يقول داود النبي في المزامير:توكل علي المولي وكن متشددا ويتشجع قلبك وأعقد علي المولي الرجاء(مزمور26:14) أي إنسان لا يطمع في النجاح, ليتسني له أن يعيش هانئا ويتذوق السعادة الحقة؟ هذا أفضل من أن يقضي العمر وهو يشيد قصور الأحلام, دون أن يحرك ساكنا للوصول إليها, حتي تصبح السعادة كالظل الذي يلازمه, يتبعه أو يتقدمه, ولا يستطيع الإمساك به.
يروي لنا التاريخ عن شاب من بلاد اليونان,لم يقبل أن يكون في لسانه لثغة تمنعه من النجاح في الحياة, والوصول إلي المركز اللائق به في المجتمع, لكن إرادته الحديدية أبت الاستسلام إلي التشاؤم واليأس.
ماذا فعل؟ عقد العزم علي أن يقوم لسانه ويتخلص من هذه اللثغة, حتي أنه رغب في اكتساب مرونة تمكنه من الكلام بطلاقة وفصاحة.
ومن أجل هذا, ألزم نفسه بالذهاب كل يوم إلي شاطئ البحر, حتي يتدرب علي لفظ الكلمات مقطعا مقطعا, وحرفا حرفا, وما هي إلا أيام قليلة حتي انحلت عقدة لسانه, فصار أفصح ما يكون لفظا وتعبيرا وإلقاء.
ونتيجة هذه العزيمة استطاع أن يسجل فيما بعد ألمع صفحة في فن الخطابة والفصاحة, وقد خلده التاريخ باسم ديموستين, أبي الفصاحة والبلاغة وقوة الحجة, لذلك لما يصمم إنسان علي أمر, ويعكف علي تحقيقه بكل جلد وثقة بالنفس, إلا كان النجاح حليفه, مهما امتد به الزمن. لذلك يقولون:إن سرير العبقري قصير ضيق, دليلا علي سهره وجلده وقلة إخلاده إلي الراحة, لأن النجاح يعتمد علي العرق والحرمان والمثابرة,كما أن الإرادة هي سر النجاح في الحياة بها تحلي عظماء الرجال في كل عصر, ومن خلا منها, لن يكتب له أي نجاح, بل سيستمر في فشله ويعيش بدون هدف.
وبمقدار ما لدينا من إرادة وعزيمة, نرقي في سلم النجاح,لأن الإنسان بإرادته, يشق طريقه إلي العظمة والرقي والنبوغ.
ويلخص أحد العظماء مقومات الإرادة بقوله:أول واجبات المرء نحو نفسه هو أن يحمل الناس علي الاعتقاد فيه أنه مركب من أكثر من طين وماء.
وأن فيه فولاذا أي الإرادة لأن الرجال الذين سجلوا أسماءهم في صفحات الخلود, هم الذين كانوا يفكرون ويقررون ويعملون بكل دقة وثبات بدون إهمال أو تردد.
وبهذه الإرادة يجب أن نعود أنفسنا علي القيام بالواجبات اليومية بكل دقة وإخلاص وثبات, وأن نتحلي بالصبر علي ما يواجهنا من صعوبات ومشقات أو شدائد وأن نواجهها بثقة وشجاعة, كما أن الإرادة تساعدنا علي اتباع طريق الخير والحق والعدل, وعدم الحيد عنها مهما كلفنا الأمر وتمنحنا أيضا التصميم علي تحقيق ما نراه صوابا أو خيرا في الحال دون مماطلة أو تسويف.
لذلك يجب علينا أن نسلك طريق الجهد والكد والصبر وعدم التخوف من الصعوبات إذا أردنا النجاح في الحياة,فلابد للظلمة أن تنجلي ولابد للعراقيل أن تتحطم أمام الإرادة الصالحة.
إن حياتنا كفاح ومثابرة ومما لاشك فيه لن يحالفنا النجاح في بادئ الأمر فلا نترك لليأس سبيلا إلي أنفسنا, لأن أبواب النجاح عديدة,فإن أغلق باب وثان وثالث, فلابد أن ينفتح في النهاية غيرهم ومنافذ النجاح لا تصحي, فإن ثابرنا وجدنا النجاح يبحث عن منفذ ليتسلل منه إلينا, ويمنحنا ثمرة تعبنا وحصاد جهودنا.
إن النجاح حليف من يثبت ويجتهد وينتظر,إذا من يبتغي النجاح في الحياة, يجب أن يضع أمامه عدة مقومات وهي:كفاح دائم, اعتماد علي النفس, يقظة لا تغفل,مثابرة مهما كانت الصعوبات والعراقيل, وإرادة من حديد لكن الإنسان عديم الإرادة يتحجج دائما بكلمةلو…,فهي دليل العجز وسقوط الهمة كما أنها تقتل فيه كل حماس وحيوية ومغامرة ثم تدفعه إلي الكسل والبطالة والامتناع عن العمل, لكن يجب علينا ألا نجلس ضاربين كفا علي كف,متحسرين علي ما فاتنا قائلين:لو…. ولانقف مسمرين أمام عراقيل تعترض طريقنا معتذرين بكلمة:لو…., لكن يجب أن نثق في الله وعنايته متجنبين هذه الكلمة, مستبدلين إياها بهذا السؤال:كيف أستطيع؟ ونلقي خلفنا بعض الكلمات التي تحملنا علي الإحباط مثل:لا أعرف, صعب , لا أستطيع, مستحيل…لذلك يجب علينا أن نتحلي بالإرادة التي تشحذ الهمة وتلهب الحماس في داخلنا, وبالتالي تتضاعف القوة.
ونختم بكلمات الكاتب والناقد الإنجيلزي تشارلز ديكنز:ضع ثقتك في الله وفي جهودك الشخصية, وحاذر أن تفصل بينهما فيكون النجاح حليفك.