وداعاً “وحيد حامد”.. فارس الكلمة الذي حارب بقلمه أفكار التطرف والإرهاب

· أعمال “وحيد حامد” التي تم منع عرضها، وأسباب ذلك!

· أفلام أنتجها “حامد” للزعيم عادل إمام!

· “اللعب مع الكبار”.. أحد أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية!

· من المنيا إلى القاهرة.. رحلة ميلاد الكاتب المبدع “وحيد حامد”!

· نجوم كبار يدين لهم “حامد” بالفضل!

· نصيحة وحيد حامد للشباب!

· أهم أقوال وقناعات “وحيد حامد” في الحياة!

رحل عن عالمنا منذ أيام.. فارس الكلمة، حر القلم.. الكاتب والسيناريست الجريء وحيد حامد، الذي أحبه جمهور غفير من الناس، لعمق وجرأة كتاباته التي تحولت لأعمال فنية قوية.. هاجم من خلالها الأفكار المتطرفة التي طوقت بظلامها على المجتمع المصري.. غير عابئاً بتهديد أو وعيد.. لعل أبرزها فيلم “طيور الظلام”، ومسلسل “الجماعة”.. فاضحاً أفكار وأخطار التطرف الديني والإرهاب على المجتمع.

# وحيد حامد في سطور:

وُلد “وحيد حامد” بقرية بني قريش مركز منيا القمح محافظة الشرقية بمصر، في 1 يوليو عام 1944. تزوج من الإعلامية زينب سويدان رئيس التليفزيون المصري سابقا، وله ابن واحد هو المخرج السينمائي مروان حامد.

جاء إلى القاهرة عام 1963 للدراسة بكلية الآداب قسم اجتماع، وتتلمذ على يد عدد من الكتاب والأدباء المصريين الكبار، ومنهم نجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوي ويوسف إدريس.

عمل حامد على تثقيف نفسه، كتب في العديد من الصحف والمطبوعات، مقالات سياسية واجتماعية، وقد ظهرت له أول مجموعة قصصية من هيئة الكتاب، وكانت تحمل اسم “القمر يقتل عاشقه”، وعندما قرأ الأديب يوسف إدريس هذه المجموعة، نالت إعجابه ونصح حامد بأن يكتب للدراما التلفزيونية، فكتب أعمالاً درامية للتلفزيون والسينما والإذاعة والمسرح.

أصبح وحيد حامد أحد أبرز أعمدة السينما المصرية خلال العقود الأخيرة، وقد أشرف على ورشة السيناريو بالمعهد العالي للسينما لمدة أربع سنوات، وتميز بتقديمه لأعمال اجتماعية ذات بعد إنساني وأخلاقي تناهض قضايا التطرف الديني أو الفساد بالمجتمع المصري.

# أهم أعمال وحيد حامد

**تعاون وحيد حامد مع كبار النجوم والمخرجين، وكتب وقدّم للسينما 41 فيلماً، من أهمها: “طيور الظلام”، «اللعب مع الكبار» و “البريء”، “الإرهاب والكباب، “الغول”، “عمارة يعقوبيان”، “المنسي”، “معالي الوزير”، “غريب في بيتي”، “الراقصة والسياسي”، “آخر الرجال المحترمين”، “الهلفوت”، “النوم في العسل”، “اضحك الصورة تطلع حلوة”، “دم الغزال”، “احكي يا شهرزاد”، بالإضافة إلى مسلسلات أهمها: “أحلام الفتى الطائر”، “العائلة”، “البشاير”، “أوان الورد” و”بدون ذكر أسماء” وغيرها. علاوة على عدة مسرحيات هي: آه يا بلد، سهرة في بار الأحلام، وجحا يحكم المدينة والتي قدمتها فرقة النجوم المسرحية.

# وحيد حامد والإنتاج السينمائي

أنتج وحيد حامد العديد من الأفلام السينمائية لكبار الفنانين. وكانت بدايته مع الإنتاج بفيلم “ملف في الآداب”، عام 1986، من تأليفه وإخراج عاطف الطيب، بطولة “فريد شوقي، مديحة كامل، وصلاح السعدني “. كما أنتج فيلم “البريء” للفنان أحمد زكي، وهو أيضاً من تأليفه وإخراج عاطف الطيب.

ومنذ بداية التسعينيات، كون وحيد حامد مع الزعيم عادل إمام والمخرج شريف عرفة ثلاثياً ناجحاً، قدموا خلالها العديد من الأفلام المتميزة، أربعة منها كانت من تأليف وإنتاج وحيد حامد وحققت نجاحًا ساحقاً وهي: “اللعب مع الكبار، طيور الظلام، النوم في العسل، والمنسي”.

وقد توقف وحيد حامد عن الإنتاج لمدة 6 سنوات، وعاد عام 2002 بإنتاج فيلم “معالي الوزير”، بطولة أحمد زكي ويسرا، ومن إخراج سمير سيف. وفي عام 2010، قدم وحيد حامد مسلسل “الجماعة” في جزئه الأول، الذي كتبه عن تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية، وأخرجه محمد ياسين، وكان وحيد حامد مشرفًا على إنتاج المسلسل.

