مازال نزيف الأطباء مستمرا, ومازال اللقاح غائبا, ومعدلات الوفيات بينهم علي أثر الإصابة بكورونا بلغت معدلا غير مسبوق, إذ سجلت النقابة العامة للأطباء, خلال العشرة أيام الأولي من عام 2021, 31 شهيدا بين أعضائها علي مستوي الجمهورية, وارتفع اجمالي عدد شهداء الأطباء إلي 300 طبيب ـ حتي كتابة هذه السطور ـ ما يشير إلي وجود زيادة ملحوظة في أعداد الشهداء من الأطباء خلال الموجة الثانية من الوباء, حيث يتراوح العدد اليومي للشهداء الذين يتم تسجيلهم, لدي النقابة ما بين 4 إلي 5 شهداء. كماتم تسجيل 11 وفاة في الأطباء, خلال 24 ساعة في يوم 12 يناير الجاري, وهو ما ينذر بكارثة في الأطقم الطبية ما لم يتم الحصول علي اللقاح سريعا.
وسريعا هنا تلقينا في دائرة الحيرة, فالوباء أربك العالم كله, ورغم اجتهاد الحكومات في الحصول علي أنصبة عادلة من رنتاج اللقاح, إلا أن الناس في حيرة ومواقفها متباينة تجاه تلقي اللقاح, لكن ذلك التباين لا ينطبق علي الطواقم الطبية, فدفع الضرر مقدم علي جلب المنفعة, لأنهم في الخطوط الأمامية في مواجهة الوباء, وليس لديهم خيار الانتظار للتأكد من فاعلية اللقاح أوعدم ضرره علي المدي الطويل, لأن البديل هو الإصابة بكورونا والتي قد تؤدي إلي الموت.
الأمر الآخر أن اللقاح لا يعمل بشكل فوري عقب تلقي الجرعة, وإنما يحتاج الجسم فترة تتراوح من أسبوعين إلي ثلاث أسابيع لإنتاج أجسام مضادة تستطيع مواجهة الفيروس حال غزوه الجسم ـ طبقا لتصريحات دكتور علاء عوض الأستاذ بمعهد تيودور بلهارس, وهو ما يعني أن البدء الفوري ـ الآن ـ في منح اللقاح للطواقم الطبية لن يكون فعالا إلا في منتصف فبراير فماذا ننتظر؟ هل ننتظر عبور الذروة وفقدان مزيد من الطواقم الطبية؟ وماذا لو استمر معدل الفقد في الأطباء هكذا؟ من سيقوم بعلاج المرضي؟ ستنهار المنظومة الصحية ما لم يتوقف نزيف الأطباء.
والسؤال المشروع الآن هو, لماذا لم يتم توزيع اللقاح علي الفرق الطبية حتي كتابة هذه السطور؟ ففي 1 ديسمبر الماضي وصلت مصر شحنة من لقاح سينوفارم الصيني, وفي 21 ديسمبر الماضي أعلن مستشار وزير الصحة والسكان لشئون الإعلام والمتحدث الرسمي للوزارة الدكتور خالد مجاهد أنه سيتم تسجيل الفئات المستهدفة بتلقي اللقاح, من خلال تطبيق إلكتروني مخصص لهذا الغرض, يشمل التسجيل الأطقم الطبية في مستشفيات العزل والحميات والصدر كمرحلة أولي, وسيتم توفير الجرعات للأطقم الطبية في أماكنهم بالمستشفيات وذلك بعد التسجيل من خلال التطبيق, كما ستتم متابعتهم والتأكد من تلقي الجرعة الثانية بعد 21 يوما.