من كان يصدق أن فيروسا ضئيلا يمكن أن يحدث فينا كل هذا.. تتباعد المسافات بيننا.. تغلق أبواب الكنائس أمامنا.. تنطفئ أضواء القناديل المعلقة فوق المذابح.. يختبئ وهج الشموع من صور الأيقونات.. تنحصر صلوات البصخة الجماعية وتسابيح كيهك خلف جدران البيوت.. لم تكن كورونا محنة فرد أو أسرة أو كنيسة أو إيبارشية أو وطن لكنها كانت طوفانا من الآلام والأحزان, كانت كارثة هبطت علي البشر في كل مكان.. مضي عام كامل وبيانات الكنيسة تتوالي ما بين الغلق والفتح التدريجي, وما بين وقف الخدمات وعودتها علي حياء وبإجراءات حذرة, مع دعوة الجميع لرفع صلوات وتضرعات في كل موضع ومكان لتصل إلي مسامع الرب القدير فيرفع عنا الموت والوباء ويعطينا سلاما وطمأنينة.. وكانت عين الرب بحنوه ورأفته علي شعبه المحب.. استمع إلي صلواتهم التي ارتفعت داخل المنازل, وإلي تسابيحهم التي خرجت من النوافذ.. وعندما قارب زيت الميرون علي النفاد وهو السر الثاني في عداد الأسرار الكنسية السبعة, هيأ الرب في قلب وفكر رأس الكنيسة البابا البطريرك الأنبا تواضروس الثاني لدعوة أحبار الكنيسة لعمل الميرون للمرة الأربعين في تاريخ الكنيسة القبطية.. ولما كان المجمع المقدس لم ينعقد منذ يونية 2019 مع استمرار انتشار الجائحة, فقد رأي قداسته أن في حضور كل أحبار الكنيسة لعمل الميرون تدبيرا من الرب ليعقد المجمع المقدس اجتماعه الذي تأخر ما يقرب من عامين.. وأيضا لرسامة آباء أساقفة لكراسي الإيبارشيات والأديرة الشاغرة.. وفي تسلسل رأينا فيه تدبير الرب وحكمة البابا تتوالي الأحداث الثلاثة مع بدايات شهر مارس القادم من عام 2021.. ومرة أخري تأكد لي أن أمور الكنيسة كلها هي في عين الرب وتدبير البابا البطريرك.. وعندما ذهبت لقداسته بكل الشغف لمعرفة التفاصيل, ولنسجل للأحداث الثلاثة الأهم في تاريخ الكنيسة المعاصر.. استقبلنا قداسته بترحاب, ومن عمق قلبه المحب وفكره المرتب خرجت الكلمات فياضة بالمعلومات غنية بعمل الرب, وأخذنا معه في الحديث وفقا للترتيب الزمني.. من المجمع المقدس.. إلي السيامات.. إلي الميرون.. ومضت الساعات ونحن في حوار مع البطريرك الجالس علي السدة المرقسية.. وها هي السطور القادمة تنقل ما قاله عطية الله البابا تواضروس الثاني.
* من ترتيب البيت..
إلي زمن الوباء
* عندما تتجمع ثلاثة أحداث بهذا القدر من الأهمية يصعب أن أحدد من أين أبدأ حواري.. قداسة البابا سهل لي المهمة عندما بادرني نتحدث وفقا للترتيب الزمني.. عن المجمع المقدس قال قداسته..
** كنيستنا القبطية كنيسة مجمعية كل قراراتها تأخذ باجماع كل آبائها المطارنة والأساقفة, من هنا كانت أهمية المجمع المقدس, وضرورة انعقاده في جلسات ثابتة وكلما دعت الحاجة لاتخاذ قرار يتعلق بالعقيدة أو الطقوس أو تنظيم العمل, فهو السلطة العليا في الكنيسة والسلطة التشريعية التي تسن قوانينها وتصدق علي قراراتها, وفي أول اجتماع لي بالمجمع المقدس, وكان ذلك في 22 نوفمبر 2012, ولم يكن قد مضي ثلاثة أسابيع علي اختيار العناية الإلهية لضعفي بطريركا, دعوت كل أحبار الكنيسة لانتخاب سكرتارية المجمع وتشكيل اللجان التي يناط بها إعداد الدراسات كلا في مجاله.. من بعدها شهدت الكنيسة حراكا كبيرا, وأعدت دراسات, عديدة, ودارت مناقشات مستفيضة, وبدأنا نخطو في منظومة متطورة تناسب حجم الكنيسة وتاريخها ودورها الروحي والمجتمعي, وصارت للرهبنة لائحة وللكاهن لائحة, وللأسقف لائحة, ولمجالس الكنائس لائحة, وللتربية الكنسية لائحة.. هكذا انضبطت كل الأمور والأعمال في إطار من النظم والقوانين, وشهد المجمع المقدس عام 2013 اجتماعين في يونية ونوفمبر وفي عام 2014 اجتماعين أيضا في ويونية ونوفمبر.
