهرية تسرى على العاملين بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الدائمين والمؤقتين بمكافآت شاملة وذوي المناصب العامة والربط الثابت داخل مصر، من غير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية، والعاملين بالدولة الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو لوائح خاصة.
أشار الوزير، إلى أنه سيتم اعتبارًا من أول يوليو ٢٠٢١، زيادة الحافز الإضافي الشهري للموظفين المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية والعاملين غير المخاطبين به، بفئات مالية مقطوعة بواقع ١٧٥ جنيهًا لشاغلي الدرجات السادسة والخامسة والرابعة، و٢٢٥ جنيهًا لشاغلي الدرجة الثالثة، و٢٧٥ جنيهًا لشاغلي الدرجة الثانية، و٣٢٥ جنيهًا لشاغلي الدرجة الأولى، و٣٥٠ جنيهًا لشاغلي درجة مدير عام أو كبير، و٣٧٥ جنيهًا لشاغلي الدرجة العالية، و٤٠٠ جنيه لشاغلي الدرجة الممتازة أو ما يعادل كل منها، ويستفيد من ذلك من يُعين بعد هذا التاريخ، ويُعد هذا الحافز جزءًا من الأجر المكمل أو الأجر المتغير.
وترى الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة المصرفية والاقتصادية، أن زيادة الأجور ستساعد في زيادة الإنفاق والاستهلاك مما يدفع عجلة الاقتصاد، وتجاوز التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا.
ولفتت “فهمي”، أن هذا القرار يأتي على غرار قرار مماثل في الولايات المتحدة لتحفيز الاقتصاد لتجاوز أزمة كورونا.
وقد أقرت الولايات المتحدة حزمة تحفيز اقتصادية بقيمة 1.9 تريليون دولار، لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا، وتضمنت الخطة تقديم دعم مالي مباشر بقيمة 1400 دولار، وتمديد إعانات البطالة، وإعفاءات ضريبية، كأكبر خطة تحفيز اقتصادية في تاريخ الولايات المتحدة.
وأضافت الخبيرة المصرفية والاقتصادية، أن القرار لا يمكن النظر إليه من زاوية واحدة بل له عدة جوانب، لكن الهدف الأساسي أن يظل الاقتصاد يعمل، عبر رفع الأجور ومن ثم زيادة الاستهلاك، وبالتالي تعمل الشركات والمصانع، حتى لا تضطر لتسريح العمالة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، الأمر الذي يخل بالسلم المجتمعي، وأضافت أنها من أهم القرارات التي تمس المواطن باعتبارها نقطة تمس الحياة والمعيشة مباشرة.
وأشاد السفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب، بقرارات الرئيس السيسي بشأن إقرار زيادات مرتبات العاملين بالجهاز الإداري للدولة وزيادة قيمة المعاشات بنحو بتكلفة مليار جنيه وغيرها من القرارات التي أسعدت «المواطن» محدودي الدخل.
وأكد “بيومي”، أن مصر أخذت خطوات جيدة في الإصلاح الاقتصادي، والتي أشادت بها منظمات الاقتصادية الدولية، مؤكدة أن خطوة الإصلاح الاقتصادي كان له تكلفة وأعباء ولكن بعد سنوات قليلة استطعنا أن نحصل على نتائج هذا الإصلاح.
بينما ترى الدكتورة منال العشري، خبير اقتصادي، إن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي برفع الحد الأدنى للأجور جاء في توقيت مناسب خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وعدم تناسب بعض الرواتب لعدة فئات بالمجتمع.
وتوقعت “العشري”، أن يشهد السوق حركة انتعاش اقتصادي وارتفاع في عمليات البيع والشراء، بعد الركود الذي تعرض له السوق في الفترة الماضية، مضيفة أن العاملين في الخارج سوف يساهمون في رفع عمليات البيع والشراء بالسوق، خاصة وأن معظمهم عاد لمصر الفترة الماضية.
ومن جانبها وصفت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 2400 جنيه، بأنه يؤدي إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي للشعب المصري.
وأضافت أن الموظف كان يعاني من إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وتحمل تبعاته، موضحة أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور يحافظ على الاستقرار الاقتصادي ويقلل التفاوت في الرواتب ويؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة بشكل طفيف وتخفيف العبء عنهما.
وأوضحت أن الدولة عملت على توفير السلع الاستهلاكية رغم قيام بعض التجار برفع الأسعار، خوفا من عدم توفير المنتج، وقيامهم بعمليات مضاربة نتيجة استغلال أزمة كورونا، إلا أن المواطن كان يتصدى لهم بالاستغناء عن بعض السلع.
وتابعت أن القرار يعمل على تحريك الركود الاقتصادي من خلال زيادة إنفاق المواطن وارتفاع استهلاكه، مما ينتج عنه زيادة في الطلب يتبعه زيادة انتاج وعمليات تشغيل مما يقلل نسب البطالة.
