تسارعت الأنباء مع بداية هذا العام المتعلقة بتوترات بين الصين من جانب والولايات المتحدة وبريطانيا واليابان من جانب آخر.
فمن جانب تصاعدت الأزمة بين الصين واليابان حول جزر سينكاكو (أو جزر دياويو حسبما يطلق عليها الصينيون) وهي جزر غير مأهولة تحتل مساحة نحو 7 كيلو مربع تمتد على الجرف القارّي لبحر الصين الشرقي بحيث تبعد حوالي 170 كم شمالي تايوان و حوالي 400 كم غربي أوكيناوا كما تبعد عن جزيرة إشيجاكي اليابانية حوالي 170 كم، وتبعد أقرب نقطة من البر الصيني عن الجزر حوالي 300 كم.
تدعى كل من الصين وحكومة تايوان الانفصالية واليابان ملكيتها لتلك الجزر. وتتبع سينكاكو إداريًا محافظة أوكيناوا اليابانية. وقد شوهدت سفنًا حكومية صينية بالقرب من الجزر بشكل شبه يومي مؤخرًا ودخلت بعضها المياه الإقليمية اليابانية وطاردت قوارب صيد يابانية.
هذا وقد منحت منحت الحكومة الصينية، خفر سواحلها صلاحيات جديدة واسعة للتعامل مع السفن الأجنبية في المياه الإقليمية للبلاد، والتي ترى حكومة الصين الشيوعية سيادتها عليها، من بينها السماح بإطلاق النار عليها.
واعتبارًا من 1 فبراير سيسمح لسفن خفر السواحل بطرد السفن الأجنبية بالقوة واستخدام الأسلحة إذا لم تمتثل تلك السفن.
كما سيمتلك خفر السواحل صلاحية تدمير منشآت شيدتها منظمات أو أفراد أجانب في مياه أو جزر تخضع للسلطة القضائية الصينية.
وتكتسب هذه الجزر أهميتها –بحسب هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي- من قربها من ممرات استراتيجية للتجارة بالإضافة إلى كونها موقعا هاما للصيد ومكانا خصبا برواسب النفط.
والآن فالمشهد قد يزداد تعقيدًا بعد المحادثة الهاتفية التي جرت بين سوجا يوشيهدي رئيس وزراء اليابان، وجو بايدن الرئيس الأمريكي، الخميس الماضي، والتي أكدا فيها على أن البند الخامس من المعاهدة الأمنية اليابانية الأمريكية يشمل جزر سينكاكو. ويلزم هذا البند الولايات المتحدة بحماية الأراضي الخاضعة للسيطرة الإدارية اليابانية. مما يعني مواجهات قد تحدث بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، أو على أقل تقدير، حربًا باردة جديدة.
الحرب الباردة، أمر حذر منه شي جين بينغ في افتتاح منتدى دافوس الاقتصادي، يوم 25 يناير الجاري، موضحًا إنها لا يمكن أن تؤدي إلا إلى طريق مسدود.
ولكن الرئيس الصيني، بحسب وكالات الأنباء، لم يحذر من الحرب الباردة فقط، بل حذر أيضًا المواجهات بشكل عام. ولكن، هل المواجهات ستكون فقط عند جزر سينكاكو؟
تتأهب الولايات المتحدة للمواجهة مع الصين في جبهة أخرى وهي تايوان، حيث أقيم حوار العسكري بين الولايات المتحدة وتايوان، تلاه وصول مجموعة هجومية للبحرية الأمريكية بقيادة حاملة الطائرات “ثيودور روزفلت” إلى بحر الصين الجنوبي في 24 يناير، والذي اعتبرته الصين تدخل خارجي في شئونها. فقامت 15 طائرة صينية، منها 12 مقاتلة، بالدخول القطاع الجنوبي-الغربي من منطقة تايوان.
وحلقت تلك الطائرات فوق المياه الفاصلة بين الجزء الجنوبي من تايوان وجزر براتاس الخاضعة لسيطرتها في بحر الصين الجنوبي.