** مع اتساع الكرازة المرقسية زادت أعداد أحبار الكنيسة وتعددت إيبارشياتها في العالم, وصار لنا 35 مطرانا وأسقفا يخدمون ببلاد متباعدة في كل المعمورة, وأصبح من الصعب تجميع كل الآباء, ومن كل العالم مرتين في العام, ورأينا مع بدايات عام 2015 أن يكون للمجمع المقدس جلسة سنوية محددة تعقد بعد عيد العنصرة وغالبا ما يكون هذا في شهر مايو أو يونية من كل عام, وأن يكون لأحبار الكنيسة لقاء سنوي قبل صوم الميلاد وغالبا ما يكون هذا في نوفمبر من كل عام, يجتمعون في سيمينار ليس من الضروري أن يحضره كل أعضاء المجمع حيث يتناقشون في موضوع أو عدة موضوعات محددة أجروا حولها دراسات وأبحاثا طوال العام, لتبقي الدماء متجددة في قلب الكنيسة وعقلها, ويبقي لأحبارها التواصل المستمر.. إلا أنه مع ظهور فيروس كورونا وانتشاره في كل بلاد العالم تعذر اجتماع المجمع المقدس حتي لمرة واحدة.. ومضي عام 2020 دون اجتماع المجمع.
* لجنة العشرين..
وغلق الكنائس
* فيما كان الأمر يبدو أنه مأزق.. كنت واثقا أن عطية الله عنده الحل مادام الرب عن يمينه.. سألت قداسته.. كيف تعاملت الكنيسة مع الموقف؟
** نشكر الرب أننا كنا من قبل ظهور الوباء رأينا مع تباعد المساحة الزمنية لعام كامل ما بين اجتماع المجمع المقدس والاجتماع التالي, أنه من الضروري تشكيل مجمع مصغر يكون له ما للمجمع المقدس من السلطة الكهنوتية والتشريعية في الكنيسة, ويكون له اتخاذ القرارات في الظروف الطارئة فيما عدا ما يخص الإيمان والعقيدة.. ومع بدايات عام 2019 ـ وهو ذات العام الذي فوجئ العالم في نهايته بفيروس كوفيد 19 ـ أعلنا عن تشكيل اللجنة الدائمة للمجمع المقدس من عشرين عضوا يمثلون المجمع المقدس في صورته المصغرة, وشهد عام 2019 اجتماعين للجنة, الأول في 2 أبريل لوضع خطة عمل اللجنة وتحدثت فيه عن المؤثرات العصرية التي تواجهها الكنيسة من تغيير في أفكار الشباب وسلوكهم ودور الآباء في متابعة هذا وجذبهم للخدمة وإلي أحضان الكنيسة.. والثاني في 12 يونية لعرض ما يدور من تصرفات في إيبارشية ملبورن, وبحث طلب الكنيسة الروسية لعرض أجساد قديسين مصريين في بلادهم.. وجاء عام 2020 وزحف وباء كورونا إلي البلاد, وواجهت الكنيسة موقفا صعبا لسلامة أبنائها, وحملت اللجنة الدائمة كل مهام المجمع المقدس في أيام الوباء.
** كنا منذ ظهور Covid-19 في مقاطعة ووهان بالصين نتابع الموقف في مختلف دول العالم من خلال البيانات التي تصدرها منظمة الصحة العالمية, ومن خلال كنائسنا في الخارج لنطمئن علي أولادنا في كل البلاد, وكان يقلقنا انتقال الفيروس من دولة إلي أخري, ومع سرعة انتشاره دعيت اللجنة الدائمة للمجمع المقدس إلي اجتماع في 5 مارس 2020 لعرض الموقف والتفكير معا فيما قد تحمله الأيام القادمة, وكان ما توقعناه, فبعدها أعلنت وزارة الصحة عن وصول الفيروس إلي بلادنا, وبدأت الدولة في تعليق الدراسة بالمدارس والجامعات وتحديد مواعيد لغلق المحال التجارية وساعات لحظر التجول, وسارعت بدعوة اللجنة الدائمة لاجتماع صباح السبت 21 مارس وصدر عنها أول بيان يحمل أصعب قرار بغلق الكنائس وإيقاف القداسات وكل الخدمات الطقسية والأنشطة حماية للأرواح.
