وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتوفير الموارد المالية لإنشاء مدينة للذهب وفق أحدث التقنيات لصناعة وتجارة الذهب، التي تعكس تاريخ مصر الحضاري العريق في هذه الصناعة الحرفية الدقيقة، وعلى نحو متكامل من حيث توفير مستلزمات الصناعة والإنتاج والمعارض الراقية، وتدريب العمالة لصقل قدراتهم، ومراعاة النواحي اللوجستية من حيث اختيار موقع المدينة؛ للاستفادة من شبكة الطرق والمحاور الجديدة لسهولة النفاذ منها وإليها واستقبال الزائرين.
ستتضمن المدينة حسب المخطط المعلن إنشاء 400 ورشة فنية لإنتاج الذهب، و150 ورشة أخرى تعليمية، ومدرسة تعليمية كبيرة.
*مرسى علم أرض مدينة الذهب الجديدة
قال الدكتور تامر أبوبكر رئيس غرفة البترول والتعدين باتحاد الصناعات، إن مشروع “مدينة الذهب العالمية الذي سيُقام على أرض مدينة مرسى علم سيكون بمثابة أرض البورصة العالمية في المستقبل، وسيفتح آفاقًا جديدة للاستثمار الدولي لمصر التي تضم أرضها أكثر من 90 منجم للذهب”.
وأضاف “أبوبكر”، أن مدينة الذهب العالمية تهدف إلى استغلال الثروات المعدنية والمعادن النفيسة على مساحة مليون متر مربع بمدينة مرسى علم. كما أنها ستضم مجمع ورش ومعارض لمنتجات الذهبية، ومعامل لمعايرة الجودة، و مصنع مصغر، إضافة إلى مصفاة للذهب.
وأوضح “أبوبكر”، تسبب أزمة كورونا في تأخير المشروع، حيث أبدت الشركات العالمية استعدادها للبدء في العمل بمصر، بعد تناقص الأعداد في مصر وفتح الحياة الاقتصادية كافة الصناعات المتعلقة بالذهب والمعادن النفيسة.
بينما قالت بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية والمصرفية، إنَّ الفترة الحالية تمثل إعادة رسم الاقتصاد في الاتجاه للاستثمار في الذهب يُعد محاولة لإنعاش السوق لاقتصاد بعد فترة من الركود الناتج عن ظهور الفيروس.
وأشارت “فهمي”، إلى أنَّ هذا الاتجاه يوحي إلى العودة مرة أخرى للاعتماد على الذهب، كأساس لقياس ثروات الدول، بدلًا من الاعتماد على معدل إنتاج كل دولة، قائلة: “ثروة الدول ستقاس خلال السنوات المقبلة على أساس كمية الذهب المتوفر لديها”. كما أوضحت أنَّ مصر من الدول التي تتمتع بكميات كبيرة من الذهب، وذلك منذ قديم الأزل.
وأضافت “فهمي”، أنَّ كورونا عجلت بحدوث الأزمة الاقتصادية العالمية، لذلك اتجهت جميع الدول لاقتناء كميات وفيرة من الذهب، تحسبًا لأن تصبح العملة المتداولة عالميًا خلال السنوات المقبلة هي “الذهب” كبديل للجنيه والدولار وغيره من العملات الورقية.
وقال الدكتور إيهاب الدسوقي الخبير الاقتصادي، إنَّ معدل الزيادة أو الهبوط في أسعار الذهب مرتبط بأسعار البورصة العالمية وليس له علاقة بالطلب المحلي، موضحًا أنَّ تلك الزيادة التي باتت منتشرة خلال هذه الفترة، خاصة مع بداية رجوع الحياة لطبيعتها مرة أخرى، والتعايش مع كورونا، تعود إلى المخاوف العالمية من الأزمات الاقتصادية التي قد تترتب على انتشار الفيروس في عدد من الدول.
وأوضح “الدسوقي”، أنَّ هناك بعض المؤسسات العالمية تتخذ الاستثمار في معدن الذهب، كعامل أمان لها ليعوضها عن الأزمات الاقتصادية المتوقع الوقوع بها، إضافة إلى انخفاض قيمة الدولار أمام الجنيه مؤخرًا، وهو ما يهدد الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أنَّ هناك فرق كبير بين من يتعامل مع معدن الذهب داخل السوق العالمي، الذي يجد مشتريه في أي وقت وبأي سعر ودون مصناعية، والسوق المحلي.
وقال أمير رزق عضو شعبة الذهب، إن ارتفاع سعر أونصة الذهب عالمياً، منذ بداية الأسبوع، جاء نتيجة توتر الأوضاع السياسية في ليبيا وتركيا، والتي أدت إلى زيادة الطلب على المعدن الأصفر بصفته الملاذ الآمن، خوفاً من اندلاع حرب، فضلًا عن وصول عائد السندات الأمريكية إلى أدنى مستوى.
وأوضح “رزق”، أن أسعار الذهب في مصر تتأثر بسعر الأونصة عالمياً، وسعر الدولار، ولا يمكن التدخل فيهم من قبل التجار، الذين يحسبون السعر من خلال ضرب السعر العالمي في سعر الدولار، ومن خلال ذلك يتم تحديد الأسعار.
