ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من إمرأة مولودة تحت الناموس (غل 4:4) هكذا يلخص لنا بولس الرسول جوهر الميلاد السمائي المتفرد لرب المجد يسوع وكيفيته وإذا كان الكتاب المقدس في بشارة معلمنا لوقا يحاول تقريب مفهوم ملء الزمان بحقبة زمنية معلومة هي فترة حكم هيرودس الكبير (لو 1:5) إلا أن أقنوم الإبن قائم في حضن عاملا معه منذ الأزل وهو الذي أشار إليه العهد القديم في أكثر من موضع فمثلا نجد معلمنا سليمان الحكيم يشير إليه بروح النبوة في أسفار الشعرية الرائعة الأمثال ـ الجامعة ـ الحكمة مسميا إياه بالحكمةويجعله فاعلا في خلق الكون نفسه ومن ذلك قوله الرب بالحكمة أسس الأرض أثبت السماوات بالفهم (أم 3:19) وفي موضع آخر يقول من صعد إلي السماوات ونزل؟ من جمع الريح في حفنتيه؟ من صر المياه في ثوب؟ من ثبت جميع أطراف الأرض؟ ما اسمه؟ وما اسم ابنه إن عرفت (أم 30:4) أي أن الابن بوجوده الأزلي أعطانا فرص الحياة منذ السقوط والمقصود هنا الحياة الروحية في الأبدية وليس حياة الجسد الترابية التي يسدل عليها الستار في لحظة مفارقة الروح للجسد وهنا ننظر للموت بشكل مغاير في ضوء نورانية الميلاد الكاشفة حتي قبل تجسد الابن في ملء الزمان البشري المحدود قال الابن عن نفسه الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن (يو 8:58) إذن فنورانية الميلاد ومفاعيله كانت موجودة بشكل آخر قبل حدوث الميلاد في الزمن موجودة في اللازمن مع وجود الإبن الأزلي كأقنوم وعلي هذا يبدو الموت له أشكال متنوعة من المنظور الإلهي الذي يفوق المنظور البشري بمراحل وتبدو نورانيته هي جرس الإنذار لكثير من الشخصيات في الكتاب المقدس في شكل عمل الروح القدس المتحد بالأب والإبن الكائن والعامل أيضا منذ الأزل قبل عمل الفداء العظيم فمثلا ما تصنيفنا لموت آدم وحواء هل ماتا لحظة خروج الروح من الجسد؟ لا بل ماتا عقب عصيان وصية الله تلك هي لحظة موتهما الحقيقية وكذا قايين الذي حذره روح الله لكنه قتل أخيه هابيل ثم بعد ذلك مات بالجسد لكن لحظة موته الحقيقية كانت في عدم سماعه لصوت الله داخله ولكن بعض شخصيات الكتاب المقدس ماتت بالمفهوم الروحي وبمفاعيل الميلاد بمفهومه السرمدي الذي أوضحناه عادت للحياة مثل داود النبي وسليمان الحكيم وغيرهما من الخطاة الذين عادوا لطريق النور والبر بالتوبة أما من عاندوا صوت الإبن الأزلي قبل مولده بالجسد وبعده فقد ماتوا وهم أحياء مثل شمشون وفرعون موسي ويلكس الوالي أمام بولس الرسول والخلاصة أن مفاعيل الميلاد هي التي جعلتنا منذ الأزل نري الموي أحياء بالجسد والعكس صحيح لذا قال الوحي الإلهي ملخصا هذه الحالة عزيز في عيني الرب موت أتقيائه (مز 16:15) ورذا كنا نحتفل بميلاد الرب هذا العام وشبح الموت متمثلا في وباء يكورونا الفتاك يحصد الأرواح مثيرا الرعب دعونا نسأل عن كل نفس هل ماتت متأثرة بكورونا لأول مرة أم سبق خروج الروح من الجسد موت روحي هو أصعب بملايين المرات من الموت بكورونا الذي يرتعب منه العالم؟.. إنني أتضرع لمولود المذود الكائن يعمله ونور انيته منذ الأزل أن يجعلنا نحيا بالبر والقداسة فلا نخشي الموت بكورونا ولا أيا من ألوان الموت الجسدي الترابي لأنه الجسر الذهبي للعبور للأبدية.