تحتفل اليوم كنيسة السيدة العذراء مريم والشهيدة دميانة ببابا دبلوا بعيد ظهور السيدة العذراء مريم فوق قبابها ال 35 ، و بهذه المناسبة المباركة قام نيافة الحبر الجليل الانبا أنجيلوس الأسقف العام لكنائس شبرا الشمالية بصلاة القداس الالهي .
قام نيافته اثناء صلاة القداس الإلهي برسامة خمسون شماسا برتبة الابسلتس(المرتل) .
يذكر ان كنيسة السيدة العذراء و الشهيدة دميانة بارض بابا دبلو ، كنيسة صغيرة وبسيطة في أحد أزقة شبرا بشارع الترعة البولاقية.. أنشئت عام ١٩٤٤ على مساحة صغيرة لخدمة شعبها البسيط، وربما لم تكن معروفة لكثيرين.. كانت باسم الشهيدة العفيفة دميانة ، وبتدبير من الله تعمد الطفل وجيه باقي سليمان بهذه الكنيسة في عام ١٩٥٣ بيد المتنيح القمص جرجس باسيليوس، وفيما بعد اختارت السماء هذا الطفل ليكون بابا الكنيسة، وهو صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني أدام الرب حياته.
في شهر أغسطس عام ١٩٨٥ كانت هناك أعمال تجديدات بمبنى الكنيسة المتهالك، وإذ ببعض الجيران يأتون يخبرون بسطوع أنوار غير عادية أثناء الليل، ولكن لم تعلن الكنيسة عن هذه الظواهر، لأن البعض شكك فيها، أنها ربما تكون إنعكاسا لأضواء خارجية على المجسمات الهرمية التي تعلو المنارات، وكانت تكسوها صفائح لامعة من الألومنيوم.. ولكن الظهورات أكدها الكثيرين، والبعض شاهد ظهوراً مبكراً للشهيدة دميانه وتحمل بيدها غصن زيتون بحسب أيقونتها المألوفة.. وظل هذا الأمر بدون إعلان.
ولكن في مساء الثلاثاء ٢٥ مارس ١٩٨٦ نحو الساعة الثانية صباحاً، تظهر السيدة العذراء فوق المنارة الغربية للكنيسة، وتتجلى بكامل هيئتها وبشكلها المألوف، حيث كانت ترتدي ثوباً لونه أزرق وحولها هالة من النور الأصفر.. ويخرج السكان المجاورين للكنيسة يهللون، وتتصاعد أصوات تضرعاتهم وابتهالاتهم فرحا بظهور العذراء القديسة مريم.. وفي تلك الليلة تكرر الظهور أكثر من مرة، بل واستمر في إحداها نحو ٢٠ دقيقة.. وانتشرت أخبار الظهور، وحضرت الجماهير الغفيرة بالآلاف لمعاينة تلك الأنوار والظهورات السماوية.
وللتأكد من صحة هذه الظهورات، تم قطع التيار الكهربائي عن المنطقة بكاملها مساء الجمعة ٢٨ مارس ١٩٨٦، وإذ بالأنوار السماوية تعم المنطقة على امتدادات واسعة، وتظهر السيدة العذراء بكامل حجمها فوق القبة الوسطى فيما بين المنارتين نحو الساعة الرابعة فجرا، وتكرر موضوع قطع الكهرباء فيما بعد مرات عديدة، وفي كل مرة كان الناس يعاينون ظهورات وتجليات عظيمة.. وكان هذا الأمر سبباً لتأكيد حقيقة هذا الظهور.
وبسبب التجمعات الكثيفة حول الكنيسة، حاولت القوات الأمنية مرات عديدة تفريق الجماهير ووضع الحواجز لمنعهم من الوصول إلى الكنيسة من أجل الاحتياطات الأمنية، ولكن السيدة العذراء من محبتها للناس كانت تظهر لهم في السماء في مكان تجمعهم، وتعلو أصواتهم مهللين: ”ياللا اظهري ياللا.. طلي بنورك طلة…“ – وكمثال ما حدث مساء الثلاثاء أول أبريل ١٩٨٦ إذ بينما رجال الشرطة يعملون على تفريق الجماهير نحو الساعة ١,٤٥ صباحا، تظهر السيدة العذراء للجماهير الواقفة خلف الكنيسة في شارع محمد خميس، ظهرت في شكل فتاة جسمها نوراني بالحجم الطبيعي، ترفع يديها وكأنها تصلي بمنظر مملوء من الرهبة والوقار، وتختلط المشاعر ما بين الفرح والبكاء، وما بين التهليل والصلاة.. إنهم يعاينون قبس من مجد السماء وهم ما زالوا على الأرض..! واستمر هذا الظهور يومئذ نحو نصف ساعة..
تم إبلاغ مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث بأمر هذه التجليات والظهورات العظيمة، فأوفد قداسته وفود من آباء أساقفة للحضور للكنيسة ورفع تقارير لقداسته، وفي يوم ٩ أبريل ١٩٨٦ قام قداسته بإصدار قراراً بابوياً بتشكيل لجنة لتقصي الحقيقة مكونة من: المتنيح نيافة الأنبا بيشوي، ونيافة الأنبا بولا، ونيافة الأنبا سرابيون، والمتنيح القمص مرقس غالي، والمرحوم الأستاذ مسعد صادق الصحفي بجريدة وطني.
