رفع دعوى لوقف القرار لاتحاد العمال بشأن أزمة شركة الحديد
قررت الجمعية العامة غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية الموافقة على تقسيم الشركة إلى شركتين شركة الحديد والصلب التي تم تصفيتها وشركة المناجم والمحاجر وتملك الحكومة الحصة الأكبر بالشركة من خلال الشركة القابضة للصناعات المعدنية، التابعة لوزارة قطاع الأعمال، والتي تصل نسبة ملكيتها نحو 82%
وأرجعت الجمعية ان سبب قرار التصفية إلى تدنى المؤشرات المالية والإنتاجية والاقتصادية للشركة وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير وأهمها توفير أجور العاملين وتوفير مستلزمات الإنتاج والتشغيل الاقتصادي وتدهور اقتصاديات التشغيل والخلل في هيكلها المالي، مما أدى إلى تزايد خسائرها المرحلة والتي بلغت 8.2 مليار جنيه في 30 يونيو 2020، والتي تمثل نسبة 547% من حقوق المساهمين، إضافة إلى تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن القوائم المالية المنتهية في يونيو 2020، والذى يؤكد وجود شك جوهري في استمرار الشركة وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الحالية .
قال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام إن تصفية شركة الحديد والصلب قرار نهائي وإن الأولوية الحالية للوزارة صرف تعويضات العمال وهي متوفرة بالفعل، متوقعا أن يستلم العمال تعويضاتهم خلال 3 شهور على أقصى تقدير.
وأضاف الوزير أن قرار التصفية هو قرار جمعية عامة للشركة ولا يمكن مقارنته بقرارات الخصخصة التي اتخذت في التسعينات، وأن دوره ليس تصفية القطاع العام لكن مساعدته لـ “يطفو” واستعادة قدراته.
وكشف الوزير عن سيناريوهات التعامل مع مناجم شركة الحديد والصلب المقرر فصلها في شركة مستقلة، ومصير المناجم في حال لم تتمكن الشركة الأوكرانية من رفع تركيز الخامات.
واوضح توفيق قرارًا نهائيًا بتصفية الشركة بسبب الخسائر التي أعلناها ودرسنا كثيرا إمكانية تطويرها لكن لم نجد جدوى .
واكد توفيق ان المديونيات والتي وصلت إلى أكثر من 6 مليارات جنيه، وموقف الشركة وتقادم معداتها وانخفاض تركيز الحديد المستخرج من مناجم الشركة في الواحات .
واشار توفيق الي ارتفاع استهلاك الشركة لفحم الكوك والغاز في العملية الإنتاجية وتضخم التكاليف المباشرة، وسوء حالة الأفران والتوقفات المتكررة للفرن الرابع (وصلت إلى 92%) والذي ساهم في ارتفاع استهلاك الطاقة في الشركة، حتى وصل نصيب الطن المنتج من عناصر الطاقة في الحديد والصلب 44,3 مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل 20,6 مليون وحدة حرارية بريطانية/طن في المصانع المنافسة، وذلك بخلاف الكوك الذي يصل نصيب الطن منه بالنسبة لشركة الحديد والصلب 1300 كيلو مقابل متوسط عالمي لاستهلاك الطن من 300-600 كيلو.
واشار توفيق من الضروري أن نوضح للعمال ثم ندخل بعد ذلك في إجراءات التصفية، وبيع الأصول بالمزادات العلنية، تتضمن وحدات منتجة، ووحدات غير منتجة سيتم تخريدها وبيعها، ثم ندخل على بيع الأراضي، بمزادات علنية وفي منتهى الشفافية، من الضروري أن يعرف العمال أنه خلال شهرين إلى 3 شهور “ستكون الفلوس في جيبهم”.
واوضح توفيق أن الوزارة منذ سنتين و9 شهور، أغلقت 3 شركات فقط هي القومية للأسمنت ،والحديد والصلب، والمصرية للملاحة، من أصل 119 شركة على الناحية الأخرى لدينا 23 شركة غزل ونسيج كلها تحقق خسائر، ووصلت إجمالي خسائرهم أكثر من 3 مليارات جنيه العام الماضي ورغم ذلك لم نغلقهم، لأن هناك خطة ورؤية حول التطوير للخروج.
كشف توفيق لا نسمح لشركة خاسرة “تعيش عالة على الاقتصاد والمجتمع” الشركات لا بد أن تقف على رجلها ومن لا يستطيع سيغلق، وأرى أنه لا بد من قطع “الحبل السري” بين الشركات والحكومة التي تضخ أموالًا طائلة في هذه الشركة،
إذا أظهرت التجربة عدم قدرة رفع نسبة تركيز الخام سيكون القرار إغلاق الشركة الجديدة، وهذا لا يعني أننا غامرنا بتقسيم الشركة لأننا لم نخسر شيئا .