# جُمل لا تنسى بأعمال وحيد حامد

تميز وحيد حامد بطرحه قضايا سياسية واجتماعية شائكة، غلفها بلغة حوار شيقة ومبدعة، كما حرص على اختيار الممثلين الذين يعبرون عن كتاباته في كل الأعمال التي أنتجها بنفسه.
وقد نجح حامد في خلق حالة من الاستمتاع عند الناس التي استوعبت أفكاره بسهولة.. فنقش بأعماله ذكريات خاصة لجمل بعينها بقيت في وجدانهم. ومنها:

== “الكباب الكباب .. يا نخلي عيشتكم هباب”.. وأيضاً == “الحكومة مالهاش دراع عشان تتلوي منه”، التي قالها الفنان كمال الشناوي في فيلم “الإرهاب والكباب”، بطولة عادل إمام ويسرا..

== “ده قانون ساكسونيا” من فيلم “الغول”.. للفنان عادل إمام ونيللي وفريد شوقي.

== “القانون زي ما بيخدم الحق بيخدم الباطل.. واحنا الباطل بتاعنا لازم يكون قانوني”.. التي قالها المحامي فتحي نوفل “عادل إمام” لـعلي الزناتي “رياض الخولي” في فيلم “طيور الظلام”.

== “الكل بيرقص.. بس بطريقته”.. من فيلم “الراقصة والسياسي” إنتاج عام 1990، والقصة من تأليف إحسان عبد القدوس، وكتب لها السيناريو والحوار وحيد حامد.

== “حلوان اضربت يا جدعان”.. من فيلم “النوم في العسل” لعادل إمام ودلال عبد العزيز.. إشارة إلى أن العجز الجنسي الذي أصاب الناس بسبب التلوث والفساد قد حط على الجميع.

== ” ماكانش حلم.. كان كابووووس “… و “أنا ها أحلم”.. التي أتت في نهاية فيلم “اللعب مع الكبار” لعادل إمام وحسين فهمي، والذي كان يناقش قضايا الفساد في المجتمع. واحتل الفيلم المركز رقم 90 في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء النقاد.

# أعمال لوحيد حامد تم العمل على منع عرضها

**تعرضت بعض أعمال وحيد حامد للمحاربة وتم العمل على منع عرضها، بسبب طرحها لقضايا سياسية ومجتمعية شائكة، ومنها:

== فيلم الغول، عام 1983، الذي أخرجه سمير سيف، ولعب بطولته عادل إمام وفريد شوقي ونيللي، وتم منع عرض الفيلم، بدعوى اتهامه للدولة بالتواطؤ مع رجال الأعمال، وتم توقيع وثيقة من أكثر من 500 كاتب وفنان، تفند آراء الرُقباء والمعترضين على الفيلم حتى أجيز عرضه مرة أخرى.

== “البريء” عام 1986، إخراج عاطف الطيب، بطولة محمود عبد العزيز وأحمد زكي، وقد أعلنت 3 وزارات وقتها رفضها للفيلم.. منها وزارة الدفاع، بعد شكوى أن الفيلم تم تصويره داخل معتقل حقيقي، كما طالبت وزارة الداخلية منع العمل، بدعوى استخدام ملابس مقاربة في الفيلم للتي يرتديها جنود وضباط الأمن المركزي. وقد ظل الفيلم ممنوعًا لما يقرب من 20 عامًا، إلى أن عرضته وزارة الثقافة برئاسة فاروق حسني، للمرة الأولى عام 2005 في افتتاح المهرجان القومي للسينما.

==”طيور الظلام” عام 1995، والذي بسببه وقف وحيد حامد أمام القضاء بعد قيام أحد محامي الإخوان برفع قضية ضد الفيلم، لأنه يفضح الجماعات الدينية المتطرفة.

== “سوق المتعة” عام 1999 بطولة محمود عبد العزيز وإلهام شاهين، وقد رفضه مجلس الشعب وقتها ودخل في مواجهة ساخنة مع فاروق حسني، وزير الثقافة في ذلك الحين، لتضمن الفيلم مشاهد جنسية ساخنة اعتبروها مخلة بالآداب العامة.

== “عمارة يعقوبيان” عام 2006، حيث شكل مجلس الشعب – لأول مرة في تاريخ السينما_ لجنة برلمانية لتقييم فيلم “عمارة يعقوبيان”، وطالبوا بوقف عرضه بدعوى احتوائه على مشاهد جنسية تنافي القيم الأخلاقية للمجتمع.

== مسلسل “الجماعة” بجزأيه الأول والثاني، والذي خاض حامد بسببه معارك شرسة، خاصة بعدما رصد بالمسلسل بعض الوقائع التاريخية غير المعلنة، ومنها أن الرئيس عبد الناصر كان إخوانيًا، وهو شاب صغير، وقد أكد حامد في رده على مهاجميه أن هناك أدلة كافية على ذلك.

