يحثنا سفر الأمثال قائلا:الإنسان من ثمر فمه يشبع خيرا, ومكافأة أيدي البشر تؤدي إليهم(أمثال12:14) أراد أحد الأثرياء البارزين أن يلتحق ابنه بجامعة مميزة, وعندما عرضوا عليه برنامج المواد المطلوب أن ينهيها ابنه, تصفحها جيدا ثم هز رأسه استخفافا, وسأل المدير؟:هل من الإلزام أن يتبع ابني جميع هذه الدورات الدراسية والمواد المقررة؟ أليس في الإمكان تقصير المدة, لأن ابني يرغب في إنهاء دراسته بأسرع وقت ممكن؟! أجابه مدير الجامعة:مما لا شك فيه أن هناك دورات أقصر في المدة وأسهل بكثير يستطيع ابنك أن يتبعها.
لكن الفرق شاسع بين النتيجتين:لأن الدورات الكاملة الشاقة تصنع رجالا أكثر جدارة ومهارة كما أن الله ذاته ينتظر عشرين عاما حين يريد نمو شجرة سنديان, بينما ينبت القرع في شهرين.
هذا ما يحدث مع الغالبية العظمي سواء في محيط العمل أو الدراسة, يفضلون إتمام العمل الموكل إليهم في أقصر وأسرع وقت ممكن دون جهد وعناء.
وما أكثر الذين ينجرفون وراء الطرق السهلة البسيطة, لأنها لا تحتاج جهدا كبيرا ولا وقتا طويلا.
ولكن النتيجة تكون ضعيفة وفقيرة, بقدر ما بذلوه من جهد وتعب.كما أن الإنسان الذي يبحث وراء الجهد الأقل والاكتفاء به, يدل علي أنه فاقد الهمة وغارق في الخمول والراحة.
والشخص القليل العزيمة,الذي يكتفي بأقل ما يمكن من جهد, هو إنسان لايفهم معني العمل ولايدرك أهمية الواجب.
ما أكثر الذين يختلقون شتي الأعذار حينما لا يريدون عمل شيء كأن الأعذار سبب كاف يعفيهم من إتمام العمل والواجب, وإذا كانت الأعذار مقنعة, يجب ألا تعفينا من الواجب المطلوب منا تجاه الآخرين, لأن الواجب يعلو علي سواه.لذلك يجب علينا أن نعمل دائما غير ملتفتين إلي المنفعة الشخصية, وإنما نعمل لأن العمل شريعة كل مخلوق حتي لو لم يكن في حاجة له.
وعندما نقوم بعملنا يجب أن نفكر في منفعة الغير, فكما أننا نأكل ونشرب ونلبس ونستفيد من تعب الغير, كذلك علينا أن نفيد الآخرين من ثمرة عملنا.
ويقول أفلاطون في هذا الصدد:إذا أتممت عملك بالرغم مما تشعر به من عناء, فالعناء يزول, بينما سعادة القيام بالواجب لاتزول أبدا.
وهذا ما نلمسه في حياتنا اليومية عندما نعمل نتذوق بواكير عملنا قبل الأوان,إذ يكفينا ما نشعر به أحيانا من رضي وسعادة, لا لشيء إلا لأننا قمنا برسالتنا, أو حققنا واجبا مفروضا علينا,كما أنه يمنحنا الأمل الذي به ننتظره ثمرة جهودنا وحصاد تعبنا, أيضا سنربح احترام الناس لنا وتقديرهم لجهودنا, واعترافهم بجميلنا عندما يحين وقت جني الثمار. ياليتنا ندرب أنفسنا علي القيام بالعمل المطلوب منا, بحيث لاتغرب شمس كل نهار إلا ونكون قد أتممناه نحو الله والآخرين ونحو ذاتنا, لذلك يجب علينا ألا نترك أي فرصة تفوتنا لعمل ما هو صالح ومفيد لمجتمعنا.
فالحياة نشاط متواصل ودؤوب, وفرض علي كل إنسان أن يعمل مادام علي قيد الحياة, ولاقيمة لعمل إلا إذا كان فيه خير المجتمع,والإنسان الذي لا يريد أن يعمل, يصبح عالة علي الآخرين, لأنه يريد أن يتسلق أكتاف الناس ليأكل ويشرب ويحيا دون أن يشمر عن ساعديه, لا بسبب عدم قدرته أو مرضه, ولكن نتيجة كسله وانتهازيت, لكن النفوس السامية تعتبر العمل قبل كل شيء, والواجب دائما وأبدا ما دام في الإنسان عرق ينبض وصاحب الضمير الحي, هو الذي يشعر بالمسئولية تجاه المطلوب منه, ويقوم به أحسن قيام, ولايفكر أبدا في الهروب منه مهما كانت الأسباب.
إذا يجب أن نتحرر من الخمول واللامبالاة,لنصبح أشخاصا صالحين ينكرون ذواتهم في سبيل مصلحة الكل, ونتحلي بروح العمل والواجب لنصبح مخلصين فيما نقوم به من أفعال,كما يجب أن نتخلص من الاتكالية المقيتة, فنعمل دؤوبين بكل نشاط وهمة, معتمدين علي أنفسنا وبوحي المثل العليا التي تمليها علينا الكتب المقدسة وتربية الأسرة.
أيضا أن نزيل من حياتنا غبار النفعية والمصلحة الشخصية فنعمل دائما بهدف خير الآخرين, ولا ننتظر من وراء ذلك جزاء أو شكرا كما يجب علينا أن نشمر عن سواعدنا للعمل مع أرباب الخير ودعاة الفضيلة فالعمل يولينا رضي الضمير ونشوة الراحة بعد الجهد وجني الثمار اللذيذة, ونختم بقول الشاعر:لا تحسب المجد تمرا أنت آكله…لن تدرك المجد حتي تلعق الصبرا.