أصدرت ” المنصة حقها ” – وهي مبادرة حقوقية توعوية تهدف لدعم الفتيات ومكافحة التمييز فيما يتعلق بقضية حرمان المرأة المصرية من تولي القضاء- اليوم 14 مارس الجاري بيانا تعقب فيه على قرار رئيس مجلس الدولة، وجاء البيان يؤكد على التالي:
كفلت النصوص الدستورية العديدة حق المرأة في تولي القضاء، كما حظرت التمييز ضدها، وجعلت الانتقاص من الحقوق والتمييز جريمة يعاقب عليها القانون، فضلا عن تبني الدستور لمبدأ إقرار التعيين في الوظائف العامة على أساس الكفاءة وفقط، دون أي معيار آخر يتم الاختيار والمفاضلة بين المتقدمين على أساسهم، وكفلت الحق في المساواة وتكافؤ الفرص والحق في العمل وغيره، إلا أن بيان مجلس الدولة بما مؤداه حرمان كافة خريجات القانون عقب تخرجهن أسوة بزملائهم من حقوقهن وبالتبعية حرمانهن من اعتلاء المنصة يعطل تطبيق تلك النصوص الدستورية مجتمعة، وسيظل حصن الحقوق والحريات في حمأة المخالفة الجسيمة لنصوص الدستور.
وعدم دستورية تعطيل الحقوق الدستورية يستوي فيها التعطيل الجزئي والتعطيل الكلي لتطبيق النصوص الدستورية، وحرمان المرأة المصرية من اعتلاء المنصة بشكل طبيعي أسوة بأقرانها من الخريجين عقب التخرج وتعطيل تطبيق حقوقها بشكل كلي أو بشكل جزئي لأجل غير مسمى منذ إنشاء مجلس الدولة عام 1946 يعد غير دستوريا، وستظل طعون الخريجات تتوالى طعنا تلو الآخر بمخالفة الدستور والقانون مطالبة بوقف التمييز وحرية بالقبول، مطالبات بالتعيين أسوة بزملائهم منذ بداية السلم القضائي بمجلس الدولة (مندوب مساعد).
أولا: التعطيل الجزئي
يتمثل التعطيل الجزئي لتولي المرأة قضاء مجلس الدولة بتكرار تجربة تعيينها/ انتقالها إلي القضاء العادي، وذلك بأن تعتلي المرأة منصة قضاء مجلس الدولة من العضوات المعينات بالفعل في هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، بموجب إعلان من مجلس الدولة/وزارة العدل وعقد اختبارات شفهية وتحريرية للمتقدمات، ثم اختيار عدد ضئيل جدا لشغل المنصب، وبالتبعية يتم تصدير صورة تجميلية غير حقيقية للرأي العام المحلي والدولي باعتلاء المرأة المصرية منصة قضاء مجلس الدولة وهو لا يحقق المطلوب ولا يُشبع ما تصبو إليه النساء المصريات ولا ينهي عقودا من التمييز ضدها وغير صحيح لأسباب عديدة. منها:
أولا: أن اعتلائها المنصة لن يكون أسوة بالطريق الطبيعي لاعتلاء المنصة كأقرانها من الخريجين من ذات دفعتها، وإنما هو طريقا قيصريا مبتسرا لا يحقق ما تطمح إليه خريجات الحقوق المتفوقات من إعطائهن الفرصة للمفاضلة الحقيقة وشغل أولى درجات السلم القضائي اعتمادا على قدراتهن وخبراتهن، بل والمرور بنفس الخبرات التراكمية التي مر بها أقرانهن من الخريجين. وإنما هو طريق معوج لعدم تطبيق نصوص الدستور بشكل مباشر ومنهجي.
ثانيا: تمثل تلك الطريقة في انتقاء القاضيات من القائمين على اتخاذ قرار “تعيين دفعة جديدة من القاضيات” تفضلا على مواطنات مصريات كاملي الأهلية، مستوفيات شروط التقديم والتعيين أسوة بزملائهن، في حين أنه حق مقرر لهن دستوريا للتمتع به كل وقت وحين لمن ترى في نفسها القدرة على تولي القضاء وتثبت كفاءتها واستحقاقها له بعد إجراء تقييم موضوعي. لكن ذلك الإعلان عن قرار “تعيين دفعة جديدة من القاضيات” الغير محدد الموعد، والموجه للعضوات المعينات بالفعل في هيئات قضائية أخرى دون أن يكون موجها لزملائهن أيضا من ذات الجهات –وهوما يعد تمييزا ضد زملائهن من الرجال أعضاء تلك الهيئات القضائية أيضا الراغبين في الانتقال لمنصة مجلس الدولة أيضا!!-، والغير معروف علي أي أساس يتم الإعلان أو الإحجام عنه!