* رحلة عام.. بين غلق الكنائس والفتح التدريجي
* بعد أن كشف لي قداسة البابا عن ميلاد اللجنة الدائمة للمجمع المقدس من قبل كورونا دعوت قداسته للحديث عن عمل اللجنة طوال هذا العام الصعب.. قال قداسته:
** مع كل ما حمله البيان الأول من قرارات كان أصعبها علي نفسي وعلي كل الإكليروس والشعب غلق الكنائس,ورأينا يومها أن يكون هذا الأسبوعين فقط في ظرف استثنائي علي أمل أن تتحسن الأحوال, لكن عندما عاودت اللجنة الدائمة اجتماعها -12 أبريل 2020- كان انتشار الفيروس مستمرا وبصورة أكثر قلقا, وما كان أمامنا إلا القرار الأصعب باستمرار تعليق جميع الصلوات بالكنائس, وقد ضاعف من صعوبته أن الاستمرارية ستمتد إلي عيد الصعود مرورا بعيد القيامة, ومن قبلهما أسبوع الآلام أكثر أيام السنة روحانية إلي قلوب الناس.
** في 30 مايو 2020 عادت اللجنة الدائمة إلي الاجتماع, وكان المؤسف أن منحني الإصابات يتجه نحو الذروة, فصدر عن اللجنة البيان الثالث الذي أعلن استمرار تعليق الصلوات بالكنائس مع انفراجات في ممارسة أسرار الكنيسة وإن كانت في ظل الإجراءات الاحترازية والأعداد المحدودة.
** وفي صباح السبت 27 يونية 2020 كان الموعد المقرر لاجتماع اللجنة الدائمة, وكانت قد بدأت تظهر انفراجة وانخفاضا في أعداد الإصابات ببعض المحافظات, بل وانعدامها في بعض المحافظات كمطروح وجنوب سيناء, وهنا رأينا أن نترك للأب الأسقف كلا في إيبارشيته إقامة القداسات أو تعليقها طبقا لتقدير الموقف الصحي, وهي الفكرة التي لاقت نجاحا وسمحت لعدد من الإيبارشيات بفتح كنائسها, فيما رأينا الاستمرار في تأجيل فتح كنائس القاهرة والإسكندرية إذ كانت تشهد ارتفاعا في نسب الإصابة, وصدر عن هذا البيان الرابع الذي أوصي أيضا بتعليق الصبوات بشكل كامل بكافة الإيبارشيات يومي الأحد والجمعة تماشيا مع قرار مجلس الوزراء الذي كان قد صدر قبل أيام, وعلي أن يستمر هذا حتي منتصف يوليو وتعاود اللجنة تقييم الموقف.
** عندما اجتمعت اللجنة في 13 يوليو 2020 لم يكن في الأمر جديد فصدر البيان الخامس متضمنا استمرار العمل بتوصيات البيان السابق.. وظلت اللجنة تتابع الموقف يحدوها كل الأمل في تحسن الأحوال وهو ما كان مع شهور الصيف, وعندما اجتمعنا في 23 أغسطس صدر البيان السادس بعودة قداسات يوم الجمعة من كل أسبوع.. وكانت الانفراجة الأكبر في اجتماع 17 سبتمبر وصدر البيان السابع حاملا بشري عودة القداسات والأنشطة والخدمات الكنسية ومدارس الأحد بنسبة 50% بجميع الإيبارشيات بعد توقف دام أكثر من ستة أشهر وكان توجه الدولة عودة العديد من الأنشطة.