# وحيد حامد يتحدث عن نفسه

خلال اللقاء الذي نظمه معه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بعد تكريمه خلال دورة المهرجان الـ 42 الأخيرة، فتح وحيد حامد قلبه للجمع الغفير من الناس والفنانين الذين حرصوا على التواجد تقديراً وعرفاناً بالفن الراقي والممتع الذي شكله حامد في ذاكرة وجدانهم، ومن بين أهم ما قاله وحيد حامد عن نفسه وعن قناعاته:

== لم أتبن قضية إلا وأنا مقتنع بها.

== لم أعرف طعما للكتابة بعيدا عن الناس.

== أنا عايش في زمانكم.. آخذ من الناس وأعطى الناس.

== لم أقصد أبدا الإضحاك أو أفتعله.

== أنا مع التجديد والإبداع.

== في مشواري كان هناك نجوم كبار أدين لهم بالفضل في حياتي، منهم النجم الكبير عادل إمام، وأحمد زكى ومحمود عبد العزيز ونور الشريف ويسرا وليلى علوي.

== كل المخرجين الذين عملت معهم استفدت منهم، وكان لهم بصمة في شغلي.

== كلما شعرت بتقدم السن كنت أعمل مع مخرجين شباب حتى أجدد أفكاري.

== لابد لكاتب السيناريو أن يعرض المشكلة ببراعة شديدة، وأن يمتلك رؤية وحلم وعذوبة في الكتابة.

== لحظة الكتابة من أمتع اللحظات، فلو لم يحس الكاتب ما حوله لن يتمكن من نقله.

==كل قرش كسبته ودخل بيتي كان من قلمي.. ولم أنتظر أي جاه أو عطية من أحد.

== أعيش لخدمة الناس بدون حسابات.

==أطالب الرقابة على المصنفات الفنية أن تفتتح الشبابيك للناس حتى تتنفس وكل منا يقول ما لديه.

== كل شخصيات أعمالي كانت عايشة بداخلي.

== بعض جيراني من وصفوني بالجنون؛ لأني كنت أكلم نفسي؛ كنت أعيش الشخصية وأقول حوارها فأنا عايش جوه الناس، ومهتم بهم وبقضاياهم.

== النصيحة التي أقدمها للشباب هي ضرورة مواكبة الزمن وعدم الاستهتار والسطحية نتيجة الثقافة المقتبسة من الفيس بوك والبعد عن الكتاب.

ومن أهم كلمات وحيد حامد، مخاطبا الناس بعد تكريمه بالقاهرة السينمائي: «لقد منحتموني عمرا جديدا واستمرارية لم أكن أتوقعها…. وأعتقد أنني كنت شديد الإخلاص للكلمة التي كتبتها، لذلك كان مردودها كل هذا الحب.

# جوائز وتقديرات:

** حصل الكاتب المبدع وحيد حامد على جوائز وتقديرات عديدة أهمها:

· جائزة أحسن سيناريو من مهرجان فالينسيا السينمائي بإسبانيا عن فيلم (اللعب مع الكبار).

· الجائزة الفضية من مهرجان ميلانو بإيطاليا عن فيلم (الإرهاب والكباب).

· جائزة أحسن فيلم من الصين عن فيلم (اضحك الصورة تطلع حلوة).

· جائزة أحسن سيناريو عن فيلم (معالي الوزير) من مهرجان السينما الأفريقية.

· جائزة أحسن سيناريو عن مسلسل (الجماعة) من مهرجان القاهرة للإعلام العربي.

· جائزة النيل عام 2012 وهي أعلى جائزة تمنحها الدولة.

· جائزة أحسن مسرحية عن مسرحية (آه يا بلد) من وزارة الثقافة، عام 1972.

· جائزة أحسن فيلم عن (ملف في الآداب) من وزارة الثقافة عام 1985.

· جائزة مصطفى أمين وعلي أمين عن فيلم (البريء)، عام 1986.

· جائزة الفارس الذهبي التي تمنحها إذاعة الشرق الأوسط لأفضل كاتب سينمائي من عام 1990 حتى عام 2002 وهي تمنح بناء على استفتاء جماهيري.

· جائزة أحسن كتاب عن كتاب (استيقظوا أو موتوا) من وزارة الثقافة، عام 1994.

· جائزة أفضل مسلسل تليفزيوني (العائلة) من وزارة الاعلام، عام 1994.

· جوائز المركز الكاثوليكي للسينما لأفضل فيلم سينمائي وأفضل كاتب سيناريو أعوام ( 1985 – 1998 – 1999 )

· تكريم من مهرجان دبي السينمائي عام 2017.

· وأخيراً، وقبل وفاته يوم 2 يناير 2021، تم تكريمه قبل شهر فقط بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 42 في ديسمبر 2020 .

رحم الله الكاتب المبدع وحيد حامد بقدر ما أسعدنا وأمتعنا بأعماله الرائعة.

التعليقات