باعتبار أن الأقباط المصريين, نسيج أساسي في المجتمع, فإن الكثير من قصص هؤلاء الأقباط تلاحمت مع قصص إخوانهم المسلمين في أفلام السينما. كما أن بعض هذه الأفلام كان أبطال قصصها الرئيسيون من الأقباط, أسوة بأن الكثير من قصص السينما تروي أيضا حكايات المسلمين.
وفي هذه الأفلام تلاحمت هذه القصص المسلمة المسيحية في نفس النسيج, باعتبار أن هذا هو هيكل المجتمع, فالمسلمون يشاركون أقرانهم المسيحيين في أعيادهم الدينية, ومناسباتهم الخاصة, وكذلك يفعل الأقباط مع المسلمين, وسوف نري أن هذا التلاحم موجود في أفلام بعينها, من خلال قصص مجموعة من طلاب مصر الجديدة في فيلم ضحك ولعب وجد وحب لطارق التلمساني عام .1993 وأيضا في البوسطجي لحسين كمال عام 1986, وللحب قصة أخيرة 1985, ثم سيداتي آنساتي لرأفت الميهي 1990, والتحويلة لأمالي وأفلام كم إخراج حسن الإمام مثل الراهبة 1965 وشفيقة القبطية 1963 وبديعة مصابني 1975 ثم هناك القصة التاريخية في فيلم الناصر صلاح الدين ليوسف شاهين بين عيسي العوام ولويزا عام .1963
ويمكن أن نجمع مجموعة من السمات التي تربط فيما بين هذه الأفلام وموضوع الأعياد القبطية التي ظهرت في كل فيلم أو جزء من قصص هذه الأفلام, وهي:
* يتفاوت ظهور الهوية القبطية, أو إخفاؤها لاعتبارات اجتماعية عامة من فيلم لآخر, ففي بعض الأفلام لم يؤكد السيناريو المكتوب علي هوية أبطال القصص, وإن كانت أسماء هؤلاء الأشخاص تأخذ الهويتين معا, مثلما حدث في فيلم البوسطجي أمام شخص مثل جميلة, وخليل, ومريم, ووصيفة, أما والدا جميلة فقد أشير إليهما في السيناريو المنشور باسم والدة جميلة ووالد جميلة, ولكن السيناريو يشير إلي أن اسمه سلامة وقد أشار النص الأدبي المأخوذ عن الفيلم إلي هويتها الدينية. وجميلة تتلقي تعليمها في مدرسة دينية بأسيوط, وهي نوع من المدارس تضم الكثير من التلاميذ من الديانتين.
وإذا كان النص الأدبي ليحيي حقي في دماء وطين قد أشار إلي هوية جميلة وأسرتها, فإنه لا توجد أي أشارة واضحة بالمرة إلي هذه الهوية في الفيلم, بل أن جميلة تستحلف عمتها بالنبي مرتين في المشهد رقم 66 من السيناريو الذي يدور في بيت العمة بالنحيلة: ياللا والنبي ياعمتي نروح, ثم هي تكرر الحلف مرة أخري والنبي ياعمة.. عشان خطري والمعروف أن الأقباط لا يميلون إلي قسم بشكل عام, ويستخدمون ألفاظ من طراز صدقني. كما خلت جدران بيت المعلم سلامة من أي إشارة إلي الهوية الدينية للأسرة, وأيضا لخليل, ولم يكن الفيلم في حاجة للدخول إلي هذه النقطة, ولكن الأسماء التي تمر علي لسان خليل تتحمل التأويل, فخليل في المشهد رقم 69 يشير أن نجيب أفندي واصف جوز أختي إللي في إسكندرية كان مواعدني بوظيفة وهو اسم قبطي بقدر ما هو اسم مسلم في صعيد مصر.
لكن هناك أفلاما أخري تتم الإشارة إلي الهوية القبطية بكل وضوح مثل شفيقة القبطية, وبديعة مصابني (وهي أسماء حقيقية في التاريخ), ومثل الخالة دميانة في للحب قصة أخيرة, ومثل ماما تريز صاحبة البيت في سيداتي آنساتي وهناك بالطبع إشارة واضحة إلي ديانة كل من مها وفريد في فيلم ضحك ولعب وجد وحب. ويبدو ذلك واضحا من خلال اللوحات المعلقة علي جدران منزل الفتاة. كذلك هناك إشارة واضحة إلي أن عيسي العوام قبطي مصري في فيلم الناصر صلاح الدين, بالإضافة إلي الأماكن التي تدور فيها أحداث أفلام أخري مثل الراهبة.
ظهرت شخصيات قبطية عديدة في أفلام مصرية تشير إلي الوحدة الوطنية في مصر, وقد بدا ذلك واضحا في أفلام مثل الناصر صلاح الدين وشخصية المناضلين في بين القصرين, وأيضا شخصية القس في نفس الفيلم, ونفس الشخصية في فيلم الزواج علي الطريقة الحديثة لكمال كريم, وأيضا شخصي الجنود الأقباط الذين يدفعون حيواتهم من أجل أوطانهم في الحروب ضد إسرائيل في أفلام الرصاصة لا تزال في جيبي وأبناء الصمت والعمر لحظة وغيرها, وقد تعاملت السينما مع هؤلاء الأشخاص بشكل طبيعي باعتبار أن الأقباط جزء من نسيج المجتمع. وإنه يتم تجنيد أبناء الشعب مهما كانت هويتهم, شريطة اللياقة الجسمانية والعقلانية, وفي داخل الوحدات العسكرية تنصهر كافة الطبقات الاجتماعية والطائفية, تحت لواء الرتبة التي يحملها كل شخص.