قال السفير جمال بيومي الخبير الاقتصادي وأمين عام اتحاد المستثمرين العرب إن ماحدث فى مصنع الحديد والصلب هو سلسلة من تداعيات أخطاء لم يكن يجب حدوثها فالمصنع له اعتزاز كبير لنا ونعتبره كأحد الأهرامات الحديثة حيث أنه نشأ فى بداية ثورة ١٩٥٢ وكنا نفخر بأن لدينا مصنع ينتج الحديد والصلب محليا، لكن من ناحية أخرى قمنا ببناء المصنع وتركناه ولم يتم تحديثه فالآلات كما هى وقتما تم شرائها من ألمانيا ومن بعدها من روسيا منذ ستون عام كما أنه كان هناك سوء إختيار فى موقع المصنع حيث كان يتم نقل تراب من أسوان إلى حلوان فى مسافة حوالي ألف كيلو متر في حين أن نسبة الإستخراج ١٥٪ وبهذا يتم إلقاء ٨٥٪ تراب في منطقة حلوان وهذا يعد تلوث ونقل لخامات لن تستخدم وكان هذا أول خطأ اقتصادي بالموضوع وكان من المفترض إنشاء المصنع في أسوان ونقل المنتج الذي كان يمثل ١٥ ٪ فقط لها قيمة عوضا عن نقل ٨٥ ٪ بلا قيمة، موضحا إلى عدم إمكانية تحديث المصنع بناءاً على توصيات الخبراء الروسيين الذين طلب منهم تحديثه حيث أن الماكينات لم يعد وجود لها هذا بالإضافة إلى أن هناك خطأ حدث فى القطاع العام وهي أن الحكومة حتى توفر وظائف عمل للمواطنين والتي تعد مسألة اجتماعية بعيدا عن الاقتصاد فأصبح القطاع العام مخزن للبطالة المقنعة وأصبح كل إيرادات المصانع تذهب إلى تغطية الرواتب فقط فمصر لديها ٧ مليون موظف بالحكومة والمطلوب ٢ مليون موظف فقط، مشيراً إلى أن ما أغلق في المصنع هو الجزء الخاص بإنتاج الحديد فقط والذي أصبح مديون ب٥ أضعاف رأس ماله لحقوق المساهمين مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من التجربة الألمانية فى المصانع الخاسرة، موضحا أن قرار الغلق لن يكون له أثار سلبية على إنتاج الحديد حيث أن كان إنتاج المصنع من الحديد “صفر” فيما تنتج مصانع حديد عز ٦٣٪ من الإنتاج فى الشرق الأوسط.
من جانبها أكدت الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة الاقتصادية والمصرفية أن هناك العديد من المصانع لديها مشاكل ولكن هذا لا يعني أن تقوم العمالة خاصة المدربة منها بدفع الثمن، فكان لابد من تحديد منطقة خاصة بالصحراء وينشئ بها مدينة صناعية متخصصة متكاملة فى إنتاج الحديد والصلب تحتوي على مباني إسكان للعمال والمهندسين ومدارس وحرف ونادي رياضي ومحلات تجارية تخدم إنتاج الحديد والصلب ويتم نقل العمالة التي تعد ٧ آلاف عامل من المصنع القديم بحلوان لهذه المنطقة، موضحة أن الذين يقومون بتخطيط المدينة متخصصون ونبدأ بدعوة شركات عالمية والعمل بمبدأ الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص العالمي حيث يدخل الأجانب بالجانب التكنولوجي والدولة بالأرض والتكاليف التي يتم توفيرها من البنوك التي تقوم بتمويل هذا المشروع وتحصيل مستحقاتها من خلال بيع أرض المكان القديم لمصنع الحديد وبيع الماكينات القديمة كخردة، موضحة أن مصانع قطاع العام بشكل عام ومصنع الحديد بشكل خاص تحتاج إلى إعادة تقييم المصنع في قدرته على التدفقات النقدية المستقبلية من حيث الإنتاج والبيع والمكسب فى المستقبل وإذا كان إعادة التقييم على أساس الكفاءة غير مجدي حيث الماكينات تحتاح إلى إحلال وتجديد وهذا يحتاج إلى الكثير من النقود ومن الأفضل والأسهل إقامة مصنع حديث بالشراكة بين الدولة والمستثمرين العالميين وتمويل من البنوك فتصبح بيع الأراضي هى الكنز كله والتي من خلالها يحصل البنك على مستحقاته، منوهه إلى أن إعادة تشغيل المصنع من جديد يحتاج إلى مئات الملايين وهذا لا يتوافر لدي الدولة بالوقت الحالي هذا بالإضافة إلى وجود صعوبة كبيرة في إزالة الماكينات القديمة بالمصنع، مشيرة إلى أنه في حالة تم إنشاء مدينة الحديد المتكاملة لن يحدث آيه خلل في إنتاج الحديد المحلي والتي من الممكن الإنتهاء من إنشائها خلال عامين أو ثلاثة بالأكثر فى حين أنه إذا بدأ العمل في تجديد المصنع يحتاج إلى عشرة سنوات.
