المجد لله في الأعالي, وعلي الأرض السلام, وبالناس المسرة. (إنجيل لوقا 2:14).
في هذه الليلة الفارقة في حياة البشرية ـ ليلة ميلاد رب المجد ـ هاهو العالم كله يئن متطلعا إلي الخلاص وتتوحد قلوب الجميع في انتظار المراحم الإلهية للنجاة من الوباء (لأنه ينجيك من فخ الصياد ومن الوباء الخطر. سفر المزامير91:3) علي رجاء أن نجمع معا للصلاة في بيت الرب..
وقبل مئات السنين تكلم الوحي الإلهي الذي كتبه اناس الله القديسين مسوقين من الروح القدس عن الكنيسة التي في البيت, بولس, أسير يسوع المسيح, وتيموثاوس الأخ, إلي فليمون المحبوب والعامل معنا وإلي أبفية المحبوبة, وأرخبس المتجند معنا, وإلي الكنيسة التي في بيتك, نعمة لكم وسلام من الله زبينا والرب يسوع المسيح (رسالة بولس الرسول إلي فليمون/ الأصحاح الأول والوحيد).
ويأتي وباء كورونا لنتذكر المذبح العائلي والصلاة في المخدع, ـ هذا الوباء الذي اقتحم البشرية وفرض علينا الحظر الاختياري وتزداد الحاجة إلي المخلص في ليلة الميلاد هذه حيث التزام المكوث بالمنازل التي غدت كنائس نتعبد بها إلي أن يعبر الضيق..
يقول مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث في كتابه الأسرة الروحية السعيدة تحت عنوان كنيسة البيت.
ما أجمل قول بولس الرسول في رسالته إلي رومية سلموا علي بريسكلا وأكيلا.. والكنيسة التي في بيتهما (و5:16) وأيضا قوله إلي أهل كولوسي لموا علي الأخوة الذين في لاودكية, وعلي نمفاس وعلي الكنيسة التي في بيته (كو 4:15). وكذلك قوله لفليمون الكنيسة التي في بيتك (فل2).
هؤلاء صارت بيوتهم كنائس مثل بيت مريم أم مرقس الرسول (أع 12:12) وليدية بائعة الأرجوان.
وأنت إن لم تجد كنيسة في بيتك, فعلي الأقل هل يوجد للرب ولو ركن بسيط فيه وقنديل ومكان للصلاة.. هل بيتك بيت مقدس, للرب نصيب فيه؟ هل له صورة العبادة, وروح العبادة.
وإن كان الكنيسة هي جماعة المؤمنين الذي يعبدون الله بالروح والحق, فبيتك هو إذن كنيسة بهذا المعني. تخرج منه صلوات وتسابيح. وترتفع صلواته إلي الله كرائحة بخور. إن تذكرت أن بيتك كنيسة, فتذكر قول الكتاب بيتك تليق القداسة يارب طول الأيام (مز 93:5).
والكنيسة اسم سرياني معناه مجمع أو اجتماع, أما الكلمة اليونانية المستعملة في العهد الجديد كليزيا فإنعا تعني مجمع المواطنين في بلاد اليونان التي كانت الحكومة تدعوهم للتشريع أولأمور أخري (أع 19:32و41). وقد استعمل الكتاب المهلمون الكلمة نفسها للدلالة علي مجمع المؤمنين الذين يعترفون أن الرب يسوع المسيح هو رأسهم الأعلي الذين كانوا يجتمعون في أوقات منتظمة معينة أو كما تسمح الفرص للعبادة والصلاة (متي 16:18و18: 17 واع 2:47 و5:11 وافسس 5: 25,23). ولما تكاثر عدد اتباع يسوع في مدن متعددة بدأوا باستعمال كلمة كنائس بصيغة الجمع للدلالة عليهم, وكانت الجماعة الواحدة في كل بلد تدعي كنيسة (أع 9:31و15: 41 ورو 16:4و1 كو 7:17 و1تس 2:14). ولم تستعمل الكلمة بوضوح في العهد الجديد للدلالة علي البناء الذي يجتمع فيه المسيحيون للعبادة. والكنيسة غير المنظورة تتألف من كل الذين اتحدوا حقا بالمسيح (1كو 1:2 و12:12 و13 و27و28 وكو 1: 24 و1 بط 2:9و10). أما الكنيسة المنظورة فإنها تتألف من جميع الذين يعترفون أنهم متحدون بالمسيح. وكلمة كنيسة في العهد الجديد مترجمة عن الكلمة اليونانية إكليسيا.
استخدام السيد المسيح لكلمة كنيسة
كان الرب يسوع هو أول من استخدم هذه الكلمة في الإشارة إلي جماعة المؤمنين به, وذلك في تعقيبه علي اعتراف بطرس ـ في قيصرية فيلبس ـ بأن المسيح هو ابن الله الحي إذ قال الرب علي هذه الصخرة (صخرة الإيمان بي) ابني (سأبني كنيستي, وأبوبا الجحيم لن تقوي عليها (مت 16:116ـ 18).
وقد بدأ بناء الكنيسة منذ يوم الخمسين بحلول الروح القدس علي التلاميذ (أع 1:2ـ3). وكان الرب يضم إلي الكنيسة الذين يخلصون (أع47:2).
في الأناجيل: لا ترد هذه الكلمة في الأناجيل إلا في (إنجيل متي 16:18), وهو ما سبقت الإشارة إليه, وفي نفس الإنجيل 18:7 ويظن البعض أن كلمة كنيسة في (متي 18:17) تشير إلي ما كان قائما في ذلك الوقت, أي إلي المجمع اليهودي, ولكن ما جاء بعد ذلك من إعطاء التلاميذ الحق في الربط والحل, وتأكيده لهم أنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسم, فهناك أكون في وسطهم (مت18:19 و20), يدل علي أن المقصود بالكنيسة هنا هم جماعة المؤمنين بالمسيح, التي ذكر الرب (مت 18:16), إنه سيبنيها وسيكون لها كجماعة سلطة ذاتية في القبول والتأديب لأعضائها.
وفي سفر أعمال الرسل: في أعمال الرسل, كلمة كنيسة اسم علم لجماعة المؤمنين بالمسيح في مفهومين متميزين. فاستخدمت للدلالة علي جماهة المؤمنين في مكان معين, مثل الكنيسة في أورشليم (أع5: 8,11:15:22), وفي أنطاكية 0أع 13:14,1: 15,27:3), وفي قيصرية (18:22).
ويبدو استخدام الكنيسة بهذا المفهوم المحلي, واضحا في الرسائل إلي الكنائس السبع في سفر الرؤيا (رؤ 1, 2, 3). كما تستخدم للدلالة علي الكنيسة بعامة أي للدلالة علي جميع المؤمنين في كل مكان وعلي مدي الأجيال.
وفي رسائل الرسول بولس: نجد هذين المفهومين واضحين في رسائله, فيكتب إلي كنيسة التسالونيكيين (1تس 1:1) وإلي الكنيسة التي في كورنثوس (1كو 1:2, 2كو 1:1) بل ويستخدم الكلمة في الإشارة إلي جماعة محدودة أو عائلة مسيحية (ارجع إلي رو 16:5, 1 كو 16:19, كو 4: 15, فل2) وهو استخدام يذكرنا بقول الرب نفسه: حيثما اجتماع اثنان أوثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم 0مت 18:20).