** مضي شهر سبتمبر بخير, وقبل أن ينتهي شهر أكتوبر تزايدت حدة الموجة الثانية للفيروس, وحفاظا علي أبنائنا من خطر انتقال العدوي صدر عن اللجنة البيان الثامن متضمنا العودة بنسبة المشاركين في القداسات والخدمات والاجتماعات بما لا يزيد علي 25% اعتبارا من أول نوفمبر.. ولم يستمر الحال علي هذا كثيرا وبدأت منحنيات انتشار الفيروس في الارتفاع, وتزايدت أعداد الإصابات والمنتقلين من الأحباء الآباء الكهنة والشعب, وعندما اجتمعنا في 5 ديسمبر قررنا تعليق صلوات القداسات وخدمة مدارس الأحد والاجتماعات وكافة الأنشطة تماما لمدة شهر, وكان المؤلم حقا أن سهرات شهر كيهك التي تتخلل هذه الفترة توقفت أيضا, ونشكر الرب أن القنوات الفضائية المسيحية أتاحت متابعة السهرات المسجلة.
** مع اقتراب احتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد والغطاس اجتمعت اللجنة في 26 ديسمبر, لكن لم يكن الحال أحسن مما كان فصدر البيان العاشر موصيا بإقامة قداس عيدي الميلاد والغطاس بمشاركة كهنة الكنيسة وعدد لا يزيد علي عشرين شخصا, وأيضا لكل كنيسة إقامة قداس واحد فقط أسبوعيا قاصرا علي الآباء كهنة الكنيسة بمشاركة ما لا يزيد علي خمسة شمامسة لتظل أبواب الكنائس مفتوحة وصلوات الآباء مرفوعة ليستجيب الرب ويتحنن علي شعبه ويرفع عنه الوباء.
** وسط اشتياق الجميع إلي ديار الرب كان الاجتماع الأخير للجنة في 26 يناير 2021, وصدر البيان الحادي عشر يحمل بشري إقامة القداسات والتسبحة بكل الكنائس في أي يوم من أيام الأسبوع بمعدل فرد واحد في كل دكة وهو القرار الذي مازال معمولا به حتي اليوم وندعو الرب أن تتحسن الأحوال وتعدو الكنائس إلي ما كانت عليه.
* شهر مارس..
الربيع والبركات..
* رحلة طويلة قطعناها مع قداسة البابا.. الرحل لم تنته مادامت كورونا معنا.. من هنا كان سؤالي لقداسته.. كيف توصلتم إلي تحديد موعد اجتماع المجمع المقدس.. قال قداسته:
** وسط هذه الأحوال لم يكن من الممكن أن يجتمع المجمع المقدس في جلسته السنوية المقرر موعدها مسبقا ـ مايو 2020 ـ وقررنا يومها تأجيلها إلي نوفمبر, وعندما اقتربنا من الموعد اجتمعت اللجنة الدائمة للمجمع المقدس لمناقشة المقترحات المقدمة من بعض أساقفة الكنيسة بشأن موعد الانعقاد القادم للمجمع المقدس لمناقشة المقترحات المقدمة من بعض أساقفة الكنيسة بشأن موعد الانعقاد القادم للمجمع المقدس, وأيضا الأعداد للسيامات والأساقفة.. ومرة أخري أمام تداعيات الوباء واستمرار تزايد أعداد المصابين تقرر للمرة الثانية تأجيل اجتماع المجمع المقدس, وتأجلت أيضا السيامات, وكان الميرون مؤجلا منذ أبريل 2020, وبهذا صار للكنيسة ثلاثة أحداث مهمة مؤجلة.. وعندما بدأت الأمور تتحسن حتي وإن كان قليلا جاءت فكرة تجميع كل المناسبات في مدي زمني قصير.. الميرون الذي كنا نقيمه في الأسبوع السابق من أسبوع الآلام رأينا أن نقيمه هذا العام في الأسبوع الأول من الصوم المقدس, والجلسة السنوية للمجمع المقدس التي كانت تعقد بعد عيد القيامة في مايو نتقدم بها إلي أوائل مارس, وبينهما تتم الرسامات , وبهذا تجمعت المناسبات الثلاث في أيام معدودات ومتواصلة جمعهم الثلث الأول من شهر مارس, والكنيسة تفرح كثيرا بشهر مارس, ليس فقط لأنه شهر الربيع, لكنه لأنه أيضا شهر البركات.. ومن بركات هذه الأيام في هذا العام أنه سيتخلله يومان لذكري من أغلي الذكريات لآباء قديسين.. الأولي ذكري العام الأول لنياحة مثلث الرحمات الأنبا صرابمون أسقف ورئيس دير الأنبا بيشوي, والثانية لذكري اليوبيل الذهبي لنياحة البابا البطريرك القديس الأنبا كيرلس السادس.. ورأينا هنا تدبير الرب في أن يشارك كل أحبار الكنيسة أيضا في هذه الاحتفالات, الأول يوم الاثنين 8 مارس بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون, والثاني يوم الثلاثاء 9 مارس بدير مارمينا العجائبي بكينج مريوط.
