تحتفل الكنيسة اليوم بعيد الصليب المقدس ويحتفل بعيد الصليب مرتين في السنة، بالإضافة للجمعة العظيمة المسماة “جمعة الصلبوت” المرة الأولى فى شهر مارس، الذي يوافق 10 برمهات وهو يوم اكتشاف خشبة الصليب ويأتي وسط الصوم الكبير، والمرة الثانية يوم الجمعة الكبيرة اليوم الذي يخصص للصليب المقدس ونسميه جمعة الصلوات، والمرة الثالثة فى شهر سبتمبر حيث استعاده الأمبراطول هرقل من الفرس، ويعد الصليب رمز الفداء الذى حمله الرب يسوع وعلق عليه لكى يرفع خطايا العالم ويهبنا الحياة الأبدية، بذل نفسه وتحمل صليب العار حتى لا يهلك كل من يؤمن به، فحول الصليب من عار إلى فخر وممن ضعف إلى قوة، فأصبح الصليب الذى كان أداه للعقاب الى علامة للنصر والخلاص، كما أنه يعد سفينة النجاه التى أتت لكى تنقذ العالم من الغرق فى الخطايا، وهو الحب العظيم الذى ضم الرب يسوع وشهد مدى الألم الذى تحملها وشعر بدقات قلبه التى تخفق من اجل البشر،وكان للصليب رحلة طويلة بعد موت الرب يسوع حتى يظهر للعالم ويعيد امجاده.
– اختفاء الصليب تحت أكوام القمامة:
بعد صلب وموت السيد المسيح على جبل الجلجثه ، أخفوا رؤساء اليهود أثار الصليب الذى صُلب عليه السيد المسيح ، لما شهدوا كثرة العجائب التى تظهر من قبر المخلص من إقامة الموتى وعجائب أخرى كثيرة، غضبوا جداً ونادوا فى جميع اليهودية واورشليم ان يلقى الناس القمامة على القبر حتى أصبح مطمورآ تحت تل القمامة، وأقام الرومان بالقرب منه معبداً للإله الرومانى فينوس ليمنعوا المسيحيين من زيارة المكان وتكريم الصليب المقدس.
– البحث عن الصليب:
ارادت الملكة هيلانـة عام 326 م أن تعرف مصير الصليب المقـدس، الذي صلب عليه المسيح، حيث رأت في منامها حلماً، أنبأها بأنها هي التي ستكشف عن الصليب، وقد شجعها ابنها الإمبراطور قسطنطين على رحلتها إلى اورشليم،وأرسل معها قوة من الجنود عددها ثلاثة آلاف جندي ليكونوا في خدمتها.. وفي القدس أرشدها البطريرك مكاريوس، إلى رجل طاعن في السن، وكان خبيراً بالتاريخ والأحداث والأماكن، وكان يدعو “يهوذا” وسألته الملكة عن صليب المسيح، فأنكر في مبدأ الأمر معرفته به وبمكانه، فلما شددّت عليه الطلب وهددته ثم توعدته إن لم يكاشفها بالحقيقة، فاضطر إلى أن يرشدها إلى الموضع الحقيقي للصليب، وهو «كوم الجلجثة»، بالقرب من معبد فينوس، وهو بعينه المكان الذي تقوم علية الآن كنيسة القيامة في القدس العربية المحتلة.
أمرت الملكة هيلانة بإزالة التل، انكشفت المغارة وعثروا فيها على ثلاثة صلبان , وكان لابد لهم أن يتوقعوا أن تكون الصلبان الثلاثة : هي صليب المسيح يسوع، وصليب اللص الذي صلب عن يمينه، وصليب اللص الذي صلب عن يساره، وقد عثروا كذلك على المسامير , وعلى بعض أدوات الصلب، كما عثروا على اللوحة التي كانت موضوعة فوق صليب المسيح ومكتوب عليها – يسوع الناصري ملك اليهود – ويبدو أن هذه الصلبان الثلاثة كانت في حجم واحد، ومتشابهة.
– الصليب المقدس يظهر العجائب:
احتارت الملكة هيلانة فكيف تعرف الصليب المقدس وكنها استطاعت بمشورة أن تميز صليب المسيح بعد أن وضعت الصلبان الثلاثة، الواحد بعد الآخر، على جثمان ميت، فعندما وضع الصليب الأول والثاني لم يحدث شيء، وعندما وضع الصليب الثالث، عادت للميت الحياة بأعجوبة باهرة، وبعد ذلك وضعوا الصليب على امرأة مريضة فشفيت في الحال، عندئذ رفع البطريرك مكاريوس خشبة الصليب ليراها جميع الحاضرين وهم يرتلون ودموع الفرح تنهمر من عيونهم، ثم رفعت القديسة هيلانه الصليب المقدس على جبل الجلجثة.
– الملكة هيلانة تكرم الصليب المقدس:
قامت الملكة بتغليف الصليب بالذهب الخالص، ولفته بالحرير، ووضعته في خزانة من الفضة في القدس، وأرسلت القديسة هيلانة قسماً من الصليب والمسامير إلى قسطنطين وأبقت القسم الباقي في كنيسة القيامة التي أمر الملك قسطنطين ببنائها في نفس موضع الصليب على جبل الجلجثة، وسميت بكنيسة القيامة (وتسمى كنيسة القبر أيضا) ووضع فيها الصليب.
– عام 614م تمكن الفرس من الاستلاء على الصليب:
بقي الصليب موجوداً في كنيسة القيامة حتى يوم الرابع من شهر مايو من عام 614م، بعد أن تمكن الفرس من الاستيلاء عليه بعد احتلالهم للمدينة وهدم كنيسة القيامة.
– عام 629م الإمبراطور هيرقيليوس يعيد الصليب إلى المدينة:
وفي عام 629م تمكّن الامبراطور (هرقيليوس) من الانتصار على كسرى ملك الفرس، وأعاد الصليب إلى المدينة.
تذكر التقاليد المسيحية أنّ الإمبراطور هيرقيليوس حمل الصليب على كتفه وسار به، وكان يرتدي وقتها أفخر ما يلبسه الملوك من ثياب وأحجار كريمة وذهب، غير أنّه عند بلوغه لباب الكنيسة شعر أنّ هناك قوةً تصدّهن وتقصيه عن الدخول، وفي تلك الأثناء وقف البطريرك زكريا ، وقال للإمبراطور: (حذار أيها الامبراطور، إنّ هذه الملابس اللامعة وما تشير إليه من عظمة ومجد، تبعدك عن فقر المسيح ومذلة الصليب)، وفي الحال خلع الإمبراطور كلّ ما يرتديه من ثياب ومجوهرات وأحجار كريمة، واستبدلها بملابس رثة حقيرة، وتابع سيره حافي القدمين، وتمكن من الدخول ورفع عود الصليب هناك.