قال مستويات الدخول للعاملين في الجهاز الإداري للدولة والذي يتراوح عددهم ما يقرب من ٦ مليون موظف بهدف تحسين مستوى معيشتهم وتحقيق حياة كريمة لهم، بجانب العمل على تقديم الترقيات لمن يستحق بهدف التحفيز المستمر للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة لبذل أقصى جهد ممكن، وتأتي هذه الزيادة في الأجور في ظل تداعيات فيروس كورونا، والذي أثر بالسلب على ميزانية الأسرة المصرية.
وتستهدف الموازنة زيادة المعاشات لرفع مستوى معيشة ما يقرب من ٩ مليون مواطن، وتقدر الزيادة بنحو ١٣٪ بتكلفة تقدر بنحو ١٧ مليار جنيه.
قال الدكتور إيهاب الدسوقي الخبير الاقتصادي، إن توجيه الرئيس بزيادة رواتب العاملين بالجهاز الإداري بالدولة ورفع الحد الأدنى للأجور ليصل الى 2400 جنيه هو استمرار اهتمام الرئيس بالبعد الاجتماعي، حيث أمر سيادته أيضًا بزيادة الحد الأدنى للأجور في يوليو 2019 من 1200 إلى 2000 جنيه وزيادة المخصص لبرنامج تكافل وكرامة وغيره من البرامج الاجتماعيه، ما يدل على مدى اهتمام الدولة بمواطنيها ومدى إحساس سيادة الرئيس بالحالة الاقتصادية للمواطنين في ظل أزمة اقتصادية يعيشها العالم كله.
يأتي ذلك في ظل السياسة الاقتصادية التوسعية التي تتبعها الدولة المصرية منذ بداية الأزمة، وكان منها خفض أسعار الفائدة ومنح للعمالة غير المنتظمة وزيادة المخصصات لبرنامج تكافل وكرامة وغيرها من أوجه الدعم إلى الدولة المصرية.
وأشار “الدسوقي”، إلى أن زيادة الأجور تعني زيادة معدلات الغنفاق للمواطنين، مما سيزيد من وتيرة النشاط الاقتصادي وهو ما تستهدفه الدولة المصرية للحفاظ على معدلات النمو التي حققتها، متابعا زيادة الرواتب التي طالب بها الرئيس إلى جانب مبادرة التمويل العقاري بنسبة فائدة 3% الأخيرة وتعليمات الرئيس بزيادة المخصص لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر بنسب فائدة لا تتجاوز 5% ، كلها أمور تصب في مصلحة الاقتصاد المصري بما ينعكس في النهاية على مستوى الدخل للمواطنين وتحقيق معدلات التنمية المستدامة التي تستهدفها الدولة المصرية.
وأعرب محرم هلال، رئيس اتحاد المستثمرين، عن سعادته بالقرارات الرئاسية برفع الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات، معلقا: “الرئيس كل يوم يفاجئنا بحاجة حلوة”. وأكد “هلال”، على التزام القطاع الخاص بالحد الأدنى للأجور.
وأشار رئيس اتحاد المستثمرين: “القطاع الخاص سينفذ الحد الأدنى”، معقبًا: “هنفرج الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأن لدينا قطاع خاص قوي، لازم سيادة الرئيس يعرف أننا واقفين في ظهره”.
ولفت إلى أن اتحاد المستثمرين سيعلن تطبيق الحد الأدنى خلال أسبوع، معقبًا: “هنتحمل، وهنطبق الحد الأدنى للأجور لجشع التجار”.
وقال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، إن القرارات الرئاسية الأخيرة مهمة حتى يحيا المواطن حياة كريمة، فعلى الرغم أن التوجيهات تسري على العاملين في القطاع العام، إلا أن رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية لفت إلى أن كثير من القطاع الخاص، سيرفع الحد الأدنى للأجور تماشياً مع توجه الدولة.
وأشار إلى أنه عادة ما تجتمع النقابات العامة لرفع الحد الأدني للأجور تماشياً مع الدولة، كما تضغط القوى العاملة على أصحاب الشركات والمصانع لأن يحذو حذو الدولة.
ولفت إلى أن أصحاب الأعمال يواجهوا مشكلة في رفع الحد الأدني للأجور لأن صاحب العمل يدفع جزء كبير من التأمينات الاجتماعية، كما أن زيادة الأجور يخل بدراسات الجدوى التي تحدد ربح صاحب العمل.
وحول تأثيرات القرار الاقتصادية حذر عبده من زيادة معدلات التضخم، نظراً لزيادة المعروض من النقود، ورفع الأجور، قائلاً: هناك أموال كثيرة طرحت في السوق، يصاحبها زيادة في الطلب على المنتجات، مما قد يؤدي لتآكل القوة الشرائية للعملة، مؤكدًأ أن التحدي المقبل هو كيف يمكن التحكم في التضخم، وتجنب رفع الأسعار عبر استغلال التجار الجشعين لزيادة الأجور.
وأضاف “عبده”، أنه يجب على الحكومة أن تكمل المشوار بالجلوس مع الغرف التجارية حتى لا تزيد الأسعار، وتكون الميزة التي منحها الرئيس للشعب يسلبها التجار عبر رفع الأسعار.