يقول الرائع صلاح جاهين:
يأسك وصبرك بين إيديك وإنت حر
تيأس ما تيأس الحياة راح تمر
أنا دقت من ده ومن ده وعجبي لقيت
الصبر مر وبرضه اليأس مر
أما فيورد دوستويفسكي فيقول:
البدايات للجميع والثبات للصادقين
تفرض سنة الحياة نفسها, وتمر الأيام فنجد أنفسنا في بداية عام جديد, تخبرنا الحياة بكل بساطة أنه لابد من أن تمر كل الأشياء بحلوها ومرها, تذهب الأشياء مهما أحببناها أو مهما غضبنا منها, لا لافرح يدوم ولا الحزن, الصغير ويكبر والكبير يهرم, لا دائم إلا وجه الله وحده لا يعرف الفناء, هذا هو قانون الحياة من يعترف به يزيح عن عتقه عبئ التساؤل عن مغزي الأشياء فنحن لن نعرف كل الإجبابات بالضرورة, وحدها معرفة أن كل الأشياء والظروف إلي زوال هي ما تمنحنا الطمأنينة.
لكن نهاية عام وبداية عام لا تعني فقط أننا أمام موت وولادة, لأن يبدأ العام الجديد بالأعياد لهو رسالة لأن الفرحة بالميلاد تغلب الحزن علي فوات الفوت, ها نحن نبدأ عاما جديدا بكل الفرح والثقة واليقين بالله, بعد عام شديد الصعوبة علي البشرية بأكملها: مهما كانت صعوبة الأيام لابد أن تمر, ثم يبشرنا ميلاد المسيح عليه السلام بأن الفرح لابد آت من عند الله.
يعطينا الله الخيار ما بين الأمل واليأس, تماما هذا الأمر يمتلكه الإنسان, لذا فحقا وكما قال جاهين: يأسك وصبرك بين إيديك وإنت حر وكذلك أيضا وكما يقول قوانين الحياة: تيأس ما تيأس الحياة راح تمر, فلن يشكل خيارك بالأمل أو اليأس فرقا يذكر, ستمر الحياة كما قدر لها, وفي كلا الحالتين: الصبر مر وبرضه اليأس مر, فلتختر الأمل لتحل مرارة الصبر فالأيام ستمر شئت أم أبيت, أما مرارة اليأس فلا جدوي منها.. صدقني.
يبدأ العام في اللحظة نفسها, أي أن البشرية كلها تقف عند نفس الخط لحظة انطلاق السباق, لكنه سباق لا يهدف إلي إعلان فائز, الحقيقة أن كل فرد هنا ينافس نفسه, لكن هناك من يبحث عن النسخة الأفضل منها, وبالتأكيد سيجدها في نهاية السباق, وهناك من لا يكترث ويعتبر أن النهاية لابد قادمة فما جدوي أي جهد يذكر, وهؤلاء يخسرون السباق قبل أن يبدأ, يتخلون عن أحلامهم, عن حياة أجمل, عن فهم أكبر, هؤلاء يتخلون عن.. الحياة.
لقد نجونا بفضل الله من عام قاسي, وكذلك نجت بلادنا, فنتفائل وندعو الله أن يتم علينا فضله بالخلاص من الفيروس اللعين الذي لم نتخيل أبدا في بداية العام الماضي أن يظل مهنا كل هذه المدة بل ولفترة مقبلة, لكننا أيضا علينا أن نتحمل واجبنا من مسئولية فرصتها علينا تحديات مواجهة المرض, سواء بالإلتزام بالإجراءات الاحترازية ورفع المناعة بالتغذية السليمة والعادات الصحية.
أما الدرس الأكبر الذي لابد تعلمناه من العام المنصرم ويجب أن يظل معنا في العام الجديد وإلي الأبد أيضا: أن نعرف احتياجاتنا الحقيقية ونلبيها, أن نثمن الأشياء القيمة في حياتنا قدر قيمتها الحقيقية, أن الصحة كنز, والأحباب والعائلة أم هم الوطن, وأن بلادنا تستحق يمانا أكبر بإمكانياتها وقدرات أنبائها, إنه ليس بالضرورة أن تعرف كل شئ فطاقتك محدودة لا تستنزفها فيما لا يخصك أولا يهمك حقا, إنه لا مكان آمن في هذا العالم دون رعاية الله ومعيته, أن الأذي سيطال الجميع لو لم يتحد البشر لأجل خلاص البشرية, إنه لا أحد سينجو وحده فإما الجميع أو لا أحد.
تليق بداية العام الجديد بتحديد النوايا, وأيضا بعقد العزم علي الجديد, ولكل شخص أن يختار, فقط تذكروا أن ميلاد المسيح هو بشري بالأمل والسلام والرحمة.. فلا تيأسوا أو تقنطوا من رحمة الله مهما كان البلادء أو الوباء.
أعياد ميلاد مجيدة علي الجميع.. وعام جديد سعيد علي البشرية.