وهناك فيلم ثالث لحسن الإمام, كتبه أيضا محمد مصطفي سامي حول نفس قصص الحب يحمل اسم الفنانة الشهيرة بديعة مصابني وهي امرأة لبنانية جاءت إلي مصر, كي تعمل في فرقة نجيب الريحاني الذي تتزوج منه, ويصنع منها نجمة ذات شهرة عريضة. ولكنهما لا يلبثان أن ينفصلا كزوجين, وتقيم فرقة خاصة بها, ثم لا تلبث أن تنهار علي يدي الراقصة الجديدة ببا عز الدين, مما يدع بديعة أن تعود إلي لبنان بعد إصابتها بالفقر. وفي مذكرات حسن الإمام التي نشرتها مجلة الشبكة أن أحمد الحاروفي متعهد حفلات قديم, قد اشتري مذكرات بديعة مصابني ودفع بها إلي الإمام الذي تحمس لها, وأسند البطولة إلي نادية الجندي, ثم إلي نادية لطفي, بعد أن دب خلاف بين الممثلة والمنتج.
ومثلما هناك صليب علي صدر هدي في الراهبة, فإن هناك نفس الصليب علي صدر بديعة مصابني, الفيلم لحظة انفصال بين الريحاني وبديعة, حيث يأتي القس كي يحاول إرجاع كل منهما عما قرر, لكن كلا الاثنين يبدو عند رأيه حتي يتم الانفصال, والمعروف أن الأقباط المصريين لا يتم بينهم الطلاق بمثل هذه السهولة, لكن لأن بديعة لبنانية فإنه تم الطلاق علي طلب أحد الطرفين أو كلاهما.
* برزت الأماكن القبطية في هذه الأفلام بما لها من قدسية عالية لدي المسيحيين في مصر أو لبنان معا, وقد اتضح هذا في علاقة هدي بتمثال العذراء فوق الجبل, فهو يضاء بهالته المقدسة, وهي في الكنيسة تقوم بمسح الأرضية دليلا علي تقديرها للمكان وتقديسها له, كما أنها تهب كل حياتها للكنيسة, حتي تقوم بالتدريس لتلاميذ صغار, وهي تزور من وقت لآخر, وتضع الإيشارب علي رأسها دليل الاحتشام تفعل ذلك. كما أنها ترتدي مسوح الراهبة حين يقم حفل زفاف أختها في نفس الكنيسة علي الرجل الذي أحبته الاثنتان, الأخت وهدي معا, وتبدو معالم الكنيسة مليئة بالرهبة, وأدعي إلي الخشوع في أحداث الفيلم, في أحداث كل الأفلام التي رأينا فيها العاشقات يخترن هذا البيت السماوي كبديل للحياة الرغدة. وقد امتزج ظهور الكنائس من الداخل والخارج بموسيقي كنسية مهيبة, ذات دلالات خاصة في كل من شفيقة القبطية والراهبة.
* في الأفلام المصرية التي يتحاب فيها شاب مسلم وفتاة مسيحية, فإن أحداث الفيلم تكون حريصة تماما ألا تقع الفتاة في الخطيئة, ولكن في بعض القصص صورتها هذه السينما بين عاشقين من نفس الديانة, فإن هناك خطيئة ما تحدث بين الطرفين, حيث تزل الفتاة, ولا يكون أمام الاثنين سوي الزواج. وفي فيلم البوسطجي الذي سبق أن أشرنا أن الهوية الطائفية لم تكن واضحة تماما فإن جميلة أخطأت مع خليل الذي أخذ يراسلها ويؤكد لها أنه سوف يتزوجها, فتبعا لوضعه الاجتماعي الجديد بعد الخطيئة فإن خليل يرحل إلي مدينة ليعمل موظفا, وعاوزك تكتبي لي وأنا مع أول ما تبعتيلي عنوان ح أكتب علي كل حاجة ولكن هذه الرسالة تقع بين يدي البوسطجي المتلصص علي أسرار الناس, ويقوم بخطأ غير مقصود, بخاتم باطن الرسالة بخاتم البريد, مما يعني استحالة إرسالها إلي الفتاة الخاطئة التي تنتظر الرسالة علي أحر من الجمر. وينتج عن ذلك أن تفوح رائحة الفضيحة ويقوم الأب بذبح ابنته بعد أن اكتشف انتفاخ بطنها.
وفي فيلم ضحك ولعب وجد وحب رأينا واحدا من شلة رباعي مدارس مصر الجديدة يحب تلميذة صغيرة, والاثنان قبطيان, هو فريد, وهي مها, وتقع الصغيرة في الخطيئة مع حبيبها, ونتيجة لصغر سنهما فإنه يذهب من المحال أن يتزوجا, وعندما تضيق السبل بفريد, فإنه إلي عائشة, حبيبة الطلاب, وعاشقة أدهم كي تجد حلا لهذا الأمر, وفي البداية تستضيف مها في بيتها, ثم تطلب والدتها لتحاورها وتكشف لها الموقف, كما أن عائشة إش إش تستدعي طبيبا ليقوم بإجهاض الفتاة. وحسب نهاية الفيلم, ومن خلال بضعة سطور مكتوبة علي الشاشة, تعرف أن فريد قد تزوج من مها بعد تخرجه, وإنه دخل الجيش, واستشهد في حرب أكتوبر والفيلم كما هو معروف مأخوذ عن تجربة ذاتية للمخرج طارق التلمساني أملاها علي كاتب السيناريو مجدي أحمد علي, فكتبها كما رأيناها, أي أننا أمام شخصيات حقيقية مثل بديعة مصابني وشفيقة القبطية, وإن كانت السينما قد قامت بتغيير ملامحها كما شاء لها.