وقال وصفي أمين واصف رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن إجمالي إنتاج العالم من الذهب خلال 2017 بلغ 3.250 طن وتحتل الصين المركز الأول عالميًا في إنتاج الذهب بنحو 455 طن، تليها أستراليا بنحو 300 طن ، واحتلت روسيا المركز الثالث بنحو 255 طنا، ثم تبعتها بالمركز الرابع أمريكا بإنتاج 245 طن ، تليها كندا بالمركز الخامس بكميات 155 طنًا ، وأخيرًا تحتل جنوب أفريقيا المركز السادس بنحو 145 طنًا.
وقال المهندس رفيق عباسي رئيس شعبة صناع المجوهرات بغرفة المعادن باتحاد الصناعات، إن الشعبة تدرس حاليًا خطة متكاملة لتحريك حالة الركود في على الذهب، بالإضافة إلى حل مشكلات تجار وصناع الذهب من خلال ستة مقترحات.
وأوضح “عباسي”، أنه بالنسبة لوزارة المالية فقد قدمت الشعبة إليها ستة مقترحات أساسية لتحريك الركود من أسواق الذهب المحلية والرسوم الجمركية على المشغولات المستوردة وتخفيض الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية, وأيضًا إلى مطالبة البنوك الوطنية بالتعامل في مجال الذهب مع البنوك العالمية في الخارج، حيث يمثل ذلك ضمانات القروض التي تحصل عليها خاصة وأن الفوائد على قروض الذهب لا تتعدى نسبتها 1% بينما العوائد السائلة أو الأموال تصل إلى نسبة 15%. ضريبة العاملين ورسوم الدمغة ستؤدي إلى رفع كميات الذهب الخاضع لتلك الرسوم إلى 300 طن سنويًا كحد أدنى وهو ما يحقق دخلًا للخزانة العامة يصل إلى 250 مليون جنيه سنويًا بدلًا من 76 مليون جنيه حاليًا عن تحصيل رسوم عن 50 طنًا فقط.
وقد أبدت وزارة التجارة، تجاوبًا كبيرًا خلال الأشهر القليلة الماضية؛ لتحريك الركود بسوق الذهب حاليًا خاصة ضرورة إنشاء مدرسة لإعداد الكوادر الفنية في مجال تجارة وتصنيع الذهب وتوفير بيانات كافية عن استخراج الذهب لمعرفة حركة السوق, والعمل على تحسين هذه الصناعة من خلال الاتصال بالمصانع الأجنبية في الخارج والاطلاع على الموديلات المختلفة.
*المدن الصناعية الجديدة وانعكاساتها على الاقتصاد
قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن المدن الصناعية الجديدة سواء كانت لصناعة الذهب أو أي من القطاعات الإنتاجية الأخرى فبكل تأكيد لها انعكاسات على الاقتصاد ككل لما لها من دور في توفير الإنتاج للسوق المحلي وإمكانية تصدير الذهب في صورته المشغولة، لذلك يجب الاهتمام بالتوسع في المدن الجديدة.
وأضاف: هناك اهتمام واضح من الحكومة ممثلة في رئاسة الوزراء بملف الصناعة المصرية وكذلك التصدير، وظهر هذا واضحًا في اقتراب الحكومة من حل مشكلات المصدرين، وكذلك صياغة برنامج جديد لدعم الصادرات وتخصيص 6 مليار جنيه لدعم الصادرات، وإنشاء المدن الصناعية الجديدة ومنها مدينة الذهب.
وأشار “الشافعي”، إلى أنه منذ بدء الإصلاح الاقتصادي فإن الصناعة والتصدير تشهد ارتفاعًا في تنافسية الصادرات المصرية في الخارج، مما أدى إلى حدوث تحرك ملحوظ في الصادرات بنسب زيادة سنوية ما بين 10 إلى 12 % ورغم أن هذه الزيادة ليست المرجوة إلا أن الاهتمام بالقطاع الصناعي والتصديري أصبح ملفًا دائمًا على مائدة الحكومة ويسعى للتغلب على تداعيات فيروس كورونا، وتصدير الذهب يجب أن يحظى باهتمام كبير في تلك المرحلة.
وأكد “الشافعي”، أن الصناعة الوطنية والتصدير هنا عصب الاقتصاد، لما لها من دور كبير في قيادة معدلات النمو نحو الارتفاع، إضافة إلى توفير احتياجات الأسواق الداخلية للمستهلكين من المنتجات المختلفة والحد من الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، وزيادة الحصيلة من العملة الأجنبية، وكل هذا يأتي إذا تم بالفعل تصنيع الذهب وتصديره كسلعة مصنعة.
*كورونا وبورصة الذهب
قالت الدكتورة رانيا الجندي الخبيرة الاقتصادية، إن بورصة الذهب بدأت تشهد انخفاضًا بالتزامن مع ظهور لقاحات فيروس كورونا المستجد، حيث تغير الاتجاه من شراء الذهب إلى بيعه للحصول على السيولة.
وأوضحت “الجندي”، أن البنوك المركزية بدأت في البيع، حيث أنهم قاموا ببيع ما يقرب من ٢٣ طنًا من الذهب في حين أن الدول المشترية للذهب في هذه الفترة كانت قليلة جدًا مثل كازاخستان والهند. كما أن تركيا كانت من أكثر الدول التي قامت ببيع الذهب خلال هذه المرحلة لتسديد عجز الموازنة لديها.
وأوضحت “الجندي”: كان لدينا توقعات بارتفاع أسعار الذهب نتيجة وجود بايدن في السلطة بالولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي سيتجه المواطنين لادخار أموالهم فيما يُعرف بـ الملاذ الآمن وهو الذهب، لحين التأكد من سياسة بايدن، ولكن مازالت هذه التوقعات قائمة.