أنطون سيدهم .. ومشوار وطني
أنطون سيدهم .. والسياسة الداخلية
* لشد ما أصابني الجزع وأنا أرقب بقلب واجف أحداث 18, 19 يناير.. ولشد ما كان ألمي عندما أخد الموتورون يزرعون اللهب, ويلحقون الدمار بمرافق الوطن, في استغلال مغرض لمعاناة الجماهير وضيقها.
ولكني في جزعي وألمي لم أفقد إيماني قط بوعي الجماهير المصرية التي استنكرت, بل شاركت في الدفاع عن منشآتها, وتصدت للمخربين وهم يحاولون تقويض مصر ككيان وتحويلها إلي أشلاء متناثرة يحكمها الخراب والفوضي والغوغاء!.. وهكذا بالوعي والأصالة والحزم, استطعنا احتواء الغمة, فتقطعت خيوط المؤامرة, وسلمت مصر.
* حقيقة لقد جانب الحكومة الصواب عندما أصدرت تلك القرارات التي تمس معيشة الشعب في الصميم دون أن تعده لهذه الجراحة الصعبة بالتوضيح والتوجيه إلي حقيقة الوضع الاقتصادي الراهن الذي يقتضي -وبحسم- ضرورة الالتجاء إلي هذا العلاج ولو كان قاسيا.
كان يجب علي الحكومة, بواسطة أجهزة الإعلام والندوات, وعن طريق طرح المشكلة علي مجلس الشعب, أن تقدم للجماهير بالأرقام والتحليل, هول الهوة التي تردي فيها الاقتصاد, نتيجة العديد من تراكمات الأخطاء وفداحة الأعباء.. وهذا نفس ما فعله الرئيس أنور السادات في لقاءاته وحواره الموضوعي الواضح المنطقي المقنع.
* وكان من الممكن أيضا, وقد صدرت هذه القرارات أن تناقش وتعارض بالطرق الديمقراطية السليمة, وأن يقدم المعارضون والغاضبون والرافضون آراءهم ووسائل علاجهم خاصة ونحن نعيش في ظل نظام ديمقراطي يتيح لكل الآراء والاتجاهات أن تظهر, ولا يستطيع مكابر أن ينكر مناخ حرية الرأي المتاح بعد أن ألغيت الرقابة علي الصحف.. وهناك من يعارض, بل يشوه الحقائق ويتجني ويستغل الحرية أسوأ استغلال, ينفث السموم ويستشير الحقد ويشعل الكراهية.
إذن كانت هناك الوسائل المشروعة للمعارضة بدلا من هذه المظاهرات والمؤامرات وتعبئة الأغرار وإشعال الأحقاد ونشر الخراب وإلحاق أفدح الأضرار بمصر.
* إنني لم أكتب انتظارا لما يدلي به رئيس الدولة, ولديه الرؤية واضحة لما حدث. وما وراءها من خلفيات.. واستمعت إلي الندوات التي عرضها التليفزيون لآراء رجال الحكومة والاقتصاد, والبيان الذي ألقاه رئيس الحكومة في مجلس الشعب يقدم التفسير والإيضاح والمبررات التي اقتضت إصدار هذه القرارات الاقتصادية, وهذا ما كان يجب حدوثه قبل أن تفاجأ بها الجماهير التي تتطلع إلي التخفيف والتيسير لا المزيد من الإرهاق, ولم يكن مستساغا أبدا ما قالته الحكومة في تبرير مفاجأة الجماهير بهذه القرارات.
وجاء حديث الرئيس أنور السادات مساء 3 فبراير وافيا, شافيا, موضحا الأمور, وكشف عما كان يقصده المخربون وما كان يمكن أن يصيب مصر, لو لم تبادر السلطة -وبحزم- إلي وأد المؤامرة والتوصل إلي مدبريها ومنفذيها.
* إن القانون الذي أصدره الرئيس السادات في ختام حديثه, هو العلاج الحاسم للتصرفات والأحداث التي حدثت في الفترة الأخيرة, وبلغت قمة خطورتها يومي 18 و19 يناير.. والرئيس بهذا القانون يرد الطمأنينة إلي الشعب, ويرعي الأمانة التي يحرص عليها كل الحرص.
وبنود هذا القانون تضع كل مواطن أمام مسئولياته, سواء من ناحية الأمن أو من الناحية الاقتصادية.
لا جريمة ولا إجرام بعد اليوم.. ولمعاهد العلم حرمتها وقدسيتها, وللمال العام والخاص أمنه وسلامته.
والضرائب والأعباء علي الجميع, كل بقدر طاقته.. الطبقات الكادحة تخفف عنها الضرائب, إذ ليس في قدرتها أن تتحمل أكثر مما تحملت, وعلي جميع المواطنين أن يقوموا بواجبهم القومي فلا يتهربون من دفع ما تستحقه الدولة من ضرائب علي دخولهم.