* من الأنبا رويس..
إلي برية شيهيت
* عودة انعقاد المجمع المقدس بعد عامين من آخر اجتماع له في يونية 2019 سيثقل جدول أعماله بالموضوعات.. سألت قداسة البابا عما سيعرض علي المجمع, وما يتوقع أن ينتهي إليه من قرارات وتوصيات.. قال قداسته:
** اجتماعات المجمع تبدأ بأعمال اللجان التي ستتواصل علي امتداد ثلاثة أيام بدء من الاثنين الأول من مارس وتنتهي يوم الأربعاء 3 مارس بالقاعة الكبري للاجتماعات داخل المقر البابوي بالأنبا رويس بالعباسية, لينتقل بعدها إلي مركز لوجوس بالمقر البابوي بدير الأنبا بيشوي حيث الجلسة الختامية يوم الخميس 4 مارس 2021 والتي تعلن فيها القرارات والتوصيات.. وقد أبلغت سكرتارية المجمع كل أحبار الكنيسة أعضاء المجمع المقدس أن الموضوع الذي ستناقشه كل لجان المجمع في هذا الانعقاد خدمة الكنيسة في زمن الوباء وهو ما سيصدر عنه بحث ميداني, هذا إلي جانب الموضوعات المتعددة التي ستناقش داخل كل لجنة, وهي موضوعات تنبثق من اختصاصات كل لجنة (الرعاية روالخدمة, العلاقات المسكونية, الإيبارشيات, الطقوس, الأديرة…) حسبما اتفقوا عليه وقام أعضاء كل لجنة ببحثها ودراستها خلال الفترة ما بين اجتماعي المجمع وينتهون في هذا الاجتماع إلي التوصيات التي يرفعونها إلي سكرتارية المجمع فتقوم بدورها بترتيب وتمحيص كل ما يصل إليها من توصيات, وتنتهي إلي أن بعض التوصيات ترفع للمجمع والبعض تؤجل والبعض تجمد.
** ومن المتوقع أيضا أن يصدر المجمع قرارا بالاعتراف بأحد الأديرة, فلكنيستنا القبطية 54 ديرا للرهبان والراهبات بالداخل والخارج, وهناك خمسة أديرة مازالت تحت التأسيس, والذي يتوقع الاعتراف بأحدهم في اجتماع هذا العام إذا ما وافق المجمع علي ما ستقدمه لجنة الرهبنة من تقارير عن الدير.. ومن المعروف أن قرارات المجمع تصدر بأغلبية أصوات أعضاء المجمع الذي يعقد برئاسة البابا البطريرك وكل أحبار الكنيسة المطارنة والأساقفة ورؤساء الأديرة وعددهم 127 ومعهم وكيلا البطريركية بالقاهرة والإسكندرية.. وبالمناسبة أذكر هنا أنه قد وصلنا اعتذار عن الحضور من الأنبا مينا أسقف كندا والأنبا أنتوني أسقف أيرلندا, وطلبنا ممن يعتذر أن يفوض أحد الآباء ممن سيحضرون للتوقيع علي التصويت لأي قرارات يتخذها المجمع.
** ومصادفة أن اجتماع المجمع سيستعرض الوثيقة التاريخية التي أعدتها اللجنة المجمعية للإعلام والمعلومات ومقررها نيافة الأنبا إبرآم مطران الفيوم ورئيس أديرة الفيوم, عن جميع الأديرة القبطية العامرة داخل مصر وخارجها (39 ديرا للرهبان, و14 ديرا للراهبات) والتي صدرت في مجلد ضخم (456صفحة بالحجم الكبير مزودة بالصور) توثق لتاريخ كل دير ونشأته إلي ما هو عليه الآن.