قال النائب محمد سعد بدراوي عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النوب،، إن البرلمان يستهل الدورة الجديدة باستدعاء هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام خلال الأسبوع المقبل، لمناقشة قرار تصفية شركة الحديد والصلب، ومراجعة الأداء المالي لها، كما سيتطرق النقاش حول إمكانية إيجاد بدائل لاستمرار نشاط الشركة مع التخلص من الديون والخسائر أم أن قرار التصفية هو البديل الوحيد، خاصة وأن قيمة تعويض العمال تصل إلى 2 مليار جنيه يمكن استخدامها كجزء من إعادة الهيكلة أو التطوير كمثال، مضيفاً “مازال هناك نقاط قابلة للنقاش حول الشركة”.
غير أن “بدراوي” لفت إلى تحقيق شركة عز الدخيلة للصلب- أكبر منتج للصلب في مصر- خسائر وصلت إلى 3.5 مليار جنيه خلال أول 9 شهور من عام 2020، وهو ما يعني تغير في مقومات صناعة الحديد من وجهة نظره، حيث كانت “الدخيلة” تتعرض لخسائر قبل عام 2000 وتحولت للربحية بعد شرائها من جانب رجل الأعمال أحمد عز ثم عاودت تحقيق خسائر مرة أخرى مؤخراً.
أشار بدراوي إلى أنه من ضمن المقترحات المناقشات التي مازالت لم تطرح رسمياً في البرلمان، تشكيل لجنة تقصي حقائق لمراجعة بيانات الشركة لتكوين رؤية شاملة عن قرار التصفية، خاصة وأن شركة الحديد والصلب كانت بمثابة ذراع قوي في الأوقات الاستراتيجية.
من جانبها ترى رانيا يعقوب خبيرة أسواق المال، عضو اللجنة الاستشارية للهيئة العامة للرقابة المالية، أن قرار تصفية شركة الحديد والصلب، يشير إلى عهد جديد للاقتصاد المصري لم نشهده من قبل، موضحة وجهة نظرها أنه كان من الصعب في السابق اتخاذ قرار جرئ بتصفية شركة الحديد والصلب، والتي تمتلك تاريخ طويل حيث أسست عام 1954 بتكنولوجيا ألمانية ثم تطويرها مرة أخرى في بداية الستينات بتكنولوجيا من الاتحاد السوفيتي سابقاً.
وأرجعت يعقوب ، سبب اللجوء إلى قرار التصفية، نتيجة تدهور الأداء المالي والتشغيلي للشركة بسبب توالي إدارات لا تتميز بالكفاءة وعدم وجود دراسات جدوى حقيقية لتطويرها لمواكبة أحدث التكنولوجيا، مما أدى لتكبد الشركة خسائر ضخمة، ولذا أصبح من الصعب استمرارها بهذا الوضع، خاصة أن عملية إعادة الهيكلة ستكون تكلفتها أعلى بكثير من استمرار نشاط الشركة، لذا كان القرار الصعب من جانب وزير قطاع الأعمال العام بتصفية الشركة بعد دراسة الأمر.وأشارت يعقوب، إلى أن بعض إدارات الشركة السابقة قدمت بيانات مغلوطة بشأن تحقيق أرباح واخفاء الخسائر، منوهة إلى ما تضمنه بيان وزارة قطاع الأعمال العام، من تحقيق الشركة خلال الأعوام المالية من 1997/ 1998 وحتى العام المالي 2002/2003، أرباح هامشية لا تعبر عن الواقع من خلال استخدام إدارات الشركة آنذاك الفروق الدائنة نتيجة لعدم تقييم الأصول (الأراضي) التي بلغت نحو 4092 مليون جنيه، لتحقيق أرباح وهو ما كان مثار اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات.
وذكرت يعقوب أن القرار سيكون سلبياً على العاملين بالشركة الذين سيتم تعويضهم، ولكن بالمقابل فإن استمرار النشاط بهذه الخسائر كان سيسبب عبء أكبر على العمال، مؤكدة على أن قرار تصفية شركة الحديد والصلب، لن يؤثر على سوق الحديد بمصر، وذلك لانخفاض حجم إنتاجها، وعدم تمثيله بنسبة تذكر في إجمالي إنتاج مصر من الحديد، بسبب عدم كفاءة أفران التشغيل بمصنع الشركة، والتي تعمل بتكنولوجيا قديمة.
وحول أداء سهم شركة الحديد والصلب بالبورصة المصرية، قالت خبير أسواق المال، إن السهم يسيطر عليه تعاملات أفراد ومضاربين ولذا مع صدور قرار تصفية الشركة اتجهوا إلى البيع المكثف مما أدى إلى تراجع السهم، منوهة إلى أن إحجام المؤسسات أو صناديق الاستثمار على الاستثمار بالسهم بسبب ارتفاع خسائره المرحلة .