ويشهد الواقع في هذا المضمار على أنه من بين الإعلان عن طلب خريجين قانون للنيابة العامة التي هي أولى درجات سلم القضاء العادي على مدار المائة ثمانية وثلاثون سنة الماضية منذ تولي منصب أول وكيل عام 1881 لم يتم قبول الخريجات أبدا. منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، ومن بين 138 دفعة من خريجي وخريجات القانون لم يتم إعطاء الفرصة لخريجة واحدة فقط. وبالمثل على مدار الثلاث وسبعون سنة اللاحقة على تاريخ إنشاء مجلس الدولة عام 1946، لم يتم السماح لخريجة واحدة فقط باعتلاء المنصة من بين خريجي وخريجات 73 دفعه من كليات القانون على مستوى الجمهورية قاطبة.
إلا أن الإعلان قد تم خلال كل تلك العقود ثلاث (3) مرات فقط عن قرار “تعيين دفعة جديدة من القاضيات” عام 2007 و 2008 و2015، ليقع الاختيار على إحدى وعشرون قاضية في كل مرة فقط مقارنة بما يتم تعيينه سنويا في النيابة العامة متوسط 500 خريج، ومجلس الدولة متوسط 300 خريج!!!!!! والمطلوب فوق ذلك أن نحتفل بما حققناه من انجاز في تعيين المرأة المصرية قاضية رغم أن الحقائق والأرقام تكشف عكس ذلك والحصيلة 66 قاضية من بين 16000 قاض بنسبة نصف في المائة مقابل نسبة تسعة وتسعين ونصف في المائة!!!
ثالثا: القرار القيصري المبتسر بـ “تعيين دفعة جديدة من القاضيات” الغير محدد المواعيد لا ينهي أبدا صور من التمييز ستظل تتعرض لها خريجات القانون كل عام أثناء التقديم لشغل المنصب القضائي، وستظل مخالفة النصوص الدستورية تتكرر عاما بعد عام، وسيظل حرمانهن من التقديم قائما على الرغم من تولي قاضيات مصريات المنصة.
وأضافت المنصة حقها: للأسف اختيار بضع من المستشارات المعينات بالفعل لتولي قضاء مجلس الدولة ليس هو القرار الواعد والمحقق لطموحاتهن كما توسمت المصريات، حيث لم يُسمح بأجيال جديدة من القاضيات بعد. وستواجه الخريجات كل عام المعضلة من جديد، حيث سيتم منعهن لاحقا من التقدم لشغل المناصب القضائية على أساس موضوعي كزملائهن من الخريجين، وسيكون اخفاقا للدولة المصرية في الاختبار الحقيقي لتمكين المرأة المصرية. وسيظل رفض اعتلاء المرأة منصة قضاء مجلس الدولة وستظل الخريجات حتى الآن محرومات من مجرد التقديم!
ثانيا: التعطيل الكلي
يمثل التعطيل الكلي لمنع المرأة المصرية من تولي القضاء بمجلس الدولة أسوة بأقرانها من الخريجين عقب التخرج بعبارة “للرجال/للخريجين فقط” مخالفة جسيمة لنصوص الدستور والقانون، وحرمان لها من حقوق تقررت لنساء غيرها على مستوى العالم بموجب نصوص دولية وقواعد دستورية سلف بيانها تفصيلا.
وهو ما يؤكد أن سواء كان التعطيل لنصوص الدستور كليا أو جزئيا، فالخريجات لا يزلن يواجهن معضلة التقديم كل عام، وهو ما يعد إنكارا للعدالة بشكل مباشر وصريح من السلطة القضائية التي هي المنوط بها تطبيق الدستور والقانون واعلائه على ما سواهما.
وأشارت المنصة حقها إلى أنه يمكن اعتبار هذا البيان قطرة ستصبح غيثاً يوما ما آملين رؤية خريجات ٢٠٢٠ وما بعدها يتقدمن بملفاتهن كأقرانهم ويعتلين المنصة ويرفعن اسم مصر عاليا محليا وإقليميا.