** أيضا سيشهد اجتماع المجمع المقدس لأول مرة تشكيل المجالس الإكليريكية الستة للأحوال الشخصية, والتي يتجدد تشكيلها كل 3 سنوات, وكانت أول دورة لهذه اللجان في عام 2015 عندما رأينا توزيع مسائل الأحوال الشخصية علي ست دوائر في توزيع جغرافي يشمل كل الكرازة لتسهيل وسرعة إنهاء الإجراءات, فتختص الدائرة الأولي بأمريكا وكندا, والثانية بأوروبا, والثالثة بآسيا وأستراليا, والرابعة بالقاهرة والجيزة وأفريقيا, والخامسة بالإسكندرية والوجه البحري, والسادسة الوجه القبلي.. وفي عام 2018 تشكلت الدورة الثانية وهي الدورة الحالية والمقرر انتهاء مدتها في مايو القادم.. وكانت قرارات تشكيل هذه اللجان تصدر عني, ومع المضي في تنظيم العمل بالكنيسة رأيت أن يصدر قرار تشكيلها من المجمع المقدس باعتباره السلطة التشريعية في الكنيسة.
* من الكتب المزورة..
إلي جورج غالي
** إن كان المجمع المقدس هو السلطة العليا والتشريعية للكنيسة فهناك موضوعات لا تعرض عليه ولا تناقش.. آخرها الأناجيل المزورة التي طرحت للتوزيع, والسماح للاهوتي جورج بباوي بالتناول من الأسرار المقدسة مع وجود قرار سابق من المجمع المقدس بحرمانه؟.. أجابني قداسة البابا:
** فيما يتعلق بالأناجيل المزورة فهو موضوع لا يرقي للعرض علي المجمع المقدس لأننا لن نناقش مضمونها, وكانت كزوبعة في فنجان أثارتها مجموعات مجهولة حاولت أن تقدم للمسيحيين هذه الكتب مجانا, وقد أصدرت الكنيسة بيانا حذرت فيه من التعامل مع هذه الإصدارات, وأعلنت رفضها التام لمحتواها الذي يتنافي بشكل كامل مع أساسيات الإيمان المسيحي, وأهابت الكنيسة بالجهات المعنية الوقوف بحزم ضد من يقف وراء هذه الإصدارات الملفقة والكاذبة التي تعبت بالسلام المجتمعي بالتلاعب في نصوص الكتب المقدسة.
** أما عن جورج بباوي فهو كما كان معروفا أنه لاهوتي مسيحي قبطي له العديد من المؤلفات والكتب والمناظرات, إلا أنه كانت له أفكار اختلف فيها مع مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث, وعرضت علي المجمع المقدس دون حضوره في عام 2007, وكنت موجودا حينذاك بالمجمع وكما أرتأي المجمع وقتها تقرر فرزه وحرمانه من الكنيسة, وهو قرار له كل التقدير, إلا إنه في أغسطس الماضي وصلتني منه رسالة يعتذر فيها ويطلب السماح له بالتناول من الأسرار المقدسة لمرضه القاسي وقرب أيامه.. ولما كنت لا أعرفه ولم أقابله ولم نتحدث معاً حتي تليفونياً ،كان امامي ثلاث اختيارات اما أن أغفل رسالته واما أن اقول له انتظر حتى اجتماع المجمع المقدس ولم يكن معروفاً متى سيجتمع ،واما أن أستجيب لرغبته ومن وازع ضميري ومسئوليتي اخذت بالاختيار الثالث وسمحت له بالتناول، فقد تعاملت معه كإنسان صدر حكم بإعدامه ولما مرض قبل تنفيد الحكم طلب طبيبا فقرر له دواء فاستجاب لطلبه.. تعاملت معه كإنسان يتوب وهو علي مشارف الموت, وقوانين الكنيسة تسمح بهذا لأنها جاءت من أجل خلاص كل إنسان.
* عودة إلي الوباء..
كيف رآه البابا؟
* أخذنا الحوار إلي المجمع المقدس لكن بقيت كورونا هي محور الحوار, فلو لم تكن, ما تأجل المجمع المقدس, وما تأجل الميرون, وما تأجلت الرسامات.. عدت إلي كورونا وسألت: كيف رأيت قداستك الوباء.. وكيف تراه الآن؟.. قال قداسته:
** رأيته رسالة إنذار من الله.. رأيته رغبة من الله في إيقاظ قلب الإنسان لعله يتوب, لعله يصحح طريقه, لعله يلتفت إلي إلهه, وهذا من باب رحمة الله بالإنسان.. الله من كثرة تحننه ومراحمه لم يدع الإنسان يفني بشروره, بل أراد أن يوقظه من سباته خوفا عليه وحبا فيه وشفقة بأبديته.