هذا وقد جددت وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، أمس الجمعة تأكيد دعمها لحق تايوان في الدفاع عن نفسها، مشيرة إلى عدم وجود سبب يدعو لأن يقود التوتر بين تايوان والصين إلى “المواجهة” بينهما.
ويعود ملف تايوان إلى الحرب الأهلية في الصين بين الشيوعيون بقيادة ماو تسي تونغ والقوميون (الكومينتانغ) بقيادة شيانغ كاي شيك. ومع انتصارات الشيوعيون في البر الرئيسي، هرب شيانغ كاي شيك إلى تايوان وأسس حكومة باسم “جمهورية الصين” عاصمتها المؤقتة تايبيه، رافضًا الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية.
تواجه الصين أزمة في فرض سيادتها على هونغ كونغ، حيث استخدمت بريطانيا مواطني هونغ كونغ الحاملين لجواز السفر الوطني البريطاني الخارجي، كورقة ضغط على حكومة الصين، حيث ردت لندن بإعلانها تسهيل منح الجنسية البريطانية لحوالي 3 ملايين شخص من سكان هونغ كونغ.
وابتداء من فبراير المقبل سيكون في مقدور حاملي هذا الجواز، والمؤهلين، أن يعيشوا ويدرسوا ويعملوا في المملكة المتحدة.
جواز السفر الوطني البريطاني الخارجي هو جواز سفر خاص بمواطني أقاليم ما وراء البحار البريطانية. وبحسب قرار المملكة المتحدة فسيُسْمح بحاملي الجواز من سكان هونغ كونغ ومَن يعولونهم، من التقدم بطلب للحصول على تأشيرة السفر الجديدة عبر تطبيق متاح على الهواتف الذكية.
وقامت بريطانيا بذلك الإجراء، ردًا على سن الصين قانون الأمن الذي يمنح القضاء في البر الرئيسي بالتدخل في القضايا التي تحدث في هونغ كونغ، وهو الأمر الذي يتنافى مع معاهدة 1984 والتي بموجبها استعادت الصين أراضي هونغ كونغ عام 1997، في مقابل منحها استقلال ذاتي لمدة 50 عام تبدأ منذ توقيع المعاهدة، والتي ستنتهي عام 2047 .
هذا وقد مُنحت جوازات السفر الوطنية البريطانية الخارجية لكل مواطني هونغ كونغ المولودين قبل استعادة الصين للإقليم عام 1997، وفيما تسمح هذه الجوازات لحامليها ببعض الحماية من قبل الخدمة الخارجية في المملكة المتحدة، فهي لا تمنح حاليا لهؤلاء الحق في الإقامة أو العمل في بريطانيا.
وصعد البريطانيون الموقف، من خلال تعليق اتفاق تبادل المطلوبين مع هونغ كونغ، وتوسيع حظر الأسلحة الذي تم تطبيقه على البر الرئيسي للصين، باعتبار أن بكين تنتهك شروط المعاهدة الصينية البريطانية.
وكانت بريطانيا قد احتلت هونغ كونغ عقب حرب الأفيون الأولى ( 18 مارس 1839م – 29 أغسطس 1842م) وحولتها إلى مستعمرة ملكية، ثم ضمت لها شبه جزيرة كولون وجزيرة نغونغ تشين تشاو، بعد انتصارها في حرب الأفيون الثانية (8 أكتوبر 1856 – 24 أكتوبر 1860)، ثم ضمت لها جزيرة لانتاو في الغرب والمناطق المجاورة للمدينة شمال كولون بموجب عقد إيجار.
ثم أعادت بريطانيا تصنيف هونغ كونغ عام 1983 من مستعمرة ملكية إلى إقليم في ما وراء البحار، وكانت الحكومتان الصينية والبريطانية قد بدأتا بالفعل حينها بمناقشة مسألة سلطة هونغ كونغ، بعد أن بدأ موعد انتهاء عقد استئجار الأقاليم الجديدة يدنو.
وسُمح بالفعل لنحو سبعة آلاف من مواطني هونغ كونغ بالإقامة في المملكة المتحدة منذ يوليو الماضي، بحسب وزارة الداخلية البريطانية.