أصدرت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس بيان بشأن اللقاحات ضد كورونا (كوفيد ١٩)جاء فيه
أمام ما يتعرّض له العالم ويُصيب الإنسان اليوم بفعل جائحة كوفيد١٩، وأمام إنتاج اللقاحات المُضادّة لهذه الجائحة، يهمّ الكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية، وبعد التشاور بين غبطة البطريرك والسادة المطارنة، أن توضحَ لأبنائها ما يلي:
1. لقد سبق للكنيسة أن أكّدت في الرسالة الرعائيّة الصادرة في العام ٢٠١٩ على “قدسيّة الحياة ووجوب احترامها، مع انفتاحها على التقدّم العلميّ”. وهي في السياق ذاته، وإيماناً منها بالدور المحوري الذي لعبه التقدم العلمي على مرِّ العصور، تشجّع العلم والعلماء وتبارك كلّ مبادرةٍ خيّرةٍ تساهم في تقدّم البشريّة وتخفّف من معاناة الإنسان.
2. واليوم، وبعد أن توصل العلماء إلى إيجاد مجموعة من اللقاحات المضادة لجائحة كوفيد ١٩، تعتبر الكنيسة من بعد متابعتها لنتائج البحوث الطبّية المختلفة واستشارة أصحاب الاختصاص، أنَّ مسألة التلقيح لا تختصّ بحقل الدراسات اللاهوتيّة والروحيّة الإيمانيّة، وإنما بالحقل العلميّ والطبّي والمراجع المعنية به، فيكون القرار بشأنها قراراً شخصياً، يعود لكلّ شخصٍّ حقّ اتخاذه بالتنسيق مع طبيبه.
3. علاوةً على ذلك، وبما أنَّ هذه الجائحة ما زالت تُشكّل خطراً على الحياة الإنسانية كون أنَّ المعنيّين لم يجدوا لها العلاجَ الشافي بعد، رغم ما يشكّله اللقاح من وقايةٍ منها نرجوها فعّالة، فإنَّ الكنيسة تلفت انتباه أبنائها إلى أهميّة استمرارهم بالالتزام بكافة الإجراءات التي تدعوهم إليها الجهات المسؤولة والمُختصّة، أكانَ قبل التلقيح أم بعده.
4. تحذّر الكنيسة من أي استغلالٍ سياسيٍّ أو تجاريٍّ لموضوع اللقاحات.
5. إن الكنيسة إذ تتفهّم وجود آراءٍ مختلفةٍ نابعةٍ من مخاوف وهواجس يتمّ تداولها على غير صعيد، خصوصاً في ظلّ تقاذفٍ إعلاميٍّ مستمرٍّ وجوٍّ من الخوف والقلق والتهويل. دون أن تغفل الخلفيّة الإيمانيّة والروحيّة التي انطلق البعض منها في طرح هذه المسألة.
6. لا شكّ أنّ جميع التدابير الوقائيّة والصحيّة واللقاحات مفيدةٌ لسلامتنا الجسدية، ولكن يجب ألا نغفل أيضاً أهمية سلامتنا الروحية، التي تقتضي منا الانتباه إلى تلك “المسافة الآمنة” التي نضعها بيننا وبين الله وأخينا الإنسان وبيئتنا الطبيعيّة، وهذا يُعالَج بتغيير سلوكنا عبر توبتنا الصادقة بالعودة إلى الله بالصلاة وحياة الشركة والخدمة، بالصوم عمّا يؤذينا ويؤذي أخانا وبيئتنا، مع ما يعني ذلك من عيشٍ لسرّ شكر الله على عطاياه ومراحمه.
7. في النهاية، إن الفرح النابع من إيماننا بأنّ المسيح معنا حتّى انقضاء الدهر يجعلنا رفاق دربٍ مع الذين سلكوا طريق الجهاد من آبائنا في كلّ زمانٍ ومكانٍ، ويقوينا في مواجهة كل شرٍّ وسوءٍ، لكي يتمجد الله في أقوالنا وأعمالنا.