أنطون سيدهم .. والقضايا الاقتصادية
لقد أخذ سعر الدولار الأمريكي في الارتفاع السريع بالنسبة للجنيه المصري في السوق الحرة -كما يسميها البعض- أو السوق السوداء -كما يسميها البعض الآخر- وهذا ما كان متوقعا, بل إن بعض الخبراء في النقد يتوقعون مداومة ارتفاعه حتي يصل إلي سعر ما كان يظنه أحد.
يقول البعض إن الإجراءات التي اتخذها السيد وزير الاقتصاد, للقضاء علي السوق السوداء, هي التي أدت إلي هذا الارتفاع الجنوني في سعر الدولار, فهذه الإجراءات لم تنه السوق السوداء, وما حلت مشكلة الدولار.. بل أدت إلي قلة المعروض منه بالسوق, وبالتالي أدت إلي ارتفاع أسعاره.
يقول البعض الآخر: إن التحقيقات التي جرت, والمستمرة منذ فترة طويلة مع بعض البنوك وموظفيها وتجار العملات الصعبة هي التي أخافت الكثيرين من المشتغلين في هذه العملية, فأحجموا عن عرض ما لديهم من عملات بالسوق, مما أدي إلي الاستمرار في ارتفاع أسعاره.
كما يقول بعض الخبراء.. إن قوانين وقرارات النقد المتضاربة, والتي تسمح بالاحتفاظ بالعملات الأجنبية المختلفة, والتي تمنع في نفس الوقت بيعها نقدا, بينما تصرح بتداولها عن طريق البنوك, بل أن ما هو قائم ومتبع من بعض شركات القطاع العام من تفضيلها البيع بالدولار النقدي.
حقيقة أن كل هذه العوامل وغيرها من العوامل الأخري, قد أدت إلي الارتفاع السريع في سعر الدولار, وهذا سيؤدي بدوره إلي نتائج خطيرة بالنسبة لزيادة أسعار جميع البضائع المستوردة لبلد يعيش الآن علي الاستيراد, سواء كان مواد غذائية أو مستلزمات الإنتاج وقطع غيار الآلات وغيرها, فسنري في القريب العاجل زيادة في أسعار جميع حاجيات الحياة, فوق ما يكتوي به الشعب حاليا من الأثمان المرتفعة والباهظة لكل وسائل الحياة.
لذا يجب علي الحكومة ألا تقف متفرجة علي هذه المأساة التي ستكوي الجميع بنارها, بل عليها معالجة هذه المشكلة علاجا جذريا, وبكل شجاعة, بعد أخذ رأي جميع الخبراء المتخصصين داخليا وخارجيا, وكذا المؤسسات الدولية المعنية بالأمر كالبنك الدولي, وصندوق النقد الدولي.