تحتفل كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، فى مثل هذه الأيام المباركة من كل عام، فى مصر وسائر بلاد المهجر بعيد نياحة القديس العظيم البابا كيرلس السادس، أحد قديسى الكنيسة القبطية فى العصر الحديث ، الذى اعتلى الكرسى المرقسى فى الفترة ما بين ١٠ مايو ١٩٥٩ و ٩ مارس ١٩٧١ إلا أن هذا العام يكون إحتفالاً خاصاً والذى يوافق اليوبيل الذهبى لنياحته.
ونال القديس البابا كيرلس العديد من الألقاب أشهرها رجل الصلاة فكانت جميع العقبات التى تقف امامة أو يعانى منها اى من رعاياه لا تحل إلا بالصلاة فكانت الصلاة هى خط الدفاع الأول التى يتعمد عليه قداسته ، كذلك رجل المعجزات حيث شهدت خدمته العديد من المعجزات منها تجلى القديسة العذراء على كنيستها بالزيتون فى ٢ أبريل عام ١٩٦٨ وعودة رفات القديس مار مرقس من روما يوم ٢٤ يونية فى نفس العام ، إضافة الى الالاف من المعجزات التى حدثت فى حبريته أو بعد نياحته ، وسجلت بكتب معجزاته وغيرها ليس فقط فى مصر بل فى جميع دول العالم ، وشملت جميع الطوائف والجنسيات التى تؤمن بقداسته ويتشفعون به فى صلواتهم ، وكان ضعفى واحد من هؤلاء الأشخاص الذين تباركوا بمعجزاته والتى تم تسجيلها بكتاب ( معونة السمائيين ) ويسرني أن أضيف لقب ” كاروز بلاد المهجر ” .
ونحن نعلم جميعاً أنه بدأت أولى موجات الهجرة فى عهد عبد الناصر عقب ثورة ١٩٥٢ بالتزامن مع صدور قانون التأميم الذى بمقتضاه تم تأميم ممتلكات وأموال الأغنياء من المصريين دون وجه حق وكان الأقباط بينهم، إضافة الى سياسات عبد الناصر تجاه الاقباط التى تعمدت تأجيل تصاريح بناء الكنائس وإغلاق المحاكم الدينية المسيحية وغيرها فكانت النتيجة الحتمية أن هاجر بعضهم إلى دول أميركا ، أوروبا ، أستراليا وكندا ، ونظراً لمحبة الاقباط لقداسة البابا كيرلس فكان معظمهم يقصدونه لمباركة خطوات الهجرة طالبين الصلاة من أجل مستقبل أفضل لعائلاتهم ، ومع زيادة أعداد المهاجرين الأقباط فى دول المهجر فكانت هناك حاجة لخدمتهم ورعايتهم كنسياً وروحياً طالبين مساعدة قداسة البابا الذى تربطه علاقات وطيدة بهم ، ولن يبخل عليهم بمحبته ورعايته لهم ، وببركة وصلوات قداسته أرشده الروح القدس بالكرازة في هذه البلاد والقارات بتنظيم الخدمات الروحية بمساعدة مثلث الرحمات الأنبا صموئيل أسقف الخدمات وقتئذ الذى كان دائم التواصل بأقباط المهجر ويدبر أمورهم .
و جاءت نتائج التواصل بين الانبا صموئيل والجاليات القبطية بالخارج ، بإنشاء كنائس قبطية وانتداب كهنة وسيامة آخرون للخدمه بها ، فكانت هذه الكنائس بذور الكرازة الكيرلوسية التى ألقاها البابا كيرلس خارج مصر ، وأثمرت الخدمة والنهضة الروحية بشراء أول كنيسة قبطية خارج الحدود المصرية عام ١٩٦٩ بأسم القديسة العذراء والشهيد مار مينا بأستراليا ، وتوالت عمليات شراء الكنائس خارج مصر حتى نياحة كاروز بلاد المهجر ، وأستلم قداسة البابا شنودة الثالث مع تزايد أعداد الهجرة في موجتها الثانية فى عهدى السادات ومبارك نتيجة تصاعد الإسلام السياسي والأحوال الاقتصادية والنتائج السلبية التي أتت على الاقباط من ( إضطهاد ، قتل ، حرق ممتلكات ، التهجير القسرى للعائلات ، خطف وأسلمة القاصرات من الاقباط وتمييز وأعمال عنف … ألخ ) وازدادت الخدمة على عاتق قداسة البابا شنودة فى الوقت الذى ضربت فيه بذور الخدمة التي ألقاها البابا كيرلس أعماق التربة فى بلاد المهجر وحصدت ثمارها العديد من إيبارشيات ، كنائس ، أديرة ، مدارس وكليات اكليريكية ، والآن يكمل قداسة البابا تواضروس الثانى مسيرة الكرازة الكيرلوسية ببركة وصلوات قديس العصر البابا كيرلس السادس .وأخيراً نشكر إلهنا الصالح الذى أعطى الحكمة لمطارنة وأساقفة المجمع المقدس برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية و بإرشاد الروح القدس بمنح مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس، لقب “القداسة” في ٢٠ يونيو عام ٢٠١٣، تكريمًا لدوره وإسهاماته وبركاته ليصير لنا كنائس ومذابح على اسم القديس البابا كيرلس ، وكم نحن محظوظون بأن يكون قديسنا أول القديسين المعاصرين الذى له عدد من الصور الفوتوغرافية وبعض الفيديوهات التذكارية التي تجعل منه قديساً معاشاً .