تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بتذكار اليوبيل الذهبي لانتقال البابا كيرلس السادس إلي السماء في 9 مارس 1971, ولولا جائحة كوفيد19 والإجراءات الاحترازية المتخذة, لكان الاحتفال بالكنائس والأديرة أكثر ازدحاما لما يتمتع به البابا كيرلس من تعلق ملايين الأقباط به من داخل مصر وخارجها.
البابا كيرلس السادس لقبه المجمع المقدس بـالقديس في اجتماعه برئاسة البابا تواضروس الثاني في 20 يونية 2013 وذلك بعد انتقاله للسماء بـ43 عاما.
لكن البابا القديس والظاهرة كما أطلق عليه البابا تواضروس الثاني يكاد يكون دخل كل بيت من كثرة المعجزات التي أجراها الله علي يديه أثناء حياته وبعد انتقاله للسماء.
كان القديس قد بدأ ذيوع صيته بين الناس عندما سكن وهو راهب يحمل اسم القمص مينا البراموسي المتوحد في طاحونة تل مصر القديمة في أربعينيات القرن الماضي وإذا بالحياة تدب في التل المهجور الذي لم يكن سوي بضع طواحين خربة, اتخذ هو واحدة منها, جهزها له أحباؤه بكنيسة الملاك القبلي, ومن وقتها أصبحت الطاحونة, التي حولها إلي مذبح بالجزء العلوي للصلاة وكمسكن بالجزء السفلي, قبلة الآلاف من أبناء الكنيسة وطالبي الصلاة ومعونة الله.
وما أكثر من عادوا لحضن الكنيسة فقد كان المتوحد يربط طالبي البركة بالصلاة وحضور القداسات.
حتي بعد ارتقائه السدة الرسولية في 10 مايو 1959 لم تشغله مسئوليات المنصب الديني الرفيع عن التواصل مع رعيته فكان كل من يريد لقاءه عليه أن يصلي القداس بالكنيسة المرقسية الكبري بالأزبكية ثم يقف في طابور طالبي البركة, ويتقابل مع البابا, وكنت أرتاد ذلك الطابور منذ مرحلة الدراسة الثانوية وحتي عامي الأول بالجامعة.
ومعروف عن البابا كيرلس أنه منذ سكناه في الطاحونة أعطاه الرب نعمة الشفافية فكان يري بالنعمة ما لا يراه الآخرون, وكم كان الله يتمجد بصلواته ليل نهار.
علي المستوي الروحي أنعش البابا حبيب المذبح والقداس الكنائس بالصلوات والتسبيحات وانتظم الناس في حضور القداسات باشتياق روحي عجيب.
علي مستوي التعمير تأسست كنائس كثيرة في حبريته بالخارج في أمريكا وكندا وأوروبا وأستراليا والكويت حيث كانت هجرة شريحة من الأقباط في ازدياد ولابد من رعايتهم وسط هذه المجتمعات التي تختلف كثيرا عن عادات وسلوكيات المصريين.
في الداخل تأسست كنائس كثيرة في مقدمتها الكاتدرائية المرقسية بالعباسية والتي ساهم الرئيس جمال عبدالناصر في تكاليف إنشائها حيث ارتبط الاثنان البابا والزعيم بعلاقة صداقة أفرزت الكثير من المنجزات في إطار الوطن والكنيسة.
تباركت مصر في حبرية هذا القديس بتجلي القديسة العذراء مريم في 2 أبريل 1968 فوق قباب كنيستها بضاحية الزيتون بالقاهرة والتجلي يفوق الظهور حتي أن فاروق محمد عطوة عامل جراج هيئة النقل العام (الذي يشغل موقعه حاليا كاتدرائية العذراء بالزيتون) وهو أول من شاهد تجلي العذراء, ظنها سيدة تحاول أن تلقي بنفسها من فوق قبة الكنيسة, ومن بعد ذلك تدافعت مئات الآلاف علي امتداد أربعة أشهر وجرت معجزات شفاء لمسلمين ومسيحيين في ظاهرة سجلتها وكالات الإعلام الداخلية والأجنبية.
الكتابة عن البابا كيرلس السادس القديس والظاهرة والشفاف لا تكفيها مجلدات من كثرة النعم الممنوحة له من السماء.