** والآن أري بعض الناس استجابو.. البعض فكروا وغيروا أسلوب حياتهم للأفضل, والبعض كانت آذانهم صماء فلم يسمعوا, وبالتالي لم يغيروا حياتهم.. والكنائس علي ذات المنوال, ازدادت الاجتماعات علي زووم وازدادت الصلوات علي القنوات, وازدادت العظات علي مواقع التواصل الاجتماعي, البعض كان يسمع في اليوم الواحد أربع أو خمس محاضرات, ودراسات في الإنجيل, وعظات.. وفي النهاية البعض فرحوا بهذا وتعلموا واستجابوا, والبعض سمعوا من هنا وطلعوا من هنا ولم يستجيبوا.
* أزمة الوطن..
ووطنية الكنيسة
* الكنيسة القبطية مؤسسة روحية واجتماعية رأيناها مع قداستكم من قبل كورونا.. والسؤال الآن: ماذا قدمت الكنيسة في وقت الأزمة؟.. قال قداسته:
** علينا أن نعترف أن وحشية الفيروس فاقت كل التوقعات, وفاجأت الناس جميعا, وما فعلته الحكومة المصرية يستحق كل التقدير, وكان علي الكنيسة أن تقف إلي جوارها سندا للدولة في جهودها لمكافحة الوباء.. بداية سارعت الكنيسة بتحويل بعض مستشفياتها إلي مستشفيات عزل, وتكونت فرق بالكنائس لمتابعة مرضي كورونا ووفرت لهم احتياجاتهم من الأدوية وأنابيب الأكسجين, ووجهنا مشاغل الخياطة بالإيبارشيات وأديرة الراهبات لتصنيع الكمامات وملابس الأطقم الطبية وقدمنا الآلاف للمستشفيات العامة, وعندما تجمع لدينا 3ملايين جنيه من أحبائنا أولاد الكنيسة أرسلناها إلي صندوق تحيا مصر لشراء أجهزة التنفس الصناعي, وكانت تشغلنا احتياجات الأسر الفقيرة والفئات الأكثر احتياجا من أصحاب الأعمال اليومية الذين فقدوا أعمالهم وكانوا أكثر تضررا من الجائحة, وكان يؤرقنا بالأكثر احتياجهم إلي تغذية صحية لتقوية الجهاز المناعي, فبدأت أسقفية الخدمات في إعداد كراتين طعام لتقوم الكنائس بتوزيعها, وأضفنا إليها أفكارا جديدة بوضع ملابس خفيفة تي شيرت وكتاب مقدس وقصص للأطفال وأقلام للتلوين لندخل الفرحة لقلوب الأسر والأبناء, وتدرجنا في المشروع إلي أن وصلنا بالكراتين إلي ثلاث إيبارشيات, ولما تجمع لدينا 6 ملايين جنيه أرسلنا نصف مليون لـ12إيبارشية لتتولي مباشرة إعداد الكراتين وتوزيعها علي أبنائها.
* يفرح الصديق بالرب
ويبتهج مستقيمو القلوب
* علامات الفرحة كانت تطل من وجه قداسة البابا المحب الوطني وهو يتحدث عن وطنية الكنيسة في وقت الأزمة.. سألت: ما الذي يفرح قداستك؟.. بفرح أجاب:
** الالتزام بالواجبات الصحية أكثر ما يفرحني هذه الأيام.. تفرحني توبة الإنسان.. يفرحني الارتباط بالحياة الروحية أكثر وأكثر.. تفرحني البيوت العامرة بالصلوات والطلبات.. تفرحني الأسر المترابطة في حب وسلام.. تفرحني المشروعات التي نراها الآن علي أرض مصر, ويفرحني أكثر أنها في كل المجالات بدون استثناء, في الصحة, في الصناعة, في الطاقة, في الزراعة, في الإسكان.. تفرحني نبوءة إشعياء النبي: مبارك شعبي مصر.
* * *
* مشاعر الفرحة التي تملأ قلب قداسة البابا تواضروس الثاني شجعتني علي أن أواصل الحوار.. أسئلة كثيرة لم تطرح والحديث عن السيامات والميرون أكثر إثارة.. عن هذا سأكتب لكم الأحد القادم.. إلي اللقاء مع عطية الله.
أخبار ذات صلة