انتشرت أخبار هذا الظهور العظيم، وتناقلتها وسائل الاعلام والصحف المحلية والعالمية.. وحضرت وكالات الأنباء من جهات عديدة من العالم لمعاينة ونقل أخبار الظهور..
كانت الظهورات والتجليات بأشكال متعددة، فتارة تظهر السيدة العذراء بكامل هيئتها، وتارة تظهر بشكل نصفي، وتارة تظهر بشكل يأخذ وضع الركوع أمام صليب القبة الوسطى، فضلاً عن ظهور كائنات روحية على شكل حمام أبيض منير، بالإضافة للسحب الكثيفة من البخور العطر الرائحة.
وما يميز هذا الظهور:
– أنه كان لفترات طويلة قد تصل إلى الساعة..
– لم يكن أثناء الليل فقط، بل أيضاً في وضح النهار، بل شاهد الكثيرين أن ظهور العذراء كاد أن يخفي قرص الشمس وقت الغروب عدة مرات.. ومن الملاحظ أنه بعد عيد القيامة المجيد في تلك السنة (٤ مايو ١٩٨٦) كانت معظم الظهورات في الصباح وبداخل الكنيسة، حيث ظهرت السيدة العذراء بوجهها بصورة واضحة جداً بجوار صورة السيد المسيح أعلى باب الهيكل الأوسط، وأيضاً في داخل القبة الوسطى..
– أنه لم يكن ظهوراً للعذراء القديسة مريم فقط، بل صاحبها ظهورات لقديسين ظهروا بأشكالهم المميزة في الأيقونات، كالشهيدة دميانه، ومار مينا ومار جرجس وغيرهم (وقد حدث هذا بصورة واضحة يوم أحد الشعانين ٢٧ أبريل ١٩٨٦)..
– صاحب هذا الظهور عجائب ومعجزات حدثت لكثيرين، وشفاء مرضى كثيرين من أمراض مستعصية، وقد حضروا يدلون بشهادتهم ويقدمون الوثائق الدالة على حدوث المعجزات..
…كانت أيام عظيمة عاين فيها الناس أمجاد السماء على الأرض.. واتصل الليل بالنهار.. الكنيسة طوال اليوم قداسات وتسابيح وصلوات.
ظلت الظهورات مستمرة بانتظام حتى شهر أكتوبر ١٩٨٦، ثم بدأت تقل كثافتها تدريجياً، وفي مجملها كانت قاربت من العام.. إلا أنه حتى الآن، ما بين حين وآخر، يأتي إلى الكنيسة بعض من السكان المجاورين لها يخبرون بسطوع أنوار أو ظهورات روحية أثناء الليل على فترات متباعدة..
كان لهذا الظهور بركات عظيمة، لعل أهمها:
– حدوث نهضة روحية عظيمة، وارتباط الكثيرين من الذين كانوا بعيدين بالكنيسة، وكانت الظهورات سبباً في توبة الكثيرين ورجوعهم للرب.. وكان الآباء الكهنة لا يستطيعون استيعاب الأعداد الكبيرة من المعترفين.
– حدوث نهضة معمارية وتوسعة الكنيسة لتستوعب الأعداد الكبيرة، وتم شراء المنازل الملاصقة للكنيسة على مراحل عبر سنوات طويلة.. وفي الوقت المعين من قبل الرب، قام نيافة الحبر الجليل الأنبا أنجيلوس أسقفنا المحبوب بتجديد وتوسيع الكنيسة وإعادة بناءها بصورة معجزية عجيبة لا تقل عن معجزة ظهور السيدة العذراء، وصارت الكنيسة آية في الجمال والبهاء.. وتكلل العمل بحضور صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني لتدشينها يوم ٤ نوڤمبر ٢٠٢٠م.
الجدير بالذكر أن المجمع المقدس في جلسة ٣ يونيه ١٩٩٠ أقر بحقيقة هذا الظهور العظيم، وتم إدراجه في سنكسار يوم ١٦ برمهات، يقرأ في كل كنائس الكرازة المرقسية في كل عام.
إنه تاريخ عظيم يجب أن يدون ويوثق ويحفظ لجيلنا الحالي وكل الأجيال القادمة، ليعاينوا مجد الله في كنيسته..
ولذلك يهتم صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا أنجيلوس أسقف عام كنائس شبرا الشمالية بتسجيل هذا التاريخ وتوثيقه من خلال السلسلة التاريخية ”فكرة تاريخية عن كنائس شبرا الشمالية“.
وليتمجد الرب في كنيسته..
بشفاعة السيدة العذراء أم النور
وصلوات كافة القديسين.
وصلوات صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني
وشريكه في الخدمة الرسولية نيافة الحبر الجليل الأنبا أنجيلوس.
وليكن سلاماً وبنياناً لكنيسة الله..
آمين..